مع قدوم فصل الخريف فى نهاية سبتمبر، يواصل الرعاة السويسريون (الأرملي) تقليدهم السنوى الفلكلورى «ديزالب / مغادرة الألب»، إحياء تراث الأجداد منذ القرون الوسطى باصطحاب قطعان ماشيتهم إلى حظائرهم فى السهول بعد قضاء شهور فصل الصيف للرعى فوق جبال الألب الشاهقة، وصناعة أنواع الجبن السويسرية المختلفة. ويقابله تقليد «إنالب/ إلى الألب» خلال شهرى مايو ويونيو لمباركة القطعان الصاعدة واستعراض أفضلها وأجملها وأقواها فى حلبات لاختيار الأصلح وتتويجه. يأتى ذلك بعدما أوشكت تلك التقاليد على الاندثار فى منتصف القرن التاسع عشر، حيث عملت المقاطعات منذ السبعينيات من القرن الماضى على إعادة إحيائها ودعم الصناعات المحلية كجزء من الحفاظ على الهوية الوطنية.
هذا العام، ولأسباب تتعلق بالإجراءات الاحترازية المصاحبة لجائحة كوفيد-19، ألغت بعض المقاطعات تلك المسيرات السنوية، والاحتفالات الموازية التى كانت تتضمن السهر حتى الصباح مع موسيقى الأبواق والرقصات الجبلية التقليدية. وكذلك الأسواق المعتادة فى تلك الفترة من السنة فى قرى السفح لبيع الماشية التى تم تسمينها فى أثناء فترة الرعى، ومنتجاتها الطازجة وغيرها من المنتجات اليدوية التقليدية التى تبدعها أسر الرعاة من رجال ونساء وأطفال.
وفى الوقت نفسه، حرصت مقاطعات أخرى على تنفيذ مسيرات نزول قطعان الماشية التقليدية مع إلغاء الأنشطة الموازية، وهو ما تم عرضه على مدى ساعة ونصف ساعة على الهواء مباشرة عبر قناة التليفزيون السويسرية الرسمية (إر تى إس) للمشاهدين فى المنازل، بعدما حالت الظروف بينهم وبين الخروج للمتابعة والاحتفال بالاصطفاف على جانبى الطريق عبر القرى الجبلية هبوطًا إلى حظائر الماشية ومرورًا بميادين المدن المجاورة. فقد اعتاد المشاركون فى تزيين قطعانهم بالزهور وأطواق الرقبة الجلدية التى تتدلى منها الأجراس النحاسية السويسرية التقليدية الضخمة، مع ارتدائهم الملابس التقليدية المطرزة أو «البريدزون»، التى تتكون من سترة مطرزة على الياقة، وأكمام قصيرة منتفخة أسفلها قميص وسروال ضيق حتى الركبة، وتعلو رأسه قبعة من القش المزينة بخيوط الحرير والمخمل الأسود، و«لويى» أو الحقيبة الجلدية فوق الكتف، وتحتوى على الملح المخصص للأبقار والمزينة بقرنى بقرة مملوءين بالشحم، فضلًا عن عصى الرعى المتأرجحة على أنغام أغانى الرعى واستدعاء القطعان «يوبا» التى تعد جزءًا من التراث السويسرى.
رابط دائم: