رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مع قدوم الشتاء ..إنقاذ التجمع والقاهرة الجديدة من الغرق

تحقيق ــ عبير الضمراني
سيناريوهات غرق الطرق فى الشتاء يمكن تجنبها بإجراءات بسيطة - تصوير ــ محمود مدح النبى

  • عمل فتحات فى الشوارع مملوءة بالزلط تسمح بتصريف المياه للتربة

 

ثلاثة أعوام متتالية مع دخول فصل الشتاء تهطل الأمطار بغزارة شديدة وتتسبب فى غرق منطقتى القاهرة الجديدة والتجمع الخامس، مما يؤدى ليس فقط إلى شلل تام فى حركة المواطنين، بل وأيضا فى حوادث مميتة لغرق أشخاص أو صعقهم بالكهرباء أو غيرها، فضلا عن البيوت والفيلات التى تندفع إليها مياه الأمطار لتدمرها، وتأتى على كل ما فيها مما يجعل سكان هذه المناطق يعيشون حالة من الهلع والخوف، ويتعرضون للخطر والخسائر الفادحة سواء فى بيوتهم أو سياراتهم أو أرواحهم .. وقد لوحظ أن هناك عدة نقاط محددة تتراكم فيها المياه كل مرة بكميات كبيرة وتتسبب فى شلل تام لحركة المرور.

«الأهرام» فى هذا التحقيق تقدم بعض الحلول العلمية والعملية وغير المكلفة التى يمكن من خلالها أن تصبح هذه المناطق آمنة هذا العام من وجهة نظر الخبراء.

فى البداية، يوضح د.عباس الزعفرانى ــ أستاذ التخطيط العمرانى وعميد كلية التخطيط الإقليمى والعمرانى بجامعة القاهرة سابقاً ــ أن منطقة القاهرة الجديدة والتجمع تقع فى مناطق مخرات سيول وتتقاطع مع واديين وهما الوطواط والحلزوني، والأخير هو الأصعب لأنه كبير يتقاطع مع شارع التسعين ومحور محمد نجيب، هو واد كبير، وكل مياه الأمطار التى تهطل على المنطقة تتراكم فى المناطق المنخفضة لمنسوب الوادي، حيث إن المياه تجرى فى الشوارع فى محاولة للوصول إلى أكثر نقطة منخفضة لتستقر فيها.

ولمن لا يعرف فإن القاهرة الجديدة ترتفع من ناحية الجنوب ناحية العين السخنة، وتنخفض عند طريق السويس وترتفع من ناحية الشرق عند العاصمة الإدارية حتى الدائرى عند الميراج، وتعتبر أكثر المناطق انخفاضا تلك الموجودة عند تقاطع الطريق الدائرى مع طريق السويس ويبلغ منسوبها نحو 170مترا، ودائما مياه الأمطار تحاول الوصول لهذه النقطة من جميع الشوارع، شارع يناول الآخر لتتجمع وتستقر بها فى النهاية.

ويوجد هناك طريق خدمة يمنع سريان المياه، ولكن عندما تزيد تستمر فى الارتفاع فوق الرصيف حتى تعبر للطريق الثانى وهو ما يتطلب كسر البردورة لتجرى المياه بعيدا. 

ومع زيادة التوسع العمرانى تم إنشاء طريق الإسماعيلية الصحراوى والسويس، والطريق الصحراوي، والدائري، هذه الطرق الثلاثة منعت سريان المياه، حيث كانت فى البداية الطرق منخفضة الارتفاع فوق الرمال ومع التطوير أصبحت مناسيبها عالية تتراكم فيها المياه، فضلا عن أن الطريق الدائرى يرتفع نحو 4 أمتار يحجز المياه، كما تم بناء عدة منشآت تقطع أسوارها خط سير المياه مثل أسوار الميراج وأكاديمية الشرطة.

والمياه ليس أمامها إلا طريقان، إما أن تسير فى مجراها الطبيعى وإما أن تتشرب فى باطن الأرض، لأن الشوارع لا يمكن أن تتحمل كمية المطر التى تهطل وقت السيل. تلك المياه التى كانت فى البداية تتجه إلى ترعة الإسماعيلية وإلى مصرف الرشاح فى عين شمس وكان هو مصرف السيل لكل المناطق الصحراوية للقاهرة ويحمى الأرض الزراعية بالمرج والخصوص،

تقاطع التسعين ونجيب

ويشير د.عباس الزعفرانى إلى أن المشكلة الكبرى تحدث عند تقاطع شارع التسعين مع محور محمد نجيب وتتطلب عدة حلول عملية واقتصادية فى الوقت نفسه، ومن ضمنها كسر الجزر حتى تجرى المياه إلى التسعين الشمالى ومنطقة البنفسج، فالمياه إما تتجه إلى مسارها الطبيعى أو تتشربها الرمال وتأخذها لباطن الأرض، وليس أبدا تصريفها فى شبكات الصرف الصحى لأنها لا تستوعب مياه الأمطار الغزيرة إلى جانب مياه الصرف، خاصة أن الصرف فى هذه المنطقة يعمل بالرفع بواسطة طلمبات لتجميع مياه الصرف من خارج القاهرة الجديدة بمحطة معالجة الصرف الصحى قرب العاصمة الإدارية الجديدة حتى أكاديمية الشرطة، وبالتالى لايمكن العمل على هذا الحل.

ولكن يجب أن نعمل على أن ينزل المطر فى باطن الأرض لأن المدينة مرتفعة المنسوب والمياه الجوفية بعيدة والتربة رملية ومسامية مما يمكنها من استيعاب ثلث حجم المياه، فكل متر فى العمق يستوعب 30 سنتيمتر مياه، وهو يعتبر أقل من مياه المطر بهذه المنطقة، وبهذا يمكن تخزينها كمياه جوفية فى باطن التربة، وهو حل آمن وسريع وغير مكلف ماديا ولا يحتاج لشبكة أمطار ولا صرف صحى ولا غيرها.

 ولكى يتم تنفيذ هذا الحل يستلزم عمل ثقوب أو فتحات فى الأرض بالمناطق التى تتراكم فيها الأمطار بعمق 50 سنتيمترا وقطر الفتحة (حسب عرض الشارع ) 20 أو 30سم، ويتم ملؤها بزلط كبير تمر من خلاله المياه، كما يمكن للمشاة السير عليه حتى لا نعوق حركة السير إن وجدت، وأنسب مكان لهذه الفتحات فى الجزر الوسطى بحيث يكون هناك مناطق منخفضة عن الشارع من 1 إلى 10سم، ويتم خلع البردورة بعرض الرصيف حتى يمكن أن تجرى المياه فيها، وعندما تقابل الزلط تتسرب منه إلى باطن الأرض، هذا حل بسيط وغير مكلف ماديا وصيانته سهلة.

آبار للتصريف

إذا لم يكن كل هذا كافيا يمكن عمل آبار التصريف، والبئر عبارة عن ماسورة بها عدة ثقوب تنزل رأسية فى التربة لتتسرب إليها المياه ومنها إلى باطن التربة، وهذا يمكن تنفيذه عند تقاطع شارع التسعين مع محور محمد نجيب، كما يمكن عمل آبار حقن بحيث يتم ضخ المياه إلى التربة بواسطة طلمبات، ويمكن تركيب هذه الطلمبات قبل هطول الأمطار (منعا لسرقتها) لتأتى سيارات الشفط تسحب المياه وتضخها فى البئر  بدلا من أن تأخذها لأماكن بعيدة، والتى غالبا ما تتعثر بسبب تكدس السيارات.

ويفضل ألا نترك المياه تجرى فى شوارع التجمع، بل يجب اللحاق بها فى بداية طريقها من عند الجامعة الأمريكية بإنشاء مطب صناعى خفيف وواسع ميله هادئ عرضه مثلا 6 أمتار يمنع من 5 إلى 10 سم مياه، مع إنشاء بردورة توجه المياه للجزيرة الوسطي.

وبالنسبة للمناطق المنخفضة الارتفاع يمكن عمل حديقة أمطار بها مصاطب ومدرجات تستخدم للجلوس طوال العام وأسفل النجيلة الزلط. 

الفيلات والأدوار الأرضية

وبالنسبة للفيلات والبيوت فى الدور الأرضى التى تغرق كل مرة ويتعرض ساكنوها للخطر وكثير من الخسائر فلديهم عدة حلول:

ـ تركيب طلمبة ترفع المياه لشبكة الصرف الصحى ولكن هذا الحل لن يجدى فى حالة انقطاع الكهرباء

ـ إنشاء بئر لتجميع المياه فى حديقة المنزل أو الشارع المجاور لسحب المياه من البدروم للبئر وهذا يحتاج لطلمبة بالكهرباء أو بطارية أو مولد كهربائى أو الجاز. 

ـ تركيب صمام عدم ارتداد (بلف) بعد موتور المياه لمنع ارتداد المياه فى المواسير، وهو ما يحدث إذا أغلقت أو سدت ماسورة مياه الصرف. 

ـ المطر الذى يهطل على سطح المنزل لابد من تركيب مزراب يلقى بالمياه على الحديقة.

ـ أما فى البدروم فمن الممكن عمل حفرة بعمق 5 أمتار مغطاة بزلط لتتسرب إليها المياه ويمكن أن توضع البيارة فى اشتراطات البناء.

ـ كما يمكن عمل مطب صناعى قبل منحدر الجراج أو البدروم يبدأ من منسوب الرصيف ليرتفع الممر نسبيا ثم يعود لينحدر لأسفل حتى تحتجز المياه خلف هذا المطب.

ولقد أصبح من الضرورى العودة إلى الإنترلوك (الطوب المتداخل) بدلا من السيراميك والرخام والبلاط والخرسانة المصبوبة، فهذا الطوب أسفله رمل ولا يمنع تسرب المياه إليها، ولهذا نجده فى معظم مدن العالم، وإنتاجه سهل جدا وأرخص من الأسفلت.

غرق الأنفاق

ومن ضمن نقاط الغرق التى تتسبب فى شلل حركة المرور هى الأنفاق التى تتحول إلى بركة ماء وتنزلق إليها السيارات لتظل غارقة فى هذه البركة، ولحل هذه المشكلة يطرح د.الزعفرانى طريقتين لمعالجتها:

أولا: يجب منع المياه التى تجرى فى الطريق من النزول إلى النفق من البداية بعمل مطب واسع وعريض كالموجة، وثانيا:عمل صرف بالعرض وبلاعات على مواسير وطلمبة نزح ترفع المياه إلى مواسير الصرف (ولابد من وضع نظام إدارة طوارئ لتجنب التأخر فى فتح دولاب الطلمبة من خلال الحي) 

اقتصادات هندسية

د.عماد نبيل استشارى الطرق والنقل يقول إنه مما لا شك فيه أن الطرق تتدهور نتيجة تراكم المياه وعدم القدرة على سحبها، فضلا عما يتعرض له المواطنون من أخطار وخسائر، وفى جميع دول العالم يتم تصريف مياه الأمطار بطريقتين: إما عن طريق شبكة صرف أمطار وتستعمل فيها مواسير خاصة ولكنها تظل فارغة طوال العام وتمتلئ فقط عند استخدامها وقت نزول الأمطار، ولذا فهى غير مجدية فى الدول غير الممطرة، ولكن تلجأ إليها المدن التى تهطل عليها الأمطار طوال العام، وبالتالى فهو حل غير اقتصادى بالنسبة لمدينة القاهرة، حيث إن متوسط عدد أيام الأمطار يتراوح ما بين 10 و12 يوما فى العام بكثافات مياه ليست غزيرة، وما حدث هذا العام من أمطار غزيرة بكثافة كبيرة لا يتكرر إلا كل 50 عاما،علما بأن المدن الساحلية بمصر مثل بورسعيد ومرسى مطروح يتراوح عدد أيام نزول الأمطار بها ما بين 22 يوما و30 يوما.

أما الحل الثانى فهو أن تشترك مياه الأمطار مع مياه الصرف الصحى فى شبكة واحدة مثلما يتم فى مدن الجنوب والصعيد وغيرها.

أما فى القاهرة الجديدة والتجمع فهناك نقاط منخفضة تتجمع فيها المياه، ولذلك لابد من عمل دراسة لهذه النقاط وبحث طرق ربطها بشبكة الصرف الصحي.

لافتا النظر إلى أنه لا يمكن تقييم شبكة الصرف على ما حدث أخيرا من أمطار غزيرة، لأن هناك ما يسمى عواصف ممطرة، والعاصفة التكرارية منها المعتادة التى تحدث كل 10 سنوات وغيرها كل 25 سنة، وهذه هى التى يتم التصميم على أساسها، أما العنيفة فتحدث كل 50 عاما.

إعادة مسار

دكتور أشرف إسماعيل خبير هندسة هيدرولوجيا البيئة يرى أن المشكلة يمكن حلها فى ثلاث نقاط، الأولي: أن يتم عمل دراسة هيدرولوجية لمنطقة التجمع والقاهرة الجديدة تحت مسمى حماية من السيول تبين كيفية تجمع وتراكم مياه الأمطار.

الثانية: يتم دراسة «مياه أمطار العاصفة» بمعدل عال فلابد من وضعها وتحديدها مثل التى تمت فى العاصمة الإدارية أما النقطة الثالثة فهى ضرورة حساب متوسط كمية الأمطار التى هطلت على المناطق أخيرا ومعدل تكرار الأمطار الغزيرة مع وضع طلمبات قوية تقوم بسحب المياه خارج المنطقة، ومن الممكن أن يتم هذا من خلال شبكة أمطار وبالطبع تستلزم حفرا فى الطرق وإنشاءات وتكلفة مادية أو من خلال شبكة الصرف الصحي، تجدر الإشارة إلى أن هناك نوعين لشبكة الصرف الصحى وهما فردى أو مزدوج أى متعدد الوظائف، وهو ما يمكن عمله بجعل شبكة الصرف الصحى فى هذه المناطق مزدوجة تستوعب مياه الأمطار.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق