ماذا لو استيقظنا على عصابة البروفيسور - بطل المسلسل الاسبانى الشهير « لا كازا دو بابل» وهى تقتحم القصر الملكى الإسبانى وتوزع كل محتوياته على الشعب المطحون.. ربما يكون هذا ما يتبادر لأذهان الكثيرين فى ظل الأرقام التى تكشف عن فضائح الفساد التى وصمت العائلة المالكة الإسبانية، فى وقت يعانى فيه الشعب من أزمات اقتصادية طاحنة. وتفاقم الوضع بفرار ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس من فضائح الفساد المالى والأخلاقى التى تلاحقه وتهدده هو وعائلته، ليلطخ بذلك العباءه الملكية فى مشهد النهاية له على المسرح السياسي.
وأثبتت الخطوة الأخيرة لكارلوس حرصه الشديد على حماية نفسه، بغض النظر عن مستقبل الملكية فى إسبانيا التى ينتظرها طريق مظلم. فقد أصبح الملك السابق طرفا أساسيا فى تحقيقات مشتركة بين الادعاء العام الإسبانى والبريطانى والسويسري. وتتركز الاتهامات حول ضلوع كارلوس – 82 عاما - فى عمليات مالية مشبوهة بقيمة 100 مليون دولار وعمليات غسيل أموال بالإضافة إلى رشاوى على هيئة رحلات سياحية باهظة الثمن. وحفظا لماء الوجه، حاول ابنه الملك فيليب -39 عاما- الذى تولى الحكم عقب تخلى والده عنه فى 2014 – احتواء الموقف أمام الرأى العام من خلال سحب الألقاب الملكية من والده وتعليق مستحقاته المالية، مما أسهم فى تخفيف غضب الشارع الإسبانى ولو قليلا بعد أن فقد إيمانه بالملكية الإسبانية.
وفى تهديد للملكية، أكد بابلو اجليسياس نائب رئيس الوزراء الإسبانى ضرورة انتهاج سياسة أكثر شمولية تتضمن كافة طبقات الشعب الذى يعانى بسبب الفساد والفقر وسيطرة النخب على موارد الدولة. وطالب باعتماد النظام الفيدرالى والبعد تماما عن المركزية فى السلطة، لوضع حد للكارثة الاقتصادية التى تمر بها إسبانيا حاليا، وخاصة بعد تفاقم تداعيات فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19».
الأرقام، التى أوردها تقرير لحزب الخضر الأوروبي، أن حجم الفساد والسرقات فى إسبانيا تجاوز 90 مليار يورو وهو ما يوازى 8% من إجمالى الناتج المحلى للبلاد والذى لا يقتصر على انتهاكات العائلة المالكة فقط، بل امتد ليطول مسئولين فى الحكومة وبعض رجال الأعمال. وكشف استطلاع حديث للرأى العام الإسبانى عن أن قضايا الفساد تشغل 94% من المواطنين، ومصدر رئيسى للقلق والخوف لدى الشعب.
وهذه ليست المرة الأولى التى يعلن فيها الشعب الإسبانى عصيانه ورفضه للملكية. ففى 1931، فر الملك الفونسو الثالث عشر إلى إيطاليا بعد الإطاحة به وإعلان الجمهورية الثانية، الوضع الذى استمر حتى عام 1939. اليوم، وبعد الرواج الهائل الذى حققه مسلسل «لا كازا دو بابل» ربما تحلم إسبانيا بشخصية مثل «البروفيسور» تعيد توزيع الثورة وتنقذها من أزمتها الاقتصادية الطاحنة، حتى وإن كان من خلال عصابته الشهيرة.
رابط دائم: