رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. بهجت قرنى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية لـ «الأهرام »: «فقراء البيض» قاعدة ترامب الانتخابية .. والأقليات والشباب والنساء سيصوتون لبايدن

أجرى الحوار ــ هانى عسل
د. بهجت قرنى

ظروف السن قد تجبر المرشح الديمقراطى على الاكتفاء بولاية واحدة .. وكامالا قد تخلفه فى الرئاسة

 

 

 

بعد فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا عام 2016، توقع حدوث أزمات وصراعات غير مسبوقة فى الولايات المتحدة، تصل إلى درجة الحرب الأهلية.

توقعاته أثارت جدلا، ولكنها تحققت نسبيا على أرض الواقع، وبخاصة فى احتجاجات السود خلال العام الحالي.

والآن، يرى أن التنبؤ بنتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 أمر صعب جدا، رغم استطلاعات الرأى التى ترجح كفة المرشح الديمقراطى جوزيف بايدن.

ما هى أهم القضايا التى ستحسم نتيجة هذه الانتخابات، وكيف ستؤثر نكبة كورونا على النتائج النهائية، وما هو موضع السياسة الخارجية من هذا السباق، وكيف سيكون شكل العلاقات المصرية الأمريكية فى حالة فوز هذا أو ذاك؟.

هذا ما نحاول التعرف عليه بمزيد من العمق والتخصص من خلال حوارنا مع الدكتور بهجت قرنى أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.

فى البداية كان السؤال: استطلاعات الرأى ووسائل الإعلام الأمريكية تتوقع فوز بايدن، ألا ترى أن الإعلام الأمريكى ومؤسسات قياس الرأى العام تكرر نفس خطأ عام 2016، عندما توقعت فوز هيلارى كلينتون، وفاز ترامب؟

التنبؤ صعب بنتائج الانتخابات هذه المرة، وقد اطلعت على نتائج 14 استطلاعا فى الفترة من أغسطس إلى أكتوبر، واحد منها فقط توقع فوز ترامب، والباقى يتوقع فوز بايدن بفارق ما بين 8 نقاط و16 نقطة، واندهشت كثيرا، لأننا يجب أن نكون حريصين أكثر من ذلك، وأعتقد أن هذه أمنيات أكثر منها توقعات وحقائق، وهناك أسماء كبيرة تسير فى هذا الاتجاه، مثل فريد زكريا الذى تنبأ فى الواشنطن بوست عام 2016 بفوز هيلاري، وهو الآن يتمنى فوز بايدن!

ما سبب هذه النتائج إذن؟

منهجيا، استطلاعات الرأى ربما تتعامل مع أشخاص لا يقولون الحقيقة، أو مع ناخبين سيغيرون آراءهم، وشخصيا أرى أن قاعدة ناخبى ترامب أقوى بكثير فى تعصبها وتمسكها برأيها من أنصار بايدن،، وبخاصة فى جنوب الولايات المتحدة، وفى المناطق الريفية فى الوسط الأمريكي، وفى أوساط المتشددين دينيا، بل إن من بين هؤلاء من يقود ميليشيات مسلحة مستعدة للدفاع عن ترامب، وبعضها لديه أسلحة متطورة.

ولكن ترامب يعانى تراجع شعبيته بالفعل؟

ترامب شخصيته منفرة إلى حد كبير، فلديه مشكلات تتعلق بالفساد، وعدم سداد ما عليه من ضرائب، و16 امرأة اتهمنه بالاعتداء، ولكنه بالنسبة لبعض الأمريكيين هو الأفضل، لأنه وفر كثيرا من المال وفرص العمل، وبخاصة بعد الرسوم التى فرضها على الصين وسياساته مع الناتو وأوروبا وحلفائه التقليديين، ورفضه إرسال قوات للخارج، كل هذه جوانب إيجابية بالنسبة للمواطن الأمريكى البسيط.

اتفاقيات السلام الأخيرة بين دول عربية وإسرائيل، هل سيكون لها دور فى دعم فرص ترامب؟

نبالغ كثيرا فى قوة اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة، فهو لوبى منقسم أصلا، وبعضه ضد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، والليكود، وبيرنى ساندرز نفسه كان يهاجم إسرائيل رغم كونه يهوديا، ولكن ترامب يغازل الجماعات الدينية المتشددة وليس اللوبى اليهودى فقط، لأن الديمقراطيين لديهم أيضا لوبى يهودي، ووصول بايدن للحكم لا يعنى أى تغيير فى دعم إسرائيل، ربما سيحاول عمل بعض التوازنات.

تحدثوا فى أمريكا أخيرا عن تأثير للوبى الموالى لتركيا، وربما للإسلام السياسي، على حملة بايدن تحديدا، ما رأيك؟

يجب أن نفصل هنا عن اللوبى التركى والإسلامي، فعلاقات ترامب بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان جيدة رغم التجاذبات التى حدثت وتحدث، ولكن بالنسبة للإسلام والمسلمين، هناك بالفعل اعتراض كبير على سياساته حيال منع مسلمى بعض الدول من دخول الأراضى الأمريكية، كما أن آراءه عن المسلمين عامة سلبية، وهذا جزء من شخصيته العنصرية، بل إنه فى إحدى تغريداته تهكم على أصول أوباما الإسلامية والإفريقية وقال عنه «باراك حسين أوباما»، وما يحدث فى فرنسا مثلا يرسخ فكرة الأمريكيين عن علاقة التطرف بالإسلام للأسف.

كيف سيكون تأثير أزمة كورونا على نتيجة الانتخابات؟

هناك حقيقة مؤكدة، وهى أن حملة ترامب الانتخابية كانت تركز على المكاسب الاقتصادية التى حققها للبلاد، مثل تقليل البطالة وخفض الضرائب، وزيادة الاستثمارات، فهذا هو رصيده الأقوي، ولكن كورونا أثرت على هذا الرصيد، فلم يعد قادرا على تأكيده والحديث عنه، فقد استهتر بتأثير كورونا، وهو ما قاله للصحفى بوب وودوارد فى كتابه، حيث برر ذلك بأنه لم يكن يريد أن يصيب الأمريكيين بالرعب، ولكن النتيجة كانت إصابة 7,5 مليون أمريكى ووفاة 222 ألفا بكورونا، وهناك مخاوف من وفاة 200 ألف آخرين قبل نهاية العام الحالى وحده، ولا شك فى أن سياسة ترامب حيال كورونا تصب فى مصلحة بايدن الذى قال فى المناظرة الأخيرة إنه يقترح زيادة الفحوص الطبية على الأمريكيين لاكتشاف المرض، ولكن ترامب أيضا رد عليه بقول يروق للأمريكيين العاديين، وهو أن الغلق والخسائر الاقتصادية ستكون كبيرة، والدواء يجب ألا يكون أثقل وأكثر ضررا من الداء، ويؤيد هذا الكلام وجود مظاهرات أمريكية ضد الغلق، فترامب أدار الأمر بذكاء، لأنه مس مصالح الأمريكيين العاديين، فضلا عن أنه أدان الصين، عندما وصف كورونا بالفيروس الصيني، بل إنه أحسن استغلال إصابته هو شخصيا بالمرض، فقال إنه أصيب بالفيروس وشفى منه وأصبحت لديه حصانة!

احتجاجات السود هذا العام، هل ستوجه دفة النتائج صوب بايدن؟

ترامب قال شيئا غريبا فى المناظرة الأخيرة، قال «أنا أقل الحاضرين عنصرية»، وهذا غير صحيح، فهو يؤيد الجماعات العنصرية، حتى وإن أعلن غير ذلك، فسلوكياته كلها تؤكد عنصريته، وبالتأكيد، جماعات الأقليات العرقية، وبخاصة الأمريكيين من أصول أفريقية ستصوت أكثريتهم ضده، ولكن فى الوقت نفسه، جماعة ترامب ومن يتبنون نفس أفكاره يؤمنون أيضا بأن الأفارقة يمارسون العنف أيضا، وبالجريمة المنظمة، ولديهم ما نسميه العنصرية المضادة، وفى كل الأحوال، الاستقطاب زاد كثيرا فى ولاية ترامب، وأخشى بعد إعلان النتائج أن يحدث نزاع مسلح داخل المجتمع، وبخاصة إذا جاءت متقاربة أو غير واضحة، وتيار ترامب بالفعل لديه ميليشيات وتستعد وتخزن السلاح، ولهذا نتذكر أن ترامب حاول جاهدا أن يستخدم قوات الشرطة والحرس الوطنى والجيش من جانب السلطة الفيدرالية، عندما أرسلهم إلى الولايات التى شهدت احتجاجات عنيفة هذا العام، وعلى الرغم من أن هذا جائز قانونيا، فإنه ليس من المحبذ استخدامه بحكم العرف والممارسة اللذين يتيحان للولايات المختلفة حل مشكلاتها الأمنية بنفسها، وأدى ذلك إلى توتر داخلي، وأنا شخصيا أتخوف من «الكابوس» الأمريكى بعد الانتخابات بسبب هذه الأجواء.

وماذا عن انتخابات الكونجرس؟ وانتخاب نائب الرئيس؟ هل يمكن لمعركة نائب الرئيس أن تحسم معركة الرئاسة هذه المرة؟

نحن ننسى دائما أن هناك انتخابات شديدة الأهمية لانتخاب أعضاء مجلس النواب، والتجديد لثلث أعضاء «الشيوخ»، ونتائج هذه الانتخابات مهمة جدا لأنها ستبين لنا هل سيكون هناك توافق وتناغم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، أم سيكون هناك صدام، الإعلام الخارجى لا يتحدث عن هذه الانتخابات كثيرا، رغم أن نتائجها ستشكل السلوك الأمريكى العام بعد الانتخابات، أما بالنسبة لصراع «النائب»، فأقول «نعم»، كامالا هاريس أضافت قوة كبيرة لبايدن، فهى امرأة، وصغيرة السن، ومثقفة، وممثلة للأقليات، فوالدتها هندية ووالدها من الكاريبي، ويتم إعدادها بالفعل لتكون الرئيسة القادمة للبلاد، لأن بايدن فى حالة فوزه الآن، سيكتفى بولاية واحدة، لأن سنه ستكون 81 عاما عام 2024، وغالبا لن يعيد ترشيح نفسه، بينما مايك بينس لم يظهر تأثيره، وبقى فى الظل حتى الآن.

أين تقع السياسة الخارجية فى ترتيب القضايا الانتخابية هذه المرة؟ هل فى مرتبة متأخرة كالعادة؟

يجب عدم المبالغة فى أهمية السياسة الخارجية بالنسبة للناخب الأمريكي، فمثلا فى المناظرة الأخيرة ركزت على ست قضايا، ولم يكن هناك بند صريح تحت مسمى «السياسة الخارجية»، ولكن تم التعرض لها تحت بند «الأمن القومي»، وهو ما يهم الناخب الأمريكي، نعم، قد تكون ذات أهمية للبعض فقط، ولكن بالنسبة للمواطن العادي، السياسة الخارجية ليست من أولوياته، ولذلك عندما تم التطرق لقضايا الأمن القومي، تم تناول موضوعات مثل العلاقات مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران.

هل ستؤثر مواصفات شخصية ترامب أو بايدن على فرص نجاح أى منهما؟

مواصفات الرئيس تكون لها أهمية عند الأمريكيين فقط عندما يتم تهميش المؤسسات، وهذا ما يحدث عبر التاريخ، وهذا هو ما فعله ترامب فى ولايته الأولي، فترامب فى نظر كثير من الأمريكيين فاسد، لا يدفع الضرائب، زير نساء، همش المؤسسات، يدير البلاد بطريقة عائلية، فابنته وزوجها هما أكبر مستشاريه، ولذلك، أتوقع ألا تصوت له السيدات، ولا الأقليات، وبخاصة الأفارقة، ولا الشباب، وهناك ناخبون جدد أو مترددون سيصوتون ضده حفاظا على سمعة أمريكا، بدليل أن آخر الإحصائيات تقول إن 50 مليون أمريكى شاركوا فى التصويت المبكر وهذا رقم قياسي، يفوق بنسبة 116% نسبة الإقبال على التصويت المبكر فى عام 2016، ولكن من سيصوت له هم «فقراء البيض»، وأكرر أن قاعدته الشعبية لن تمس كثيرا، أما بايدن فالأقليات والشباب سيقفون معه بالتأكيد، ولكن أكثر من سيصوت لبايدن سيفعل ذلك عقابا لترامب أولا، فبايدن نفسه ليس شخصية كاريزمية، وحتى الديمقراطيون أنفسهم منقسمون بشأنه.

هناك تخوف من شكل العلاقات المصرية الأمريكية فى حالة وصول الديمقراطيين وبايدن إلى السلطة، هل تتفق مع ذلك، وبخاصة بعد ما كشفته رسائل هيلارى كلينتون؟

فترة أوباما كانت فترة توتر فى العلاقات المصرية الأمريكية، لأن الأمريكيين لم يكونوا مقتنعين بفكرة بقاء رئيس كبير فى السن، ويمكث فى الحكم 30 عاما، وإقصاء جماعات معينة، فهذه هى عقلية الأمريكيين، ولكن الوضع حاليا تغير، فمبارك غير موجود، والإسلام السياسى وصل للحكم وفشل، وما أعرفه أن بايدن لديه نحو ألفى باحث فى مجال أبحاث العلاقات الخارجية، وبالتأكيد ستقول تقاريرهم وأبحاثهم إن الوضع فى مصر الآن مختلف عما شاهده بايدن فى أيام أوباما، وأنه لابد أن يتكيف مع هذه الأوضاع، ولكن سيكون موضوع الديمقراطية وتعريف حقوق الإنسان خلافيا، سواء مع بايدن أو حتى مع ترامب، لأن هناك ضغوطا أيضا على ترامب فى هذا الإطار.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق