رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الخيارات الأربعة

بريد;

فى باريس ليلة الأحد كنت فى طريقى للفندق فوجئت بسكير، وبلا سبب ولا مقدمات قذفنى بأبشع الألفاظ الفرنسية، ففكرت بسرعة، وكان أمامى أربعة خيارات للرد، أولها الفطرى بأن أكيل له اللكمات فى معركة لا أحسب نتائجها مقدما بل قد يتهمنى المارة بأنى الجانى، والثانى هو ان أرد عليه ردا لينا لعله يرتدع، وقد لا يرتدع بل يمضى فى شتائمه حتى يوصلك لباب الفندق، وثالثها أن أنادى أقرب شرطى، ولكنى لم أجد. أى شرطى، فاخترت الخيار الرابع، وهو التجاهل التام حتى مل وانصرف، ووصلت بسلام ونفسى تحدثنى بأن هذه الخيارات هى بالضبط ما تكون أمام الدول يوم المواجهات!

المهم بعد عدة أيام نشب حريق هائل فى مسرح الباتاكلان فى باريس راح ضحيته العشرات فى مشاهد روعت فرنسا والعالم كله، وكان المنطقى أن يكون التفسير ماسا كهربيا نتيجة سيجارة مشتعلة مثلا، ولكن أصابع الإعلام أشارت فى الحال إلى الإرهاب الإسلامى!.. إنه التوتر القلق والشك العميق فى كل ما هو إسلامى، و«الإسلاموفوبيا» التى نجح من يخططون لها فى زرع بذرتها بالعقل والقلب الأوروبي، ويساعد بعضنا بلا دراية للهدف المخطط له، ونعود لتاريخ البشرية فنجد أنه فى كل مراحله لابد من قيام الحروب بين الحضارات، وكأن التاريخ بلا حرب كمباريات الكرة الوديعة بلا روح لا اصطفاف ولا مكاسب.

ولما انتهت الحرب العالمية الثانية بعد ٥٠ مليون قتيل تنفس العالم الصعداء، وتهيأ للسلام ولكن هيهات فقد خلق العالم من الحليف القديم «روسيا» عدوا جديدا، وفى عام١٩٩١ انهار الاتحاد السوفييتى، وبحث العالم فى دفاتره القديمة فاختار الإسلام مجالا جديدا للصراع الحضارى، وهذا ما تنبأ به المؤرخ هنتنجتون، وبدأت أعمال استفزازية مثل كتاب آيات شيطانية، ورسوم مسيئة لرموزنا الغالية فى صحف هولندا وفرنسا وغيرهما، وكانت ردود أفعالنا شعوبا وإعلاما فى كثير من الأحيان (وخصوصا بعد تدمير البرجين اللذين لم نعرف بالضبط من خطط لهدمهما) عنيفة وأدت إلى تنامى هذه الروح العدائية.. إن «الإسلاموفوبيا» ستتجه إلى مسلمى أوروبا مما قد يسبب هجرة عكسية واسعة، والأخطر هو تحويل التطرف المتمثل فى (القاعدة وطالبان وداعش) إلى سلاح لمهاجمة بلاد الإسلام التى تضطر لطلب المساعدة من محتلها القديم ثم تقدم له ثمن الحماية غاليا وهى (حروب حديثة).

ووضح هذا المخطط للجميع وتزايدت أعماله المستفزة، وقبل أن نختار بين «الخيارات الأربعة» علينا أن نقوى جبهتنا الداخلية، ونقدم الوجه الناصع للمسلم القويم القوى، ونلتف حول مخلصينا ثم «التجاهل التام» لمثل هذه الاستفزازات المشبوهة أفرادا وإعلاما، ونتمثل قول عمر بن الخطاب: (أميتوا الباطل بالسكوت عنه ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون)، وقال تعالى«خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين» . (الأعراف 199).

د. خليل مصطفى الديوانى

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق