رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

‎تحدى الوحش.. وشبح عصور الظلام

رشا عبدالوهاب

فى عام 2000، تبنى العالم «إعلان الألفية» تحت مظلة الأمم المتحدة من أجل تحقيق أهداف التنمية فى الألفية الثالثة، والتى تضمنت ثمانية أهداف، من بينها القضاء على الفقر والجوع، الالتحاق بالتعليم الابتدائي، تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتقليل معدل وفيات الأطفال. لكن العالم كان على موعد مع مصير من نوع آخر فى 2020، فقد قلب كورونا كافة الموازين السياسية والاقتصادية وحتى العلمية، مثل وحش أسطوري، حمل العالم إلى حافة فجوة زمنية تشبه العصور الوسطى حيث انتشر الجهل وسادت الخرافات. ويبدو أن الأطفال والمراهقين كانوا على خط المواجهة مع الوباء الذى لا يرحم. فقبل تفشى كورونا، كان العالم يحاول معالجة أزمة التعليم، حيث يعيش 53٪ من الأطفال فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل فيما يعرف باسم «فقر التعليم» غير قادرين على قراءة وفهم نص بسيط فى سن العاشرة. وبحسب البنك الدولي، فإن فقر التعليم يقيس عدم قدرة الأطفال على إتقان القراءة.

‎وفى 2018، بلغ عدد الأطفال حول العالم الذين لا يتلقون حقهم الأساسى فى التعليم حوالى 258 مليون طفل، لكن فى ظل تفشى كورونا بلغ عدد الأطفال خارج المدرسة حوالى 1٫2 مليار خشية تفشى العدوي. وفى كل من العالمين المتقدم والنامي، فإن المدارس يتم التعامل معها ليس فقط كأماكن لتلقى العلم، ولكن كشبكات أمان للأطفال تحفظ لهم توازنهم العلمى والنفسى والعقلي. ومع ذلك، فقد هدم الوباء الحالى فكرة المدرسة كشبكة للأمان، مع وضع قواعد مختلفة للوقاية مثل ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعى والإغلاق المتوقع فى أية لحظة. ويضع إغلاق المدارس فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ضغوطا إضافية على أنظمة التعليم فى الدول النامية والناشئة، والتى تكافح من أجل توفير ما يسمى «جودة التعليم» للجميع. وأشارت مفوضية التعليم، وهى مبادرة دولية تشرف عليها الأمم المتحدة تم إطلاقها فى 2015 بدعوة من كل من رئيس وزراء النرويج ورؤساء مالاوى وإندونيسيا وشيلى والمدير العام لمنظمة اليونسكو، إلى أن الإنفاق على التعليم فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل يجب أن يزيد على الضعف بين عامى 2015 و2030 من حوالى 1٫25 تريليون دولار إلى 3 تريليونات.

‎وتواجه الدول التى تعتمد على التجارة والسياحة والصادرات النفطية خطورة عالية حيث سيكون من الصعب عليها الاعتماد على الموارد المحلية، فقد تراجع سعر برميل النفط، على سبيل المثال من 63 دولارا للبرميل فى أوائل يناير إلى أقل من 20 دولارا، وهى صدمة كبيرة للدول الشابة، التى يرتفع فيها نسبة الشباب، مثل تيمور الشرقية ونيجيريا. وهناك دول أخرى فى هذه الفئة تراكمت عليها الديون خلال السنوات الأخيرة، مما جعلها عرضة للصدمات الاقتصادية. والمفارقة أن إنفاق الأسر على التعليم الخاص فى الدول الفقيرة يبلغ 38% مقابل 19% فقط فى الدول الغنية، وهو ما يضطر العائلات الفقيرة إلى القيام بجهود استثنائية لدعم أطفالهم فى المدارس. وإذا أدى الركود الناجم عن تفشى فيروس كورونا إلى فقدان الوظائف والدخل، فيجب مراعاة حماية الأسر الفقيرة، وحمايتها من المعضلة المأساوية المحتملة للاختيار بين التسرب من التعليم من أجل توفير النفقات أو العمل أو الزواج المبكر حتي. إن الفوز بالمعركة الطويلة سيتطلب حماية أو حتى مواصلة زيادة تمويل التعليم عبر مصادر محلية ودولية، ورغم سعى الكيانات الاقتصادية الكبرى مثل مجموعات السبع أو العشرين وحتى المؤسسات مثل البنك الدولى التدخل من أجل تخفيف العبء عن كاهل الدول الفقيرة، إلا أنه حل مؤقت. فمن المتوقع، فى أفضل السيناريوهات، أن يؤثر الفيروس على الدول الغنية والفقيرة ويدخلها فى أزمات وتحديات وركود غير مسبوق، وهو ما سيؤثر على ميزانياتها أيضا للخدمات الأساسية. ويتطلب الفوز فى التحدى الطويل جهودا كبيرة من جانب الحكومات لحماية الإنفاق على التعليم ووضعه كأولوية على قائمة ميزانيتهم، وكذلك الأمر بالنسبة للمانحين الدوليين، ولابد من وضع التفكير الإبداعى كأولوية عبر توسيع برامج الدعم الاجتماعي. وتحولت العديد من المدارس إلى استخدام التكنولوجيا كبديل للتدريس داخل المدارس، وكشف التعليم أونلاين عن الفجوة الرقمية الصارخة حتى داخل الدول الكبري. وفى 2019، حذر برنامج الغذاء العالمى من أن ما لا يقل عن 310 ملايين طفل فى هذه الدول يحصلون على التغذية المدرسية، كمصدر الغذاء الرئيسى لهم. ومع إغلاق المدارس، يواجه هؤلاء الأطفال خطر المجاعة وسوء التغذية. كما يفقد الأطفال التفاعل الاجتماعى مع أصدقائهم، وهو ما يمثل خطرا على صحتهم العقلية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق