تألمت عندما قرأت ما نشر عن جحود ابن الحاجة فكرية البهواشى المشلولة والمقيمة بمدينة «أبو حماد» بالشرقية الذى طلب منها ابنها أن تنزل من سلالم المنزل زحفاً، وبالرغم من ذلك فإن السيدة الفاضلة والأم الحقيقية رفضت اتهام نجلها بشىء فى محضر الشرطة.. لقد ذكرتنى هذه الواقعة بأخرى مماثلة حدثت فى نهاية القرن القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلادى ووُجدت فى مخطوطة قبطية، وهى عن سيدة تُدعى «كوفيانا» بعثت رسالة مؤثرة لابنها غير البار بوالدته قالت له فيها: (إلى ابنى ثيودولوس .. من أمك كوفيانا: التحيات قبل كل شىء، أصلى للإله القدير من أجل صحتك ورخائك .. أود أن تعرف أن التاجر قال لك: «أمك كوفيانا مريضة، وانظر ها قد مرت ثلاثة عشر شهراً، وللآن لم تتفضل حتى بكتابة رسالة إلىً ـ كما كان ينبغى أن تفعل ـ وأنك تعرف أننى عاملتك بعطف أكثر من أبنائى الآخرين، ولم تتكرم عندما سمعت بأننى مريضة بأن ترسل إلىّ أى شىء فى الحال، فكن من الطيبة بحيث ترسل إلىّ عشرة أرطال من الكتان لكى أصنع لك رداءً بقدر ما أستطيع لأننى لا أملك ما يمكننى من أن أصنعه لك، ولتكن طيباً بدرجة كافية ولتجعل لى حصة شهرية من الغلال.. كن طيباً بدرجة كافية يا ولدى «ثيودولوس» ولتشتر ستة أرطال من الصوف الأسود لكى أصنع منه لنفسى عباءة وسوف أرسل لك الثمن، إشتر بأى ثمن كان.. أصلى من أجل رفاهيتك لعدة سنوات».. يا لروعة هذه الأم وكل أم، وستظل الأم أماً حتى وسط جحود الأبناء.
د. مينا بديع عبد الملك
أستاذ بهندسة الإسكندرية
رابط دائم: