ياسمين يسرى واحدة من الأسماء المعروفة فى عالم السوشيال ميديا» أو المؤثرين فى العالم الافتراضى لديها ما يقرب من نصف مليون متابع وهى تقدم نصائح فى الموضة وطريقة تنسيق الملابس أو «الستايلنج»، صاحبة ذوق رفيع فى اختيار ملابسها وفساتينها الملونة تضفى جوا من البهجة والمرح، لكن خلف هذه الصور هناك ياسمين أخرى هى المحاربة لمرض السرطان التى تغلبت عليه ثلاث مرات هاجمها فيها بضراوة لكنها قاومت بعزيمة حتى شفيت منه منذ ثمانى سنوات
ولأن شهر سبتمبر هو شهر التوعية بثلاثة أنواع من أمراض السرطان هى الدم والغدد الليمفاوية والأطفال، خصصت ياسمين حساباتها على السوشيال ميديا» لدعم محاربى أمراض السرطان الذين يخوضون حربا لا أحد يعلم عنها شيئا حتى بعد الشفاء ويقاومون الوحش الكامن داخل أجسادهم.
وتحكى ياسمين تجربتها مع المرض قائلة: تخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وعملت فى مجال البنوك والإدارة وبدأت أعانى من آلام فى الفخذ الأيمن ولم تعد المسكنات تجدى نفعا، وبعد رحلة طويلة مع الأطباء كانت كل التحاليل تظهر أن كل شئ على ما يرام، وليس هناك أى سببب معروف لهذه الآلام وفى عام 2007 كنت انتقل من شركة لآخرى وعندما حان موعد الكشف الطبى ونظرت الطبيبة فى التحاليل المطلوبة وقالت لى بالحرف روحى اتعالجى ولما تخفى ابقى اشتغلى وقتها استغربت فجميع التحاليل سليمة وعندما عدت للبيت وفى نفس اليوم بدأ المرض يعلن عن نفسه وبدأت التكتلات تظهر على رقبتي، وبعد الفحص تم تشخيص المرض بسرطان الغدد الليمفاوية. كانت صدمة كبيرة لفتاة تستعد للزفاف، وبدأت رحلة العلاج وبعد ثمانية شهور شفيت من المرض لكنه عاود الظهور بضراوة فى العام التالى واحتجت لعملية زرع نخاع وبعد شهور قليلة من الشفاء عاود المرض الظهور للمرة الثالثة حتى أعلن شفائى منه فى 2012 بعد 30 جلسة من العلاج الكيماوى و 12 جلسة إشعاع وعملية زرع نخاع ذاتي..
وتضيف كان من الصعب بالنسبة لى فى البداية الحديث عن مرضى لكن اكتشفت أن لدى رسالة لابد من توصيلها ليس فقط عن التوعية بالمرض ولكن لتعريف الناس بطريقة التعامل مع محاربى المرض أولا بسبب ما يتعرضون له من تنمر بقصد أو بدون قصد وحقهم فى حياة تناسب ظروفهم الصحية وظروف عمل ملائمة وتشجيعهم على العودة للحياة الطبيعية الصحية، وتحكى ياسمين عن الصعوبات التى تواجهها هى شخصيا فتقول: أنا أعيش بتليف فى الرئتين ولدى صعوبات فى السمع بالإضافة إلى أننى فقدت قدرتى على الإنجاب بسبب جلسات الكيماوي. وكل متعاف لديه مشاكله الخاصة والآثار التى خلفها المرض، لكن ذلك لا يعنى أن تتوقف الحياة.
وتستمر قائلة:بعض الناس كانوا يسخرون من ارتدائى لباروكة بعد سقوط شعرى فى المرات الثلاث واضطررت لترك عملى لان مجهودى أصبح أقل وكان لابد ان أبحث عن بداية جديدة تناسب ظروفى الصحية، ولأنى من صغرى وأنا مهتمة بالموضة وكنت أساعد أصدقائى فى اختيار وتنسيق ملابسهم وكانوا يطلقون على لقب «ياسمين ملكة الموضة» قررت البحث عن عمل يناسب ظروفى الصحية فدرست «الستايلنج» فى مصر وعملت فى بعض البرامج التليفزيونية ثم قررت أن أكرس مجهودى للسوشيال ميديا» لأنها تناسبنى أكثر ووجدت أنى أستطيع التأثير فى الآخرين بعرض تجربتى ودعم المرضى والمتعافين وتشجعيهم على الكلام وعدم إخفاء حقيقة مرضهم وخاصة البنات الصغيرات فقد كنت فى السادسة والعشرين عندما اكتشفت المرض وبعض الرجال يحبون أن يعيشوا دور البطل فى حياة مريضة السرطان ويصدقون قصة الحب الذى يصنع المعجزات ويستغلون حاجة المريضة النفسية لكنهم سرعان ما يتراجعون أو يملون أو يكتشفون عدم قدرتهم على الاستمرار.
أنا اليوم فى أفضل حالاتى أراقب صحتى وطعامى وأتناول القليل من اللحوم بقدر الإمكان وأمارس الرياضة، يومى يبدأ فى الخامسة صباحا وينتهى فى الثامنة، أحيانا تأتينى رسائل من بعض الأشخاص بأننى أستغل مرضى للشهرة لكنى لا أهتم فحتى أيام الحظر التى عانى منها الجميع كنت سعيدة لأننى عشت التجربة من قبل مع جلسات الإشعاع وجربت العزل فى غرفة بلا خروج لمدة ثلاثة شهور مع عملية زرع النخاع وكنت اذهب للعمل لمدة ستة شهور ارتدى الكمامة وامتنعت عن السلام باليد أو التقبيل لمدة ستة سنوات لضعف مناعتى ورغم ذلك لم يكن كل الناس تتقبل ظروفى فقد كانوا يصفوننى بالمتكبرة والمتعالية واهى عاملة مشكلة ليه مش خفت خلاص»
وقد علمنى السرطان أن أعيش اليوم بيومه وأن احتفل بكل يوم أستيقظ فيه وأنا سليمة ولا أنتظر فيه جلسة كيماوى او إشعاع جديدة.
رابط دائم: