رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى حلبة المناظرة.. من يكون «ملك الترسو»؟

‎ هند السيد هانى
‎كلينتون ظهر بشكل سينمائي خلال المناظرة التي جرت بينه وبين منافسيه بوش الأب وروس بيرو

 وجها لوجه أمام الكاميرات.. تبتعد المقارنة بين مرشحى الرئاسة الأمريكية عن قضايا السياسة، وتقع السمات الشخصية لكل مرشح تحت دائرة الضوء: طويل أم قصير، نبرة الصوت، حركة الجسم، نظرة العين. ومن يجيد الحيل لإظهار مقوماته الشخصية واستغلال نقاط ضعف منافسه، هو من يجيد دور الرئيس.

وبالرغم من أن المرشح للرئاسة الأمريكية عادة ما يستند إلى رصيد من العمل السياسى والخبرة الحياتية، إلا أن وقوفه داخل «حلبة المناظرة» يحتاج إلى أشهر طويلة من التدريب والمحاكاة، بمساعدة فريق من الخبراء السياسيين والإعلاميين وأحيانا النفسيين. وكل فريق يعمل على جمع كل المعلومات الممكنة عن المرشح المنافس من نقاط ضعف وقوة وردود فعله المحتملة فوق مسرح المناظرة، فضلا عن توقع الأسئلة التى ستطرح وطريقة صياغتها، والرد الأفضل عليها. ويختار المرشح الرئاسى من بين مستشاريه «شريك السجال» الذى يقوم بأداء دور المرشح المنافس خلال جلسات التدريب على المناظرة. فعلى سبيل المثال، لعب جون كيرى دور المرشح الجمهورى ميت رومنى فى جلسات تدريب باراك أوباما. واختار بوش الابن السيناتور جود جريج ليقوم بدور آل جور عام 2000، خلال جلسات تدريبه التى تراوح عددها بين 10 و 12 جلسة. ولا يتعين على «شريك السجال» أن يقلد نبرة صوت المرشح المنافس أو تصفيف شعره بالطريقة نفسها، وإنما ينحصر دوره المهم فى دخول عقل المرشح  المنافس حتى أصغر التفاصيل من خلال تحليل دقيق لخطبه، وشرائط الفيديو المسجلة للقاءات سابقة له, وتوقع أسلوب هجومه وردوده واستفزازه.

ومن بين النصائح المهمة التى يؤكد عليها المستشارون: عدم خروج المرشح عن أرضيته المألوفة. ما يعنى إلتزامه بالتعبيرات التى تم اختبارها وتجربتها وأقرتها مجموعات البحث فى فريقه. ولذلك فإنه عادة ما لا نسمع شيئا جديدا فى المناظرات لأن 95% من محتواها يندرج تحت بند «الأرضية المألوفة»، حسبما نقلت شبكة «بى بى سي» البريطانية.  أما استراتيجية الهجوم فتأخذ عدة صور؛ من أهمها ما يطلق عليه «زنجر» ويعنى الهجوم الخاطف الحاد لقلب المشهد. فعندما سئل رونالد ريجان عام 1974 عن مسألة تقدمه فى العمر (73 عاما)، رد بأنه لا يريد أن يحول «السن» لقضية حملته، وأنه لا يرغب فى استغلال صغر سن منافسه الشاب وافتقاره للخبرة من أجل أهداف سياسية، وهو ما أثار الضحك حتى بين صفوف الحملة المنافسة للمرشح والتر موندال. وهناك هجوم «ريفز»، وهو ترديد عدة جمل متوالية بسجع معين لتثبيت فكرة بعينها.

ومن بين النصائح المهمة أنه إذا تلقى المرشح سؤالا فعليه إجابته بشكل مباشر ومختصر، ومن ثم يمكنه تحويل الدفة والهجوم بحرية على برنامج منافسه. ومن القواعد الذهبية: عدم تحويل المناظرة إلى هجوم «شخصي»، فهذه منطقة خطرة، أما إذا سبق المنافس فى توجيه هذا النوع من الهجوم، فيكون للمرشح الحرية الكاملة فى الرد بالسلاح نفسه. ويذكر التاريخ جعبة من الحيل، لم يستح أشهر الساسة عن اللجوء إليها فى سبيلهم إلى الفوز. فعلى سبيل المثال لجأت حملة المرشح الديمقراطى مايكل دوكاكيس عام  1988 إلى وضع درجة سلم تحت السجاد خلف المنصة التى يتحدث منها، حتى لا يبدو ضئيلا مقارنة بمنافسه الجمهورى بوش الأب. لكن الأخير حرص على إطالة مدة المصافحة مع دوكاكيس، فيما فسره المراقبون على أنه كان يهدف لإظهار فرق الطول بينهما.

أما حملة بيل كلينتون، فيمكن القول إنها نصبت أفخاخا على مسرح المناظرة للمرشحين المنافسين آنذاك» بوش الأب وروس بيرو. فحرصت الحملة على إخراج شكل المناظرة بطريقة تظهر الكاريزما التى يتمتع بها كلينتون. كما عمدت إلى وضع مقاعد مرتفعة فوق خشبة المسرح كان كلينتون قد تدرب على الجلوس عليها جيدا، وذلك دون إذن مسبق من المنظمين. وهو ما أدى إلى جلوس كلينتون بشكل سينمائى على المقعد، بينما انحنى بيرو بشكل غير مريح على مقعده فى معظم النقاش بسبب قصر طوله، وبدا بوش الأب غير متأكد من كيفية الجلوس دون أن يفقد وقاره وثقته كرئيس. ولم تكتف حملة كلينتون بذلك، بل قامت بدراسة حركة المنافسين فوق المسرح، والتقت منظمى المناظرة لفهم موضع الكاميرات. وتمكنت من إخراج كل المشاهد يظهر بها المتحدث فى المقدمة والمنافسون فى الخلفية دون علمهم. وبذلك عندما يكون كلينتون فى الخلفية كان يحرص على أن يبدو مفكرا، أما بوش وبيرو فكثيرا ما ظهرا وكأنهما فى كوكب آخر. وأحيانا تنقلب الحيل على صانعها، فقد وجه الديمقراطى آل جور ايماءات ونظرات إزدراء لمنافسه بوش الإبن عام 2000 جاءت بنتائج عكسية.

وربما يحمل اعتراف ريتشارد نيكسون فى مذكراته بتفوق جون كيندى عليه فى مناظرة عام 1960، روشتة مختصرة، حيث قال:«لقد أوليت الكثير من الاهتمام بما سأقوله، والقليل جدا بما سأبدو عليه».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق