تحتفظ منطقة الشرق الأوسط بأهمية كبرى دوما لدى ساكن البيت الأبيض، ليس فقط حفاظا على مصالح بلاده السياسية والاقتصاية الكبرى فيها، لكن نظرا إلى كم الشراكات الاستراتيجية التى تربط الولايات المتحدة بدولها، والتى تفرض بدورها ضرورة الحضور الدائم والانخراط فى أزماتها. ورغم اتفاق المرشحين الحاليين للرئاسة الأمريكية سواء الجمهورى دونالد ترامب أو الديمقراطى جو بايدن على مبدأ الانسحاب العسكرى من المنطقة، غير أن الاختلاف الواضح بينهما يبقى فى كيفية التطبيق أو بمعنى آخر بدائل الانسحاب، وشكل الشراكات المستقبلية مع الحلفاء فى المنطقة، بما ينسجم ومصالح الولايات المتحدة فيها.
وخلال فترة ولايته الأولى، أصدر ترامب أوامر بسحب القوات الأمريكية من بؤر الصراع فى الشرق الأوسط، سواء فى سوريا أو العراق وليبيا، معتبرا أن قرار نشرها بالمنطقة كان «أكبر خطأ» فى تاريخ بلاده. وأكد ترامب فى كثير من المناسبات أن أمريكا لعبت خلال العقدين الماضيين دور الشرطى فى الشرق الأوسط، وأصبح الآن على دوله حماية نفسها بنفسها. واعتبر إعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووى مع إيران فى ٢٠١٨، بمثابة تأكيد على استمرارية الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، خاصة مع إعلان مقتل الجنرال الإيرانى قاسم سليمانى فى غارة جوية أمريكية فى يناير ٢٠٢٠.
كما اعتبر الرئيس الأمريكى إعلان القضاء على تنظيم داعش الإرهابى فى العراق وسوريا إنجازا كبيرا لإدارته، بالإضافة إلى إعلانه كذلك مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادى على يد قوة خاصة من الجيش فى سوريا . أما الإنجاز الأكبر المحسوب للرئيس الأمريكى، فهو الاختراق الكبير الذى حققه ترامب مع إعلانه مطلع العام الجارى2020 «خطة السلام» للشرق الأوسط، وما أعقبها من إعلان كل من الإمارات والبحرين توقيع اتفاقيتى سلام مع إسرائيل فى أغسطس وسبتمبر الماضيين، وهو ما وصفه الرئيس الأمريكى بأكبر إنجاز دبلوماسى منذ 40عاما.
فى المقابل، فإنه وعلى الرغم من عدم الوضوح الكامل لرؤية بايدن تجاه قضايا المنطقة، لكنه يبقى من المؤكد سعيه إلى استعادة إرث الرئيس السابق باراك أوباما، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووى الإيراني. وصرح بايدن بأنه إذا التزمت إيران بتعهداتها المنصوص عليها فى الاتفاق، فإن الولايات المتحدة ستعود للعمل به، إلى جانب الشركاء فى أوروبا والأطراف الدولية الأخرى.
أما فيما يخص قضية السلام، أكد المرشح الديمقراطى دعمه لحل الدولتين، مع استمرارالالتزام الأمريكى بضمان أمن إسرائيل، إلى جانب الإبقاء على قرار ترامب فى 2018نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ويتفق المرشح الديمقراطى كذلك مع سياسة خفض القوات الأمريكية فى المنطقة، على أن يقتصر دور المتبقى منها على مساعدة الحلفاء فى مواجهة التنظيمات الإرهابية، التى تشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة.
فى العموم، فإن رؤية كلا المرشحين تجاه قضايا المنطقة تبدو متقاربة فى خطوطها العريضة، خاصة فيما يتعلق بعدم الانخراط عسكريا فى بؤر الصراعات، والتركيز على مكافحة ومحاربة الإرهاب. لكنه يبقى أيضا أن سياسة إدارة ترامب الحالية فى الشرق الأوسط تعد أكثر وضوحا فى التطبيق وتحقيق الأهداف، ذلك على خلاف الواضح حتى الأن من تصريحات منافسه، التى من المؤكد أن محاولة تطبيقها سوف تصطدم بالعديد من التحديات، بل وربما تضر بمصالح بلاده وحلفائها
رابط دائم: