تتميز الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التى سيتم التصويت الرئيسى عليها يوم الثلاثاء 3 نوفمبر المقبل بعدة عوامل ربما لم تحدث من قبل فى أى انتخابات أخرى منذ تأسيس الولايات المتحدة فى يوليو 1776.
أولها السماح بالتصويت بالبريد بسبب انتشار كوفيد - 19، الأمر الذى قد يؤخر إعلان النتيجة، حيث تعود الأمريكيون على معرفة النتائج مساء يوم الانتخابات لكن احتساب الأصوات القادمة بالبريد سيؤدى لتأجيل الإعلان لعدة أيام. وثانيها أن الرئيس دونالد ترامب ألمح صراحة أنه قد لا يقبل بنتيجة الانتخابات إذا لم يفز بسبب شكه فى تزوير الانتخابات بالبريد، كما رفض التعهد بانتقال سلمى للسلطة فى حال خسر الانتخابات أمام المرشح الديمقراطى جو بايدن بل وتوقع انتهاء انتخابات 2020 أمام المحكمة العليا. وثالثها: أن انتشار فيروس كورونا قد يمنع من هم فوق 50عاما عن التصويت على الرغم من أنهم الكتلة التصويتية الكبيرة، ويزيد من الاعتماد على نظام التصويت المبكر. وقد أظهرت عدة استطلاعات أن ترامب فقد جزءًا من شعبيته بين الناخبين، الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة وما فوق، فى ست ولايات، بسبب سوء إدارته لأزمة كوفيد - 19 بينما حقق بايدن نجاحا متزايدا بين كبار الناخبين سنا. أما العامل الرابع فى الانتخابات الحالية فهو أصوات ذوى الأصول الإسبانية وأصوات النساء قد تحسم نتيجة الانتخابات لأول مرة.
وقد قامت وزارة الخارجية الأمريكية بالتعاون مع مركزى ميريديان الدبلوماسى الدولى والصحافة الأجنبية بتنظيم عدة لقاءات عبر الإنترنت لنحو200 من كبار الصحفيين حول العالم لمدة 8 أسابيع مع عدد من كبار المتخصصين والخبراء الأمريكيين فى الانتخابات بجانب نقل المناظرات الرئاسية للسماح للصحفيين بتغطية الانتخابات الأمريكية، وتم اختيار مؤسسة «الأهرام» كممثل عن الصحافة المصرية. وردا على سؤال للأهرام حول إمكانية أن يرفض أحد المرشحين قبول نتيجة الانتخابات وهو ما يشير إليه ترامب بشكل غير مباشر، أشار دكتور مارك روزيل، عميد كلية السياسة بجامعة جورج ماسون، إلى أن ذلك لم يحدث من قبل، وحتى فى انتخابات عام 2000 بين آل جور وجورج بوش تم تأجيل إعلان النتيجة 36 يوما وطلبت المحكمة العليا من فلوريدا إعلان النتيجة بدون إعادة عد الأصوات إلا أن آل جور عقد مؤتمرا صحفيا وقدم التهنئة لبوش احتراما منه للدستور والقانون. ويضيف روزيل أنه فى حالة عدم قبول ترامب للنتيجة سيؤدى ذلك لعدم استقرار ولكن هناك محكمة عليا ستحسم الأمر ولن يأتى يوم 5 يناير القادم لتسليم السلطة بدون قرار حاسم من المحكمة.
ويشرح الدكتور مارك روزيل أن المشرعين، الذين وضعوا نظام الانتخابات الأمريكية سواء الرئاسية أو الكونجرس بمجلسيه فى القرن الثامن عشر، قصدوا ألا يكون مركز القوى واتخاذ القرار فى يد واحدة فقط، مشيرا إلى أن هناك انتخابات تجرى كل عامين لثلث أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ بحيث تكون مدة خدمتهم ست سنوات، كما تجرى انتخابات رئاسية كل أربع سنوات، وعادة ما يتم انتخاب الرئيس من حزب وأغلبية الكونجرس من الحزب المعارض حتى لا يتم وضع كل السلطة فى يد حزب واحد، وأيضا تجرى انتخابات محلية لكل ولاية والمجالس المحلية التابعة لها وانتخابات للعمد للمجالس البلدية ومجالس المدن و المدارس.
ومن المعروف أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تجرى عن طريق المجمع الانتخابى، وبحسب الدستور الأمريكى، ومنذ عام 1964 يتكون المجمع من 538 ممثلا للشعب عن 50 ولاية أمريكية، بالإضافة إلى المقاطعة الفيدرالية التى تقع فيها العاصمة واشنطن. وكل ولاية بها عدد من الناخبين يساوى عدد ممثليها في الكونجرس الأمريكى في كلا المجلسين الشيوخ والنواب ،ومقاطعة كولومبيا، التى لا تُعتبَر ولاية، يوجد بها ثلاثة ناخبين، بينما لا يوجد فى أقاليم أخرى، لا تعتبر ولايات، أى ناخبين.
لكل ناخب من المجمع الانتخابى أحقية صوت واحد للرئيس وصوت واحد لنائب الرئيس، و يمكن أن يمتنع عن التصويت. ويجب أن يحصل أي مرشح لمنصب الرئيس ونائب الرئيس على أغلبية (على الأقل 270) من الأصوات الانتخابية للمجمع الانتخابى لهذا المنصب، موضحا أن أى تغيير فى نظام المجمع الانتخابى يحتاج لتعديل الدستور الأمريكى وموافقة مجلسى النواب والشيوخ وموافقة ثلث المشرعين فى الولايات وهو أمر ليس سهلا، كما أن الولايات الصغيرة الحجم تستفيد من النظام الحالى لوجود أصوات لها فى المجمع الانتخابى لأنه يعطيها نفوذا وبالتالى لن توافق على تغيير هذا النظام. ويذكر د. روزيل، أنه حدث خمس مرات أن من فاز بالأصوات الشعبية لم يفز بأصوات المجمع الانتخابى، وبالتالى لم يصبح رئيسا مثل هيلارى كلينتون فى انتخابات 2016، التى فازت بالأصوات الشعبية إلا أن ترامب فاز بأصوات المجمع الانتخابى، كما فاز آل جور عام 2000 بالأصوات الشعبية على جورج بوش الابن ولكن المجمع الانتخابى حدد فوز بوش، وقد يقرر عضو ما فى المجمع الانتخابى إعطاء صوته لمرشح عكس نتيجة التصويت الشعبى فى ولايته، ولكن العديد من الولايات تمنع ذلك بحكم القانون. وإذا حدث خلاف على النتيجة فإن الاحتكام يكون للمحكمة العليا وهى التى تحدد الإجراء الواجب ولا أحد يستطيع رفض قرارها. ويؤكد دكتور روزيل، أن بعض الولايات معروف أنها ديمقراطية، مثل كاليفورنيا وميريلاند ونيويورك، وبالتالى فإن المرشح الديمقراطى جو بايدن لن يركز دعايته فيها بل سيركز على الولايات المتأرجحة، وهم أقل من عشر ولايات، ونفس الأمر مع ترامب، ومثلا كانت فيرجينيا متأرجحة وأصبحت ديمقراطية وأوهايو كانت متأرجحة وأصبحت جمهورية مؤخرا. ويضيف روزيل أن بعض الولايات تتبع أسلوب الانتخاب المبكر حيث يمكن الإدلاء بالأصوات حتى قبل موعد إجراء المناظرات بين المرشحين، وقد فتحت فيرجينيا مثلا التصويت المبكر الأسبوع الماضى، حتى لا يحدث تكدس يوم التصويت الرئيسى.
ويوضح دكتور برادلى جونز، الباحث فى مركز بيو للدراسات، أن نسب تصويت البيض لصالح الحزب الجمهورى، وتصويت الناخبين من أصل إفريقى للحزب الديمقراطى لم تتغير على مدى الـ 25 عاما الأخيرة بشكل كبير، ولكن التغيير فى الانتخابات القادمة سيتم على أيدى الأقليات من أصول لاتينية لأنهم أصبحوا أكثر اهتماما بالتصويت فى الانتخابات، على عكس الانتخابات السابقة بسبب موضوع الهجرة وسياسة ترامب تجاهها وهم يميلون بشكل أكبر للحزب الديمقراطى.
رابط دائم: