أنا ابنة وحيدة على ثلاثة بنين، وأبى وأمى كل حياتى، وقد رفض والدى أن أدخل كلية خارج محافظتنا، فالتحقت بكلية أخرى، ورضيت بالأمر الواقع، وبدأت مشكلتى الحقيقية عندما صممت والدتى أن أتزوج ابن أختها، فردّ عليها أبى: «هتشوفى من اخواتك اللى عمرك ما شفتيه»، لكن والدتى صممت على إتمام الزواج، ومنذ خطبتى وجدته ضعيف الشخصية أمام إخوته، وحدثت بيننا مشكلات لا حصر لها، ومع ذلك تزوجته، وتعرضت للضرب والإهانة على يديه، وكلما شكوت لأمى تقول لى: «استحملى».
ومرت سنوات، ومرض ابنى فى العاشرة من عمره، وتركنى أبوه أتردد على الأطباء وحدى، وذات يوم شكوت لحماتى، وهى خالتى، فإذا بها وبنتها تضربانى بشدة، وألقيا بى وبأولادى فى الشارع، وذهبت إلى بيت أبى، بل إنهما لفقتا تهما وقضايا ضد إخوتى.
لقد تدهورت صحتى، وتعبت من كل شىء حولى، وقد أصيب أبى وأمى بجلطة فى المخ، وأنا الوحيدة المسئولة عنهما، وقد نفد صبرى، وخارت قواى، ولا أدرى ماذا أفعل؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
من الحموات من تقسو على زوجة ابنها وتعاملها معاملة لا ترضاها لابنتها؛ وقد تكون هذه الحماة قد عوملت معاملة قاسية من حماتها فى الماضى (كزوجة)؛ فيكون انطباعها عن العلاقة بين الزوجة والحماة هى المعاملة التى لاقتها هي.
والأصل أن الأسرة شركة تتكون من أفرادها جميعاً، وكلهم مسئولون عن استقرارها وبث روح التفاهم فيها، والأنماط الشخصية تختلف من فرد لآخر، وما لا يقبله هذا ربما يقبله ذاك، والأصل أن يكون هناك رصيد إيمانى فى قلوب هؤلاء الأفراد، يكون مرجعاً لهم عند ظهور بوادر أى مشكلة.
فالزوج لا بد أن يضع فى اعتباره رضا أمه، وليعلم أن رضاها مقدم على كل رضا، وليسعَ إلى ذلك ما استطاع سبيلاً، ولكن فى الوقت نفسه لا يكون ذلك على حساب زوجته ومعاملتها وإشعارها بمكانتها فى مملكتها التى كانت تحلم بها منذ أن كانت طفلة.
والزوجة من ناحيتها يجب أن تضع فى اعتبارها إرضاءها لزوجها وأنه أحق الناس بطاعتها له، ولتعلم أن إكرام أهله ووالدته بصورة خاصة وتحملها من أهم أسباب إرضاء الزوج وانشراح صدره؛ وهو ما ينعكس على تعامله معها؛ فإذا وجد سوء معاملة من والدته فإنه سيكون حريصاً على إصلاحه وعلى جبر خاطر زوجته.
ولتضع هذه الزوجة فى اعتبارها نفسية أم الزوج وفارق السن والمكانة وشعورها بأنها أخذت منها فلذة كبدها.. كل هذا يدفعها للتحمل والصفح عن بعض ما يواجهها من مشكلات. ولتعلم أنها ذات يوم ستكون حماة لزوجة ابن، الله أعلم بها وبأخلاقها؛ فلتتق الله فى حماتها، ولتعلم أنها كما تدين تدان.
وهذه همسة فى أذن الأم أن تراعى ظروف ابنها وزوجته، وأن تعمل على إسعادهما واستقرارهما، وأن تستوعب زوجة ابنها بعقلها وقلبها الكبير، ولتتق الله فيها حتى يرزق الله ابنتها بحماة تتقى الله فيها.
وإذا شعر الزوج بسوء معاملة من أهله لزوجته ولم يستطع التأثير عليهم؛ فليعوض هو زوجته بأن يغدق عليها مشاعر العطف والحب والحنان التى تشعر معها باطمئنان، وأن لها من تركن إليه إذا ضاقت بها الدنيا، أما إذا وجد الزوج أن علاقة زوجته بأمه أصبحت متوترة ولا سبيل لتحسينها فليحرص حينئذ على إبعاد زوجته عن أمه والفصل فى العلاقة بينهما إلا فى الضرورات.
هذه هى القاعدة العامة للتعامل بين الزوجات والحموات، ولكنى ألاحظ غياب زوجك التام، إذ لم تذكرى عنه شيئا، وأرجو أن يراجع موقفه، وأن يدرك تبعات تركه زوجته وأبناءه بلا رعاية، ثم إنى أساله كيف يسمح بالتدخل غير المقبول فى حياتكما، وإيذائك؟، وتلفيق القضايا لإخوتك؟.. منتهى الفوضى والتعنت، فمهما تكن أسباب الخلاف فلا يعقل أن تصل إلى هذا الحد.
أرجو أن يصحح زوجك أخطاءه القاتلة، ويضع حدا لهذه المهاترات، وعليه أن يبنى علاقة طيبة بينك وبين أهله، خصوصا وأنتم أقارب، وليدبر الله أمرا كان مفعولا.
رابط دائم: