رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كنت اضحك فى حلمى

رؤوف مسعد

استيقظتُ من نومى نشطا على غير العادة. العادة أننى أستيقظ منهكا كأننى مشيت أميالا . استيقظ غاضبا ناقما.

لكن ،هذا الصباح، استيقظتُ نشيطا. مبتهجا .

هاتفت صديقى كمال الذى يقاربنى فى خريف العمر، وقلدت أغنية سعاد حسنى الجو بديع قفل .. قفل، على كل المواضيع.

هو رد مندهشا : اتجننت؟ أو خرفت؟ أو الإثنين سوا ؟

التقينا فى مقهانا المفضل . كل منا طلب مشروبه المفضل .

سألنى قلقا حينما رآنى أسرح مبتسما : مالك ؟

فقلت له آنى بالأمس التقيت بامرأة فى حلمى ؛ وخيل لى أننى أعرفها، وأن بيننا علاقة ما، وتبادلنا القبلات .

قبلات بالجمع ؟ كام قبلة ؟

كثير ..ما حسبتش .

أعرف أنه سيغتاظ، لأن الطبيعة الغامضة حرمته هكذا أحلام،حسب اعترافاته.

فحسب اعترافاته يقول إن أحلامه « مملة «، لعله لا يحب آن تكون أحلامه الليلية محور حديث ؛ فهو شخص «محافظ « حتى فى سلوكه معى . نحن نعرف بعضنا وبقينا أصدقاء منذ أن تعارفنا أى منذ أكثر من أربعين عاما،حينما كنا فى نهاية عشرينياتنا.

قال بقرف مصطنع: حتموت عشان تحكى . ماشى . إحكى ..ومال بظهره إلى مسند الكرسى، وخلع نظارة القراءة ووضعها أمامه وأشعل سيجارة من علبتنا المشتركة، فنحن نتشارك فى شراء علبة سجائر، ليس عن فقر، لكن الطبيب منع كلينا من التدخين، وزوجتانا تراقباننا بعيون لا تنام. وجدنا أن الحل الأمثل هو أن نشترى سويا علبة سجائر ندخن منها بشراهة وما تبقى من السجائر نهديه للجارسون .

لماذا نتشارك إذن فى ثمن العلبة ؟ السبب أننا، هو وأنا، نقوم بأفعال فى معظم الأحيان لا تفسير لها، حتى عندنا.

حكيت : كنت نائما لوحدى كعادتى فى السنوات الأخيرة (ملحوظة : هو يعرف أنى استقليت بغرفة والزوجة بغرفة أخرى . ليس عندنا أولاد) ووجدت نفسى فى مكان أحسست بأننى أعرفه، لكن ليست معرفة محددة .ثمة لغط لأصوات بشرية، لكننى لم أر أصحابها.

فجأة ظهرت سيدة تصغرنى كثيرا فى العمر..

قاطعنى : تقريبا عمرها كام سنة ؟

أجبته : يمكن بين الأربعين والخمسين

تعرفها؟

خُيل إلى أننى اعرفها لأننا وقفنا نتحادث .

حول إيه ؟

مش فاكر.

تمدد أكثر فى جلسته وبان الاشمئزاز على وجهه . أشار بيده آمرا ؛ أكمل، فأكملت ..

حكيت كيف أننا اثناء الحديث وجدتنى أقبلها وتبادلنى القبلات .

ضحك ساخرا وقال : أجساد البغال وقبلات العصافير

أكدت متعمدا : أكثر من قبلة ..قبلات

فجأة ظهر الاهتمام على وجهه واختفى الاشمئزاز.تلفت حوله حذرا وهمس « وبعدين؟ «

أعرف ما يقصده، لكننى أبطأت،متعمدا الوصول إلى « بعدين «، لأن إغاظتى له جزء من متعى البريئة القليلة فى عمر كهذا..

قلت : فى الحقيقة حينما كنا نقبل بعضنا اختفت السيدة فجأة كما ظهرت .. بعدها بدقائق استيقظت من النوم فى ساعات الفجر الأولى . عرفت ذلك حينما نظرت إلى المنبه على الطاولة بجوار الفراش .. دقاته تساعدنى على النوم أحيانا.. قبل أن تختفى قلنا شيئا ما وأخذت أنا فى الضحك ثم اختفت هي.

قلت له ما حدث بالدقة كيف ضحكتُ وكيف اختفت هي.

سأل

هى ما ضحكتش ؟

أجبت صادقا : مش فاكر.

أحسست بالأسى، فحتى فى عالم الأحلام الافتراضى، أجدنى محروما من «ما بعد» القبلات. التى كثيرا ما استمتعت بـ «ما بعد» هذه أيام المراهقة، وما تلاها.

بقينا أنا وهو على مقعدينا فترة صامتتين. هذه أيضا عادة تعودناها فى السنين الأخيرة، قلة الحديث وكثرة الصمت.

كنت أخمن سؤاله المقبل وأحاول آن أجد إجابة له ولسؤاله. أعرف أن حالا كحالتى هذه تصيبه بالقلق والتوتر . والسبب أنه غير سعيد الآن - مثلى أيضا - أى فى السنوات الأخيرة

أنا شايف أن حلمك غريب ..

سألته « ما هى الغرابة فيه «؟

أجاب بعد أن فكر هنيهة بأنه لا يعرف سبب الغرابة بل اعترف أن ما قاله عن الغرابة خرج من فمه بدون تفكير.

يحدث هذا كثيرا لكلينا.

من بعيد لمحت سيدة مقبلة. وضعت نظارة المشى على عينى، وتبينت أنها زوجته. أحسست بقلق غريب . هو لم يقل إنها قادمة. همست له : زوجتك.

فتلفت مندهشا، ليجدها مقتربة منا .تسير بثقة وعلى وجهها المليح ابتسامة صغيرة .

وقفت أسلم عليها. كانت تعلق على كتفها حقيبة نسائية أنيقة من جلد النمر .

ارتعبت.

فسيدة الحلم كانت أيضا تعلق على كتفها حقيبة نسائية من جلد النمر . أتذكر هذا جيدا لأننى سألتها إذا كانت لا تعرف أن فى الغرب حركة قوية معادية لاستخدام جلود الحيوانات غير المستأنسة، تحسبا لانقراضها .

أجابت بأنها تعرف ذلك، لكنها أيضا تستمتع بالصيد بكافة أنواعه. أضافت أحب أن أصيد الرجال وأصنع الحقائب من جلودهم . ثم قهقهت هى وتبعتها أنا..

كان هذا لحظة اختفائها النهائي.

صحت .. خرجت صيحتى مختنقة .لأستيقظ مرة أخرى وأنا أتصبب عرقا .

………

( هذه تجربة كتابة خاصة بى وجديدة على وهى كتابة «أحلامى و مناماتى « وهذه واحدة منها

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق