تستعد مصر للاحتفال بعرس كبير ينطلق فيه موكب ملكى مهيب ينقل 22 مومياء من ملوك الفراعنة منذ سقنن رع حتى الملك مرنبتاح، والملكات منذ نفرتارى زوجة الملك أحمس حتى الملكة نجمت زوجة حريحور، وذلك من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة بالفسطاط بجانب عين الصيرة بعد تطهيرها وتجهيزها، وتم تخصيص 22 عربة مصفحة لنقل المومياوات بالإضافة إلى 17 تابوتا فرعونيا مع ارتداء الزى الفرعونى لقادة العربات، وكأنه موكب جنائزى عاد من عمق التاريخ وسط حضور شخصيات عالمية مع تغطية إعلامية محلية ودولية لنقل أحداثه لحظة بلحظة ليتابعه الملايين الشغوفون بالحضارة المصرية القديمة فى أنحاء العالم وتشجيعا للسياحة للملايين الآخرين الذين لم يزوروا مصر من قبل.
وبعد وصول الموكب الملكى إلى مستقره النهائى يبدأ العرض بالقاعة الرئيسية بالتنويه عن الحضارة المصرية القديمة، وكيف أن تلك الحضارة كانت لها مقدمات فى التاريخ الحجرى قبل بناء الأهرامات، وذلك بعرض هيكل لشاب مصرى منذ 55 ألف سنة .
ونتمنى أن يتابع هذا الحدث النادر كل سكان العالم وخاصّة البعض الذين يريدون أن يسلبوا منّا حضارتنا مثل الملياردير الأمريكى «إيلون ماسك» الذى زعم عن حقد أن كائنات فضائية هى التى بنت الأهرامات، وأن الفرعون المصرى رمسيس الثانى كائن فضائى.. هكذا دون علم أو أسانيد تؤيد أوهامه وجهله، وقد نفى عالم الآثار المصرى د. زاهى هواس هذه الادّعاءات بأن مصر بها 124 هرما أعظمها هرم الملك خوفو، وأنه حتى الآن لم يتم اكتشاف أكثر من 30% من آثار مصر، وأن النسبة الباقية مازالت أسرارها كامنة فى باطن الأرض، وأن إيمان المصريين القدماء بالعالم الآخر هو سبب براعتهم فى كل المجالات وخاصّة بناء الأهرامات التى كانت المشروع القومى للمصريين، وقد أفحمه حواس بالأسانيد والبراهين العلمية بأن الملك رمسيس الثانى مصرى أصيل، وأن الهرم رمز لإله الشمس، وقال إن بناء الأهرامات استغرق 32 عاما منذ الأسرة الثالثة حتى بداية الأسرة الثامنة عشرة.
ولدينا من أعاجيب الآثار الضخمة معبد أبو سمبل إلى مقبرة توت عنخ آمون والمسلات المتجهة إلى السماء، وقد دوّن فيها المصريون تاريخهم كله لحظة بلحظة حتى الأسرة الثلاثين عندما تراجعت حضارتهم، وتشهد كل هذه التدوينات بأن المصريين، هم أحفاد بناة الأهرامات فى سالف الزمان.
وتعالوا لنرى أحفاد الفراعنة النحاتين العظام التى تزخر بهم مصر يمتلكون ميراثا لا ينضب من الجماليات الفنية، وخير مثال لذلك تمثال نهضة مصر للفنان محمود مختار وآخرين مبدعين ممن خلّدوا زعماء الأمة وأدباءها وتاريخها، وها نحن نرى الآن إبداعات الموهوبين وطلبة كليات الفنون الجميلة، وهم يبدعون ويجسدون مشاهير مصر بأدق التفاصيل التى تشمل الضحكة أو اللفتة أو خلجات المشاعر.
د. مصطفى شرف الدين
رابط دائم: