-
مساحته 33 فدانا ويضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية ومخطوطات وتحفا نادرة
فى المتحف القومى للحضارة المصرية يجرى الآن العمل على قدم وساق من أجل إخراج هذه التحفة المعمارية إلى النور ليتم افتتاحه قريباً لعرض تراث مصر النابض بالحياة والذى يربط الماضى بالحاضر حيث يضم مجموعة ضخمة من القطع الأثرية، التى تتراوح ما بين آثار ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث.
يقع المتحف على مقربة من العديد من المواقع الأثرية ليكمل النسيج التاريخى الفنى للمنطقة بأكملها، حيث يطل على بحيرة عين الصيرة ذات المياه الكبريتية الطبيعية وعلى قلعة صلاح الدين الأيوبى ويحتل موقعا إستراتيجيا فى قلب الفسطاط أول عاصمة إسلامية لمصر.
ويعد المتحف أحد مشروعات وزارة الآثار بالتعاون مع منظمة اليونسكو حيث إنه أول متحف مخصص للحضارة فى العالم العربى، وهو مركز ثقافى متكامل ويفتح ابوابه أمام الباحثين والعلماء والزوار ويمثل منصة جذابة للحوار وتبادل المعرفة والثقافة ، يقع المتحف على مساحة 33 فدانا ونصف الفدان ويضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية تحكى المراحل المختلفة لتطور الحضارة المصرية القديمة بالإضافة إلى عرض تراث المصرى القديم فى شتى مجالات الحياة حتى وقتنا هذا ويحتوى على صور فوتوغرافية ومخطوطات ولوحات زيتية وتحف فنية وآثار من العصور المختلفة الرومانى والفرعونى والحجرى والقبطى ويطل المتحف على بحيرة طبيعية عادت إليها الحياة فعادت الروح من جديد إلى متحف الحضارة.
«تحقيقات الأهرام» قامت بجولة فى المتحف والتقت بعدد من المسئولين عن المشروع ، فى البداية يقول الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف القومى للحضارة المصرية، إن المتحف يسمح للزوار من مختلف الخلفيات بالارتباط بسهولة بالمقتنيات والقطع المعروضة مع الحصول على فهم أعمق للثقافة المصرية فى بيئة جذابة ، ورفع الوعى ومعرفة التاريخ المصرى ، مع توفير بيئة تعليمية شاملة من خلال مراكز البحث والحفظ المعترف بها دوليا ، ويضم مجموعة ضخمة من القطع الأثرية تغطى الفترات الزمنية الكاملة للتاريخ المصرى وتشمل قاعة العرض الكبرى المركزى التى تسلط الضوء على تطور الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ مرورا بالحقب الفرعونية واليونانية والرومانية القبطية الإسلامية حتى العصر الحديث.
المومياوات الملكية
ويوجد قاعة جديدة وهى «قاعة المومياوات الملكية» حيث تضم العديد من مومياوات ملوك مصر الفرعونية وتم تصميم القاعة كنموذج مصغر لمقابر وادى الملوك، كما يوجد قاعة متحف العاصمة والتى تعد إطلالة بانورامية خلابة على جميع معالم القاهرة سوف تستقبل الزوار بالعروض التى ترصد ملامح العواصم المصرية عبر التاريخ.
دائم ومؤقت
أما قاعات العرض الدائم فتغطى مختلف الأنشطة الرئيسية للثقافة والحضارة المصرية ، بجانب قاعة العرض المؤقت التى سوف تستضيف معارض متنوعة تعبر عن التراث الثقافى العالمي، ويضيف الدكتور أحمد غنيم : تم تجهيز المتحف بالمرافق المختلفة التى تخدم رسالته ليقدم البرامج التعليمية والترفيهية والثقافية وتشمل المرافق مركز الحفظ الذى يضم مجموعة غنية من معامل الترميم والورش التى تقدم التدريب ومنصات البحوث للدراسات التاريخية والأثرية ويحتوى المتحف أيضا على مركز تعليمى ومخازن ومكتبة وقاعات للاجتماعات والمحاضرات ومسرح مفتوح وسينما ومنطقة تجارية إلى جانب عدد من المقاهى والمطاعم التى تطل على ضفاف البحيرة .
مبانى المتحف
وتقول الدكتورة إيناس جمال نائب رئيس هيئة المتحف القومى للحضارة المصرية إن المتحف يتكون من مبنيين رئيسيين هما مبنى المتحف ومبنى الاستقبال ، بالاضافة الى جراج للسيارات وجراج آخر للأوتوبيسات وهناك مبان خدمية مثل مبنى محطة الكهرباء والتكييف ومبنى الموزع الكهربائى للمتحف وغرف الأمن وأماكن انتظار سيارات العاملين بالمتحف، بالإضافة إلى أن الموقع العام للمتحف يتضمن الحدائق وأماكن العرض المتحفى المكشوف والمسرح الرومانى والمنطقة المحيطة بالمصبغة الأثرية وأيضا شاطئ بحيرة عين الصيرة حيث إن هناك رؤية مستقبلية له تتضمن العديد من الأنشطة الثقافية والترفيهية وتبلغ مساحة المبانى 96 ألف متر مربع منها مبنى الاستقبال الذى تبلغ مساحته 31 ألفا و375 متراً مربعاً ويتكون من ثلاثة مستويات المستوى الأول المركز التجارى يشمل 42 محلا ومعرضا و دار سينما بعدد مقاعد 332 مقعداً والجراجات عبارة عن جراج للسيارات الخاصة بسعة 400 سيارة على مساحة 11 ألفا و700 متر مربع وجراج لحافلات النقل الجماعى بسعة 45 حافلة على مساحة 6700 متر مربع والمستوى الثانى يتضمن قاعة محاضرات بها 187 مقعداً وقاعة مؤتمرات بها 51 مقعداً والفصول التعليمية (عدد 5 فصول) وقاعة استقبال للأطفال ومطعما وكافيتريا والمستوى الثالث هو المدخل الرئيسى ويتضمن مسرحاً بسعة 486 مقعداً بالصالة والبلكون ومطعم للوجبات الخفيفة ومتجرا لبيع الهدايا ومكتب استعلام ومكتب تذاكر دخول المتحف وجناحا لكبار الزوار .
مبنى صالات العرض المتنوعة
ويشتمل مبنى المتحف على بدروم ومنسوب الخدمات العلوى ثم منسوب قاعات العرض الدائم والمؤقت ودور الميزانين ويشمل أيضا قاعات عرض بإجمالى مسطح يبلغ 21 ألفا و 977 متراً مربعاً والبدروم يحتوى على مخازن للآثار وتبلغ مساحة مخازن الآثار وعددها 11 مخزنا حوالى 7 آلاف و 462 متراً مربعاً ويوفر المتحف حلولا لمشكلة تكدس الآثار وتخزينها حيث تم استغلال المساحات المتاحة فى مناطق الخدمات فى الدور السفلى للمتحف لتكون مخازن للآثار حيث يتم تخزينها بأحدث الأساليب العلمية ومزودة بنظم التحكم فى درجات الحرارة والرطوبة النسبية ونظم التأمين الالكترونى الحديثة ونظم مكافحة الحريق غير المؤثرة على الآثار (الاطفاء بالضباب المائى للآثار غير العضوى والاطفاء بغاز الانرجين المخمر للحريق وذلك للآثار العضوية وهو غاز صديق للبيئة) وتستخدم هذه المخازن أيضا كقاعات لعرض الآثار المخزنة للمتخصصين لتمكنهم من الدراسات الخاصة بهم وتضم منطقة المخازن ومخازن للآثار العضوية ومخازن للآثار غير العضوية مخازن للتراث ومخزنا للقطع الأثرية النفيسة , وبالمتحف أيضا معامل لورش الترميم وتبلغ مساحة هذه الورش حوالى 2984 متراً مربعاً وتعتبر من أحدث معامل وورش الترميم على مستوى العالمى حيث تضم أحدث أنواع الأجهزة والتقنيات الحديثة فى مجال صيانة وترميم الآثار المعروضة .
المومياوات بالأبعاد الثلاثية
ويقول الدكتور مصطفى عطاالله أستاذ الآثار المصرية القديمة: لأول مرة سوف يشاهد جميع الزائرين بالمتحف هنا وجود المومياوات وبجوار كل واحدة جهاز 3D. وهذا الجهاز يبين حياة المومياء وفى أى زمن عاش صاحبها وسبب الوفاة إذا كان بطريقة طبيعية أو قتلت فمن هنا سوف يشاهد الزائر مكان القتل سواء كان فى رأسه أو جسده من خلال أحدث تقنية يشاهدها الزائر ويعرف تاريخ المومياء وعمرها وحالة الجسد.
وهذا واضح فى مومياء رمسيس الثالث لأنه قتل بمؤامرة من زوجته وبالفعل قد عثر بالمومياء عن طريق «3D» «سكان» على بعض رءوس السهام فى داخل الجسد وهذا ليس عرضا للآثار فقط إنما يظهر هذا المتحف ثقافة الشعب.
ويتدخل فى الحديث الدكتور مختار الكسبانى الأستاذ بكلية الآثار بجامعة القاهرة وأحد مؤسسى المتحف قائلا: إن الشعب المصرى على مر العصور شعب متدين وأن الشعب المصرى فى عهد الفراعنة ليس شعبا وثنيا إنما كان يعرف الإله الواحد وكان موحدا بالله من قبل أخناتون ولم يسجد لصنم قط وكانت لهم صلواتهم أشبه كثيراً بما يحدث لصلاة المسلمين من حيث الركوع والسجود.
الحج فى أبيدوس
ويضيف : وجدنا المصريين القدماء يرتدون رداء أبيض مثل لباس الإحرام ويذهبون للحج عند أبيدوس وأن الحضارة المصرية القديمة منذ 8 آلاف سنة، منها 6 آلاف قبل الميلاد وألف سنة بعد الميلاد, فعمر الحضارة المصرية القديمة 8 آلاف سنة.
و يقطع الحديث مصطفى عطاالله قائلا: توجد قاعة كبيرة للعرض المتحفى متميزة بها مجموعة من الآثار التى تعرض بطريقة غير تقليدية من أسرات مختلفة وهناك أدوات للعصور ما قبل التاريخ وهى حضارة الإنسان الأول بالإضافة إلى العصور التاريخية الأخرى التى بها الملوك والرؤساء وهدف المتحف التواصل فى الحضارة المصرية، وهذا يظهر فى أزياء البدو. والهدف من المتحف هو التواصل بين الأجيال القديمة والحديثة بينما يقول الكسبانى : إن المتحف يضم نخبة من كبار العلماء والمتخصصين فى جميع أنواع العلوم والفنون سواء فى الآثار أو الاجتماع أو الفنون الشعبية أو الجيولوجيا وقامت الفكرة على إنشاء متحف لتصوير الحياة فى مصر منذ أن تكونت الأرض المصرية إلى عصرنا الحديث وهذه الفكرة تبنتها اليونسكو باعتبارها المسئولة عن رصد الحضارات.
من جانبة يشير على السيد طه مقرر سيناريو المتحف : يتوسط المتحف بحيرة طبيعية «عين الصيرة» ذات مياه كبريتية فقد تكونت هذه البحيرة بفعل تدفق المياه الجوفية من الخزان الجوفى العميق أسفل المنطقة عن طريق الفوالق والشروخ الصخرية وبفعل الضغط المتزايد.
وتبلغ مساحتها حوالى 26.6 فدان وتقع وسط المشروع وتحيط بها كل أراضى المشروع ، ويوجد حول البحيرة العديد من الكافيتريات ذات الطابع الخاص لتعطى شكلا جماليا للسائح أو القادم للزيارة بصورة مبهجة ومفرحة ويوجد بالموقع مصبغة أثرية تعود للعصر الفاطمى تم اكتشافها عام 1930 وهى الوحيدة بمصر وقد شيدت بالطوب الأحمر وتتكون من مجموعة من الأحواض والخوابى التى كانت تستخدم فى صبغة النسيج.
تاريخ المتحف
يقول الدكتور مختار الكسبانى إن المتحف يقع بالقرب من حصن بابليون الأثرى بمدينة الفسطاط وتعود فكرة بنائه إلى عهد الملك فاروق فى الفترة ما بين 1938 و1949 ولإصرار الملك فاروق على تشييد متحف مشابه لمتاحف أوروبا يقوم على توثيق الحضارات المصرية القديمة، فقد توقف المشروع بسبب قيام الحرب العالمية الثانية ، ولكن بعد مرور أعوام عديدة تجددت فكرة إنشاء المتحف عام 1982 بعد حملة دولية قادتها منظمة اليونسكو لإقامة المتحف القومى للحضارة وبعد مرور أعوام وقع الاختيار على الموقع الحالى وبدأت عملية البناء والحفر عام 2000 وتم وضع حجر الأساس فى 2002 وانتهى البناء عام 2005 ولكن منذ عامين فقط عادت الحياة تدب داخل المتحف من جديد ليصبح المقر الرئيسى الذى يوثق جميع الحضارات التى مرت على مصر ، ويتضمن المتحف قاعة العرض المؤقت التى تبلغ 1000 متر مربع ، وتحت عنوان الحرف والصناعة عبر العصور تعرض أهم الأدوات والمقتنيات الأثرية المتعلقة بحرف صناعة الفخار والنسيج والخزف والتجارة والحلى، وهذه القطع الأثرية تقدر بنحو 332 قطعة أتت من المتاحف المختلفة بالإضافة إلى مجسمات حديثة تشرح شرحا تفصيليا المهن المصرية القديمة التى أوشكت على الاندثار.
ويضيف الدكتور مختار الكسبانى: يوجد بالمتحف 5 قاعات منها معرض رئيسى دائم وهو يعرض أهم إنجازات الحضارة المصرية مع ستة معارض فرعية تغطى فجر الحضارة: النيل والكتابة، والمعتقدات والثقافة والأفكار والمجتمع، ويتضمن المتحف مساحات مؤقتة واسعة للعرض وقاعة ومركزا للتعليم والبحث، فضلا عن معرض متعلق بتطور مدينة القاهرة الجديدة وسيكون بمثابة مكان لمجموعة متنوعة من المناسبات مثل عرض الأفلام والمؤتمرات والمحاضرات.
رابط دائم: