احتفالا بمرور 41 عاما على تأسيس المكتبة العربية الوحيدة «الزيتونة» أو «أوليفييه» فى مدينة ومقاطعة جنيف عاصمة القطاع الفرانكفونى ومنارة الإشعاع الثقافى فى الاتحاد السويسرى، احتضن مسرح الحمراء فى جنيف مؤخرا عددا من العروض الفنية للموسيقى العربية تحت عنوان «الزيتونة 2020». والمبدع الذى زاد من العبق العربى فى أجواء جنيف، أن احتفال «الزيتونة» السنوى جاء هذا العام متزامنا مع المهرجان الخامس للموسيقى المتوسطية، الذى أطلقه معهد الثقافات العربية والمتوسطية. الذى يرعى عددا من الأنشطة الثقافية التى تعمل على مد جسور التعارف والاندماج بين الشرق والغرب.
الاحتفالات كان ذروتها بتوافد الآلاف على مسرح الحمراء الشهير بوسط مدينة جنيف، مع طغيان الجاليات العربية على هذا الجمهور المتدفق. وتواجد العديد من السويسريين والأجانب بين الحضور. وذلك لمتابعة الاحتفالات التى شارك فيها «كورتيكس سومس» والشاعر المغربى الفرانكفونى محمد العمراوى مصحوبا بتصاميم مصورة لجيه لوبيز، حيث تنوعت أعمالهم مستخدمة أربع لغات من منطقة حوض البحر المتوسط بين مقطوعات شعرية وغنائية ولحنية متعددة الإيقاعات والمستوحى بعضها من جزيرة كورسيكا المتوسطية.
وقدم الفنان الفلسطينى الأصل بلال أرشيد المقيم حاليا فى الدنمارك عرضا مميزا كملحن يشتهر بتنويعاته الفريدة لموسيقى الشرق الأوسط، فضلا عن براعته فى العزف على آلة العود التى استعرضها بالتعاون مع مجموعته المعروفة باسم «ثلاثية بلال». كما شهدت الأمسيات تقديم أعمال «منال والأصدقاء»، التى تتعاون فيها منال سمعان مع إيلى معلوف منذ عام 2016، لإعادة تقديم أعمال «العصر الذهبى» للأغنية اللبنانية كإنتاج فيروز والأخوين رحبانى منذ نهاية الخمسينيات وحتى نهاية السبعينيات، بالإضافة إلى بعض أعمال زياد الرحبانى وزكى ناصيف ورائد آلة البزق مطر محمد. وكان حفل الختام من نصيب رباعي فيصل الصالحى، وهو ملحن شاب وعازف عود جزائرى الأصل يمزج فى أعماله بين الشرقى الكلاسيكى وايقاعات الجاز مما فتح الطريق أمامه للوصول إلى دول مثل تشيلى وفيتنام وإسبانيا وألمانيا.
قام بتنظيم الحفلات والأنشطة المصاحبة لها آلان بيطار (66 عاما)، على الرغم من العراقيل التى تضاعفت هذا العام بسبب تداعيات «كوفيد 19»، ويرى بيطار فى مكتبته بوابة للحضارة العربية التى انتمى إليها أجداده الذين تنقلوا تجارا فى بداية القرن العشرين بين دول الشام وصولا إلى مصر ثم السودان ومنها انطلق الأبناء للدراسة والاستقرار فى أوروبا وعلى وجه الخصوص جنيف التى انتقل إليها بيطار للدراسة عام 1960 وهو فى سن السادسة، وفيها تكونت ثقافته قبل أن يتركها مضطرا إلى مخيمات اللاجئين فى لبنان حيث تعلم العربية فى أثناء انخراطه فى دعم اللاجئين فى نهاية السبعينيات، وقام بعدها باستثمار ميراثه الشخصى فى إنشاء المكتبة التى تحولت إلى أول مركز ثقافى عربى بجهود فردية فى أوروبا.
بلال أرشيد
رابط دائم: