رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الكلام الجارح

المشكلة التى أكتب إليك بصددها غريبة ونادرة، وإن كانت لا تخلو منها بعض البيوت، حيث كان لي أخ يعاني اضطرابات تخص النوع، وكنا دائما نلاحظ ميله للتشبه بالإناث مع صفات جسدية تجعله أقرب منهن عن الرجال.. نعم كنا نلاحظ ذلك، ولا نستطيع أن نتكلم، وكانت أمي دائمة الخوف علي مستقبل أخواته البنات من العنوسة.. وكان يقدر كل ذلك، وصرح لأمي بأنه لن يتخذ أى خطوة للعلاج قبل زواج البنات لأنه يحبهن ويخاف عليهن، ولا يريد لأحد الضرر بسبب مشكلته.

ومرت السنون، وتزوجت البنات وأنجبن .. وعندما أقدم علي تصحيح النوع، كان قد تجاوز الثلاثين بعدة سنوات، وعندما علم أزواج البنات بالأمر .. قامت الدنيا ولم تقعد، وهدده أحدهم بالقتل والآخر بالتبرؤ منه، وانضم أفراد الأسرة لهم، وأصبح وحيدا يصارع الدنيا التي لا ترضي عن حاله! وبعد فترة طويلة من العلاج والمتابعات، استطاع أن يجرى جراحة التصحيح، وأن يغيّر أوراقه الشخصية الرسمية بشكل قانونى، وينضم لقائمة أخواتى البنات، وقبلت أمى هذا الوضع على مضض، وكان والدى أكثر حكمة، وقال هذا قدر الله، هو أعلم بمن خلق، وهو صاحب الحساب، وعاشت معنا فى شقتنا المتواضعة بعد أن انتقلنا لمسكن جديد.. وارتدت النقاب وأصبح الموضوع سرا يقتصر على أفراد الأسرة دون الأقارب والمعارف.

ومرت سنوات ليست بالقصيرة، مليئة بالخوف والتوتر، والعزلة لكى لا يفتضح الأمر، وبعدها توفى والدى ولحقته والدتى بعد عام واحد.

وفى الحقيقة، كنا نحاول دائما دفع والدنا إلى أن يتخلص منها لكى تعيش وحدها، ولكن قلبه لم يطاوعه، وكانت هى تدرك ذلك.. وحاولت مرارا أن تجد مسكنا منفصلا، ولكن الظروف لم تتهيأ ليتم هذا، وبعد الوفاة استطاعت أن تقدم فى الإسكان الاجتماعى بنظام الإيجار في إحدى المحافظات البعيدة لكى ترضينا، وبالفعل تم قبول أوراقها، ولكن أربع سنوات مرت من وقت التقديم، ولم تظهر أى بادرة أمل فى أن تحصل علي مسكن يؤويها ويرفع عن قلوبنا هذا الهم القابع فى أعماقنا، وزادت المشكلات، وأصبحت حياتها كالجحيم، وزادت ضغوط الأخوات وأزواجهن وباتوا قلقين على مستقبل أبنائهم، خاصة البنات منهم، وأصبحت هى تتحمل هموم البنات وبنات البنات، وكل ما نتمناه كمخرج لهذه المعضلة هو مسكن متواضع لها فى أى مكان تحت أى بند من البنود التي تضعها الحكومة لأصحاب الظروف الصعبة، أو أن تحصل على الشقة التي بالفعل قدمت عليها من أربع سنوات، ودفعت المقدم المطلوب لها.. إننا نريد أن نحفظ لها كرامتها، ونرفع عنها الآلام وعناء السنين التى مرت بها، وفي الوقت نفسه نجعل حياة الجيل الجديد تسير دون تجريح «القيل والقال».

 

 ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

 

ما فعلته أختكم بتحولها الجنسى حق لها، ولا غبار عليه، وليس فيه ما يمس الكرامة، فالأمر كله يتعلق بناحية صحية واضحة للأطباء، ومن ثم ينبغى التعامل معها، هى وغيرها كحالات مرضية فى حاجة إلى العلاج، والتوعية لتغيير نظرة المجتمع إلى هؤلاء.

إن الأشخاص الذين يعانون «اضطراب الهوية» يواجهون مشكلات نفسية كبيرة تدفعهم إلى التحول الجنسى، وتكون لديهم تغييرات في الهرمونات مما يستلزم علاجا وإعادة التأهيل النفسى ليتمكنوا من قبول جسدهم الذى هم عليه، وليس فى ذلك عيب، وأرجو أن يعى رجال العائلة وأزواج نسائها أن تحول الذكر إلى أنثى ليس أمرا مستنكرا ما دامت الأعضاء الجسدية أنثوية، أو أن الشخص المعنى بالمشكلة من الجنس الثالث، فهذه مسائل طبية بحتة.

ولا يعقل أبدا نبذ «أختكم» بعد تحولها، أو أن تبحثوا لها عن مكان آخر بعيدا عن أزواج البنات، فمن حقها أن تعيش وتحيا مثل كل النساء، وقد صارت واحدة منهن، مع الاحتفاظ بحقها فى السكن المستقل، ولكن ليس من باب نبذها والتخلى عنها، وليتكم جميعا تدركون أن الإنسان لا يختار نوعه، ولا ظروفه المرضية، بل لا يعرف ماذا سيحدث له إن عاجلا أو آجلا، ولو أدرك هذه الحقيقة، ما اتخذ موقفا معاندا من فتاة وجدت نفسها فى هذه الظروف القاسية. أرجو أن تكونوا جميعا عند مستوى المسئولية، وسوف تكون الأمور على ما يرام بإذن الله.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق