رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المناظرة الأولى: هل نجحت إستراتيجية «البلدوزر»؟

فايزة المصرى

كان متوقعا أن تكون المناظرة الأولى بين الرئيس «دونالد ترامب» ومنافسه الديمقراطى «جو بايدن» نزالا شرسا، لكن الواقع فاجأ التوقعات. وبينما أصر أنصار كل منهما أن مرشحهم هو المنتصر، اعتبر معظم المحايدين، المناظرة انحطاطا غير مسبوق فى الحوار السياسي، فلم يبد المتناظران احتراما لبعضهما ولا لقواعد النقاش، وأبسطها عدم مقاطعة المتحدث أو إهانته بألفاط مستهجنة.

من أمثلة الإهانات التى تبادلها المرشحان الجمهورى والديمقراطى على مدى ساعة ونصف قول «ترامب» لـ«بايدن» إنه لايتمتع بالذكاء، وإهانة «بايدن» لـ«ترامب» بقوله «إخرس»، ووصفه إياه بأنه مهرج وكاذب وعنصري. والغريب أن أنصار «بايدن» أثنوا عليه لهذا التدنى الأخلاقى فى أسلوب الحديث، رغم ماهو معروف عنه كرجل مهذب.ويُشَّبه أنصار «بايدن» المناظرة بأنها جولة أخرى فى رياضة المصارعة التى يُلم «ترامب» بفنونها. فمنذ الدقيقة الأولى صار واضحا أن استراتيجية «ترامب» هى تكثيف الهجوم على الخصم مثل البلدوزر وعدم اتاحة الفرصة له للرد. أما الهدف فهو إرباك «بايدن» ليفقد توازنه وبحيث يظهر للمشاهدين كشخص مخرف. وبفضل الساعات الطويلة التى أمضاها فى التدريب على المناظرة على أيدى خبراء ماهرين، نجح «بايدن» فى أن يصمد أمام «ترامب» لتسعين دقيقة دون أن تخذله قدماه. وتلخصت إستراتيجيته فى تجاهل الهجوم بقدر الإمكان، والنظر إلى الكاميرا لتوجيه خطاب مباشر لملايين الأمريكيين الذين يتابعون المناظرة فى منازلهم. وإلى جانب الهجوم المتواصل، تعمد «ترامب» أيضا مقاطعة منافسه والتحدث أثناء رده على الأسئلة بحيث تعذر كثيرا سماع مايُقال. وتسبب ذلك إلى حد ما فى تشتيت «بايدن»، فلم يستطع مثلا الإجابة على أسئلة بسيطة مثل، لماذا تريد أن تصير رئيسا؟ وفى الوقت الذى تعتمد فيه حملة «بايدن» على انتقاد أداء «ترامب» كرئيس للبلاد، فإنه فشل خلال المناظرة فى إقامة الدليل على ذلك، ولم يقارع حجج ترامب سواء عندما أكد نجاح إدارته فى التصدى لـلجائحة، أو فى تنشيط الاقتصاد. ولم يستطع «بايدن» أن ينفى تورطه فى مؤامرة اتهام حملة ترامب بالتواطؤ مع الروس فى انتخابات 2016، أو أن يطرح بمهارة مبادرته الخاصة بالبيئة، بل سارع «ترامب» بوصمها بأنها نفسها خطة «العهد الأخضر الجديد» التى يتبناها الديمقراطيون الاشتراكيون، كما انتزع منه اعترافا ضمنيا بحتمية زيادة الضرائب لتمويل هذه الخطة. وعندما تطوع «بايدن» بالإشارة لابنه الأكبر المتوفى «بو» الذى يفتخر به، بادر «ترامب» بتحويل دفة الحديث لابنه الأصغر «هنتر» الذى تحيط به الأقاويل.

إستراتيجية «ترامب» لم تلق إجماعا فى التأييد من جانب أنصاره، بل رأى بعضهم أنها أضرته حيث بدا متنمرا، ولم يعط نفسه فرصة دحض إجابات «بايدن»، متجاهلا بذلك نصيحة مأثورة للقائد الفرنسى «نابليون بونابرت» الذى قال، «لا تقاطع خصمك عندما يخطئ».

واختلفت الآراء فى تقييم أداء «كريس والاس» الذى أدار المناظرة، ورأى كثيرون أنه فشل فى مهمته ولم يكن حاسما فى إلزام الرئيس بعدم المقاطعة. ويعتقد هؤلاء أنه إذا كانت المناظرات الانتخابية فى العصر الحديث قد ظهرت قبل ستين عاما لاعطاء الفرصة للناخبين لمتابعة نقاش متحضر بين المرشحين، فإن هذه المناظرة لم تحقق الغرض منها، بل كانت لحظة محرجة فى تاريخ الديمقراطية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق