رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جونسون ..وفيروس «الانقسام» البريطانى

‎ دينا عمارة

«ودعوا أحباءكم», ربما كان هذا هو الخطاب الأكثر رعبا على الإطلاق الذى أدلى به بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطانى مع بدء تكشير فيروس كورونا المستجد عن أنيابه فى مارس الماضي، وقتها حذر جونسون من أن «الأسوأ لم يأت بعد» وأنه يجب على الجميع الاستعداد لمواجهة عدو مجهول, ولم تكد تمر أسابيع قليلة على هذا الخطاب «المحزن» حتى وجد جونسون نفسه داخل العناية المركزة يحارب لالتقاط بعض أنفاسه للبقاء على قيد الحياة.

لاشك أن إصابة جونسون بكوفيد 19, منحت شعبيته المتدنية دفعة طفيفة, فقد أشارت استطلاعات الرأى وقتها إلى ارتفاع نسبة التأييد له من 54% نهاية مارس إلى 60% بعد تعافيه فى أبريل الماضي. ومع ذلك, فإن هذا الارتفاع لم يدم لأكثر من بضعة أسابيع, ليجد جونسون نفسه ربانا لسفينة «غارقة», يحاول عبثا الوصول إلى بر الأمان وسط رياح تمرد عاتية, ليس فقط من خارج حزبه ولكن من الداخل أيضا.مؤخرا، كشف «الشجار العائلي» داخل حزب المحافظين الذى يتزعمه جونسون، عن تدهور كبير فى شعبيته. فبعد تسعة أشهر من قيادة الحزب إلى فوز ساحق فى الانتخابات العامة، أظهرت استطلاعات الرأى أن رئيس الوزراء خسر الدعم داخل حزبه نتيجة تعامل حكومته «الفوضوي» مع أزمة كورونا، وما تبعها من قيود إغلاق أثارت سخط البريطانيين. وهو ما غذى الشعور بين النواب المحافظين بأن «داوننج ستريت» يفقد السيطرة، حتى بدا فى كثير من الأحيان وكأن الحكومة «ترفع أصابعها فى الهواء لتحدد فى أى اتجاه تسير الرياح». وهذه، على حد وصف تشارلز ووكر نائب رئيس لجنة 1922 للنواب المحافظين والموالى بشدة لرئيس الوزراء، ليست طريقة مستدامة للتعامل مع أمور الحكم.

وعمد جونسون-56 عاما-إلى تغيير سياساته تجاه الإغلاق أو التخلى عنه دون سابق إنذار، وسواء كان هذا النهج عمدا أو حدث عن طريق الصدفة، فإن مناخ عدم اليقين الذى خلقه أدى إلى تمرد داخل حزبه، ما دفع أعضاءه للتهديد بالتصويت على إجراء يلزم الحكومة بالحصول على موافقة البرلمان قبل تمرير أى قيود إغلاق أخرى فى المستقبل. ورغم نجاح جونسون فى وقف هذا التمرد سريعا من خلال منحهم رأيا أكبر فى فرض أى قيود مستقبلية، لكن السخط تجاه سياساته لم يختف.

مؤخرا، بدا جونسون للجميع كشخص «غير واثق» من قواعده الخاصة بشأن التباعد الاجتماعي، ومنفصلا عن تفاصيل مفاوضاته بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي, وفوق كل ذلك, مصابا بالوهن بسبب تداعيات إصابته السابقة بكورونا -رغم تحديه الدائم بأنه يتمتع بصحة جيدة- بل ومثقلا بهموم رئاستة التى لم تسر على النحو المرجو. فجاء أداؤه «ارتجاليا» على حد وصف بعض الخبراء، وربما هذا ما منح المعارضة فرصة أكبر لكسب أرضية جديدة. ففى استطلاع جديد للرأى، فقد المحافظون تفوقهم الكبير على حزب العمال المعارض فى غضون 5 أشهر فقط, لذلك لم يكن مستغربا أن ينتهز الزعيم العمالى كير ستارمر، الفرصة لشن هجومه الأكثر وحشية على غريمه من المحافظين، حينما قال إن جونسون ليس لديه استراتيجية واضحة لهزيمة الفيروس. واتهمه بـ «عدم الكفاءة المتسلسلة»، قائلا إن الشعب البريطانى يشعر بالغضب والارتباك والخذلان بسبب السياسات التى تتغير كل أسبوع تقريبا. كما ألقى باللوم على الحكومة فى فشلها فى تنظيم برنامج فعال للاختبار والتتبع، وكان آخرها حينما تم إغفال الإبلاغ عما ما يقرب من 16 ألف حالة إصابة فى قاعدة البيانات الرسمية بسبب «خلل فني»!

جونسون حاول مرارا الدفاع عن تعامله مع الجائحة قائلا إنه يتعين على الحكومة تحقيق توازن صعب, فإنقاذ الأرواح واجب أخلاقي, ولكن من ناحية أخرى عليه أن يحافظ على عجلة الاقتصاد. لكن الخبراء يرون أنه إذا كان الشعب البريطانى قد امتثل لقواعد الإغلاق الأول، فإن أداء جونسون المخيب للآمال يترك علامة استفهام حول ما إذا كانوا سيلتزمون للمرة الثانية. وإذا لم يفعلوا ذلك, فقد يجد جونسون نفسه مطالبا البريطانيين بأسوأ كوابيسهم: إلغاء الاحتفال بأعياد الميلاد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق