رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الجامعات .. وجع فى «قلب» العالم

شريف سمير

التعليم كالماء والهواء ..صارت الجملة قانونا طبيعيا يحكم إرادة الشعوب فى تحصيل العلم وبناء الإنسان، وفلسفة التعليم فى أى مرحلة عمرية تستند إلى الاتصال المباشر مع المدرس أو الأستاذ الجامعي. ولم ينجح أى سلاح عسكرى أو صراع سياسى فى تجريد البشر من حق التعليم المشروع، إلى أن ظهر فيروس كورونا - الضئيل حجما والجبار فعلا - ليحرم التلميذ من حصص المدرسة ويعتقله بمنزله بحثا عن بدائل للحصول على الخدمة التعليمية. أما طالب الجامعة فنصيبه من المحنة يستدعى الانتباه وحسن التصرف!.

وتتصاعد المخاوف من الموجة الجديدة العنيفة لتسونامى «كورونا» فى الشتاء، وتضطر الجامعات والمدارس فى كثير من دول العالم إلى تمرير خطة «التعليم عن بُعد» عبر الإنترنت تحسبا لقرار الإغلاق الشامل المتوقع. ورغم الاحترام والتقدير لمزايا التعلم الإلكترونى من اختصار الوقت والجهد وضمان سلامة الطلبة، إلا أن التحديات الخاصة بمشاكل الفجوة الرقمية فرضت حالة من الرفض وعدم الاقتناع بجدوى التعليم بواسطة هذه الآلية.

ولأن القناعات والمبادئ شىء، والواقع شىء آخر. فلم تجد بعض الجامعات العالمية بكل شهرتها وباعها التاريخى مفرا من اتباع أسلوب التعليم الإلكترونى كخيار وحيد حرصا على مصلحة وأمان طلابها. وأعلنت جامعة كامبريدج البريطانية عن تقديم جميع محاضراتها عن بُعد على الأقل حتى صيف ٢٠٢١، تزامنا مع مبادرة جامعة ستانفورد الأمريكية، لعرض مزيج من المحاضرات على الإنترنت وداخل الحرم الجامعي. وتواجه بعض جامعات بريطانيا المخضرمة مثل أوكسفورد وكامبريدج وكلية لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية أزمة قبول «أعلى الدرجات» من الطلبة الوافدين من المرحلة الثانوية، فهى ملزمة باستقبال طلاب أكثر مما توقعت. وتسعى جامعات أخرى للخروج من مأزق تدابير التباعد الاجتماعي، وتنظيم قاعات المحاضرات وأماكن السكن بقدرة مخفضة. وبفقدان ما يقرب من ثلث الطلبة المسجلين  تفقد الجامعة موردا اقتصاديا مهما يضخ الملايين فى ميزانيتها السنوية.

ومع سياسة إغلاق الحدود، قد يغيب الطالب الأجنبى «الكنز» عن ساحة الحرم الجامعى فى بريطانيا، لتتكبد الجامعات خسارة طلبة الصين والشرق الأوسط، الذين يمكن أن تصل رسومهم السنوية إلى ٥٨ ألف جنيه استرلينى فى العام، خصوصا وأن المؤشرات تنذر بعزوف ٧٠ ٪ من الطلبة الأجانب عن السفر خارج أوطانهم بما يشكل «كارثة اقتصادية» تضرب عرش أعرق الجامعات.!.

أما العقل الفرنسى فقاده التفكير إلى تطبيق «لاكسيال» ونشره فى جميع أرجاء العالم خاصة أوروبا وإفريقيا، لينقل خريطة «التعليم الأخضر»، بتخصيص برامج قادرة على مساعدة المدارس والجامعات على التواصل المستمر مع الطلبة وأولياء الأمور بهدف تشجيع الإدماج أثناء الحجر الصحي. وظهر الحل الفرنسى كوسيلة علاج مؤقتة للتغلب على ظرف عدم الحضور المباشر وإنقاذ قارب «التعليم الجامعى» من الغرق ولو بسد الثقوب!.

ويمتد نزيف الفواتير الباهظة لأسوار الجامعات الأمريكية عندما تتوقع جامعة ميشجن الأمريكية وصول خسائرها إلى مليار دولار بنهاية العام الحالي، بينما تتوقع جامعة هارفارد عجزا فى العائدات يبلغ ٧٥٠ مليون دولار خلال العام المقبل. وكشف خبير اقتصادى بجامعة كاليفورنيا عن تراجع إيرادات الجامعات والكليات من الفصول الدراسية والطعام والمكتبات فى الحرم الجامعى، بالإضافة إلى التذاكر الرياضية وتذاكر حضور الفعاليات المختلفة وما شابه ذلك، موضحا أن التحول إلى التدريس عبر الإنترنت يتطلب استثمارات كبيرة فى المعدات وخدمات الدعم الفنى.

وتنبأ خبراء أستراليون بتوقف انتقال الطلاب إلى الدراسة فى الخارج، خصوصا مع تدهور العلاقات السياسية بين الصين والغرب مؤخرا، ويمثل الطلبة الصينيون ما يقرب من ٢٠ ٪ من عدد الطلاب الذين يدرسون بالخارج، ليصبحوا «ورقة مساومة» رابحة لتهديد استقرار كيانات ومؤسسات تعليمية تعتمد بالدرجة الأولى على بعثات الأجانب. فى البداية، استهدف الفيروس الجهاز التنفسى فرقد اقتصاد العالم فى غرفة الإنعاش. ويتجه الآن إلى قلب المريض بتعطيل شريان «التعليم» الذى يجدد الدماء والحياة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق