الأم الأصيلة

قرأت رسالة «عالقة فى الذاكرة» التى ألقى فيها كاتبها د. يحيى نور الدين طراف الضوء على جانب مهم يعد الأبرز فى مشوار الفنانة القديرة فردوس محمد (13 يوليو 1906 ــ 22 سبتمبر 1961) على شاشة السينما، وهو تجسيد دور الأم المصرية الأصيلة بكفاءة واقتدار رغم أنها لم تعش الأمومة فى حياتها، وكيف كانت بأدوارها الثانوية كالملح الذى لا يطيب الطعام إلا به، وأرى أن عرش تجسيد دور الأم فى الأعمال الدرامية المصرية تعتليه فناناتان قديرتان من زمن الفن الجميل، هما فردوس محمد وأمينة رزق (15 أبريل 1910 ــ 24 أغسطس 2003) والتي تعد صاحبة أطول مسيرة فنية فى تاريخ السينما العربية (75 عاما) حيث كانت بدايتها الإحترافية من خلال فيلم (سعاد الغجرية) عام 1928 واخر عمل قدمته كان مسلسل (أدهم وزينات وثلاث بنات) عام 2003!! هذا وإن كانت الفنانة فردوس محمد قد برعت فى دور الأم رغم أنها لم تنجب فإن الفنانة أمينة رزق قد تألقت فى تجسيد هذا الدور أيضا وهى التى لم تتزوج حتى عُرفت فى الوسط الفنى بــ (عذراء السينما المصرية) و(راهبة الفن) كما حظيت باحترام العاملين فى المجال الفنى على اختلاف ثقافاتهم وأعمارهم السنية، وقد رأوا فيها مثالا للاحتواء ونموذجا للانضباط فكانوا ينادونها (ماما أمينة) التى جسدت دور الأم بوجوه عديدة، فهى الأم المكلومة فى (دعاء الكروان)، والمطحونة فى (بداية ونهاية) و (التوت والنبوت) والحنون الواعدة فى (قنديل ام هاشم) والمقهورة فى (أريد حلا)، والصابرة فى (عودى يا أمى) وغير ذلك من النماذج المتنوعة للأم المصرية التى لاقت دائما تقدير وإستحسان الجماهير والنقاد!! ومما هو جدير بالذكر أن الفنانة الراحلة أمينة رزق قد حصلت على العديد من الجوائز الأولى لأحسن ممثلة، كما مُنحت أوسمة من المغرب وتونس فضلا عن وسام الإستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما عينت عضوا بمجلس الشورى فى مايو 1991!! تحية للأم المصرية الأصيلة في جميع الأعمال الدرامية على شاشات السينما والتلفاز وعبر ميكروفون الإذاعة وعلى مسرح الحياة اليومية تقديرا لجهدها المتميز ودورها البارز فى بناء الإنسان المصرى وصناعة الأجيال الواعدة و قيام المجتمع العامل السوى .. تحية للأم ( المدرسة ) التى إذا أعددتها أعدت شعبا طيب الأعراق .

مهندس ــ هانى أحمد صيام