رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

من جبال لاهور إلى أرض الأساطير
باكستانية عاشـــقة لآثار مصــر

حوار ــ سهير عبدالحميد

  • عالمة المصريات د. سليمة إكرام: الحضارة المصرية ألهمت كل الحضارات والإغريق اقتبسوا منها قواعد الفن والعمارة
  • اكتشفت جبانة تحوى 8 ملايين مومياء كلب



«عندما تبدأ الكتابة عن هؤلاء الفراعين فكأنك قد بدأت كتابة رواية خيالية» هكذا قال بارى كيمب عالم المصريات بجامعة كامبريدج وهذا ما تستشعره عندما تطأ قدماك «سقارة» أرض الأساطير التى جذبت تلك الفتاة القادمة من جبال لاهور إلى القاهرة لتبحث وتنقب . أدهشها ما رأته من نقوش ملونة قاومت الفناء، وصروح أصرت على البقاء، وسراديب خصصت لحفظ مومياوات الملوك والنبلاء وأخرى محفورة فى الصخر أو مصنوعة من الطوب اللبن وثالثة حوت أجساد الثيران المقدسة ..هناك اكتشفت الفتاة التى صارت عالمة مصريات ملء السمع جبانة تحوى 8 ملايين مومياء كلاب .وتخصصت فى دراسة مومياوات الحيوانات التى رأت أنها أحد ينابيع اكتشاف الثقافة المصرية القديمة ، وأصبحت مرجعا فى كل ما يتعلق بتلك المومياوات .ومن صحراء سقارة إلى صحراء الواحات حيث ساهمت فى استكشاف الدروب العتيقة والكنوز المطمورة

إنها عاشقة التاريخ المصرى القديم أستاذة علم المصريات فى الجامعة الأمريكية د. سليمة إكرام التى بدأت مشروعا لتقديم كتب عن التاريخ الفرعونى للأطفال بالعربية ليستطيع الطفل المصرى أن يعرف أكثر عن حضارة بلاده ويزهو بها

> > >

درست د.سليمة وهى باكستانية الأصل ــ المصريات فى جامعة كامبريدج وحصلت منها على درجة الدكتوراة ، عملت فى عدد من متاحف العالم التى تضم آثارا مصرية قديمة ،أضحت بحكم خبرتها عضوا فى عدة لجان دولية متخصصة ولها عدد كبير من المؤلفات المهمة منها :صحراء مصر الغربية 2018 ،مومياوات الحيوانات فى مصر القديمة 2005 ، مصر القديمة .مقدمة 2010 وإلى نص الحوار :

...................................

د. سليمة ..من أين تبدأ الحكاية ، كيف جاء هذا العشق للتاريخ والآثار المصرية القديمة ؟

القصة بدأت عندما أهدانى والداى فى عيد ميلادى الثامن كتابا عن مصر القديمة فوقعت فى حب هذه الحضارة ومازلت أتذكر الصور الرائعة التى احتواها ذلك الكتاب .وعندما بلغت التاسعة والنصف اصطحبنا والدى فى رحلة وسألنى إن كنت أفضل أن نمر بمصر أو اليونان ، فاخترت مصر بلا تردد ..أتذكر فى هذه الرحلة ثلاثة أماكن بهرتنى : الهرم الأكبر ، المتحف المصرى حيث شاهدت تماثيل رع حتب وزوجته نفرت وتمثال حتشبسوت .وانجذبت إلى مجموعة توت عنخ آمون وكنوزه .كنت طفلة فى التاسعة وعلمت أن الملك الصغير «توت» تولى الحكم أيضا فى سن التاسعة فازددت إعجابا به .شجعنى والداى على تنمية معارفى بالحضارة المصرية القديمة وزرت مصر كثيرا بحكم طبيعة عمل والدى .وكونت بفضل تلك الزيارات صداقات عديدة فى مصر ..وأكملت المسيرة بدراسة الحضارة المصرية التى عشقتها .

وهل وجدتيها بعد الدراسة المتعمقة ثم العمل فى المواقع الأثرية تستحق هذا الشغف الذى تملكك وأنت صغيرة ؟

بكل تأكيد الحضارة المصرية القديمة هى الأروع والأكثر جاذبية بين مختلف الحضارات ...ولها منجزات عديدة تكتشف كل يوم.

لماذا تخصصت فى دراسة مومياوات الحيوانات تحديدا ؟

كنت أدرس كل شيء يتعلق بحياة المصرى القديم من مأكل ومشرب وملبس وتحنيط موتاه ..وجذبتنى علاقته تحديدا بالحيوانات ..خصوصا وأن غرفة مومياوات الحيوانات فى المتحف المصرى كانت دائما مثار اهتمامى خصوصا وأنى أحب الحيوانات . وأعتقد أن دراسة مومياوات الحيوانات تقدم رؤى عظيمة عن الثقافة المصرية القديمة فهى تجسيد لمظاهر الحياة اليومية كالحيوانات الأليفة والمواد الغذائية والموت والدين والتكنولوجيا.

حدثينا عن فلسفة المصرى القديم التى أسفرت عن هذا الكم الهائل والمتباين من مومياوات الحيوانات؟

المصرى القديم وضع مومياوات الحيوانات فى المقابر باعتبار أن الميت سيحتاج إليها فى العالم الآخر كنوع من الغذاء .

من جانب آخر كان المصرى القديم يرى أن أرواح الآلهة تسكن أجساد تلك الحيوانات ..لكن ذلك لم ينطبق على كل أنواع الحيوانات فقد كان يتم تحديد أنواع محددة من خلال الكهنة تتوافر فيها صفات معينة وتجرى احتفالات عظيمة لذلك . والمصرى القديم لم يقدس الحيوان فى حد ذاته بل روح الإله داخله والتى تعطيه القوة وعندما يموت تنتقل روحه إلى جسد حيوان آخر .

وقد اختيرت القطة لأنها نظيفة وجميلة وأم جيدة لتكون رمزا لآلهة الأمومة والجمال «باستيت» ، ولأن اللبؤة تتسم بالقوة فقد خصصت كرمز للإلهة «سخمت « آلهة القوة . بينما صور تحوت إله الحكمة على هيئة رأس أبو منجل، وربط حورس إله الشمس بالصقر .

بعد ذلك ظهرت فكرة القربان فكانت توضع صورة للحيوان داخل المقبرة كالقطة مثلا للتقرب من الآلهة باستيت أو وضع تمثال لها فى المقبرة لكن أقوى صور القربان تكون بوضع مومياء القطة .

وقد خصص المصرى القديم عدة جبانات للحيوانات ففى سقارة جبانات القطط والكلاب والطيور وأخيرا تم اكتشاف الأسود .هناك جبانة تونة الجبل الخاصة بالإله جحوتى فيها ملايين القرود وطائر أبو منجل وجبانة تل بسطا بالشرقية خاصة بالقط باستيت وجبانة فى كوم امبو وأخرى فى الفيوم تخص التمساح سوبك.

الاكتشاف الذى ظهر فى سقارة لمومياوات أسود كان اكتشافا مذهلا ...فمن أين تم جلبها ؟

اكتشف أحد تلك الأسود د. آلان زيفى ، واكتشف الأشبال الأخرى د. مصطفى الوزيرى ..وقد ساعدت بحكم تخصصى فى إجراء الأشعة والدراسات العلمية على مومياوات تلك الأسود .هذه الأسود كانت موجودة فى مصر ،فالصحراء المصرية كانت تشبه منذ 15 ألف سنة غابات كينيا وربما كانت الغابات المصرية أكثر خضرة وكان يوجد بها فيلة وأسود وديناصورات ومع تغير المناخ فى صحراء مصر انتقلت تلك الحيوانات إلى إفريقيا . ورمسيس الثانى مثلا كانت لديه عشرة أسود .

هل تعتقدين أن جبانة سقارة مازالت تضم المزيد؟

جبانة «بوباستيون» أو سقارة من أهم الجبانات التى خصصها المصرى القديم للحيوانات .وفى عام 2012 مثلا استطعت العثور فى سقارة على مقابر بها نحو 8 ملايين كلب.

وأعتقد أنه مازال فى سقارة الكثير لاكتشافه .إن سقارة بدأت كجبانة منذ عهد الدولة القديمة وكانت مركزا كبيرا لمومياوات الحيوانات لقربها من العاصمة ممفيس «ميت رهينة » واستمر دورها كجبانة عبر مراحل التاريخ المصرى القديم . وهو ما يجعلها غنية بالكثير ..وكل يوم هناك اكتشافات جديدة أحدثها بئر الدفن الذى وجد به توابيت مغلقة منذ 2500 سنة.

هل هناك حضارات أخرى اهتمت بمومياوات الحيوانات؟

فى بيرو وجدت بعض مومياوات للفهود والكلاب ..ومن غير المعروف أسباب تحنيطها حتى الآن.

من صحراء سقارة إلى صحراء الواحات ..مرحلة أخرى فى مسيرتك العلمية ..لماذا اخترت الواحات ؟

عملت فى منطقة واحات الخارجة مع فريق بحثى تابع للجامعة الأمريكية وبالتعاون مع جامعة كامبريدج وتم الكشف عن حفريات مهمة والواقع أن استكشاف هذه المنطقة كان مهما للغاية لأنه لم يطرقها أحد بعد عالم المصريات د. أحمد فخرى فى السبعينيات ..كل علماء المصريات اهتموا بوادى النيل وكان علينا أن نبحث فيما هو أبعد فى الصحراء الغربية تحديدا وخصوصا واحة الخارجة التى هى أوسع الواحات وأكبرها والتى كانت ذات مكانة مهمة قديما ونجد نصوصا فى معبد رمسيس الثانى بالأقصر تتحدث عن الواحات كمكان مقدس كانت تجلب منه ثمار النخيل المستخدمة فى الخمر وأشياء أخرى مهمة واكتشفنا فى الواحات عددا من الدروب كانت تستخدم للتنقل من مصر إلى تشاد والسودان ودارفور منها «درب الأربعين» .وعبر تلك الدروب كان يأتى «البابون» وهو نوع من القردة الضخمة لم يكن موجودا فى مصر وهو الذى استخدم كرمز للإله جحوتى إله الحكمة الذى كان يصور أيضا على هيئة أبو منجل .

بماذا يمكنك الرد على من يستنكرون أن المصريين هم أصحاب تلك الأهرام الرائعة ويزعمون أن من بناها قوم من الفضاء ؟

أشعر بالانزعاج كثيرا بسبب تلك الادعاءات ،فهناك أدلة كثيرة لا تعد ولا تحصى على تفوق الحضارة المصرية القديمة فقد كان هناك أرض وشعب وطريقة حياة تدل على اتساق كامل بين ما تم بناؤه وبين تاريخ هؤلاء المصريين فقد امتلكوا القوة والذكاء لبناء الأهرامات .. فى حين لا يمتلك أصحاب مثل تلك الادعاءات برهانا واحدا على ما يقولونه.

كيف ترين الأفلام الأمريكية التى تتناول التاريخ المصرى القديم؟

كثير من هذه الأفلام لا يتسم بالجدية لكنها ممتعة وتمثل ترويجا هائلا للسياحة المصرية وتدفع الكثيرين للقراءة عن التاريخ المصرى القديم ..لكنى فى المقابل لا أرى الكثير من الأعمال المصرية المخصصة للتاريخ الفرعونى ولا فى دراما رمضان .

كل ما شاهدته هو فيلم المومياء لشادى عبد السلام وكان رائعا وكان شادى يخطط قبل وفاته لتقديم فيلم عن إخناتون .كما شاهدت فيلم المصير ليوسف شاهين .

إلى أى مدى كانت الحضارة المصرية القديمة النبع الذى استقت منه الحضارات المختلفة خصوصا الإغريق ؟

الحضارة المصرية باختصار كانت ملهمة بحق لكل الحضارات القديمة فى كل المجالات .والإغريق تحديدا نقلوا الكثير عن الحضارة المصرية القديمة فى الفن والطب والكيمياء والفلك. وفى العمارة تحديدا نجدهم اقتبسوا التكنولوجيا التى استخدمها المصرى القديم فى بناء معابده مثلا «العمود الدوركى «المميز بأضلاعه الـ 16 والذى استخدمه اليونانيون ، نجد أن النموذج الأصلى له وجد قبل اليونانيين فى مقابر بنى حسن 18 ق.م .

توت عنخ آمون ..الملك اللغز مازالت أسرار حياته وموته تبهر العالمين ..هناك حديث عن أنه ليس ابن الملكة نفرتيتى وهناك حديث عن أنه عانى من مشاكل فى قدمه ..هذا إضافة إلى الجدل القديم الجديد حول أنه مات مقتولا ..ما هو رأيك وما انطباعك بعد دراسة الكثير من الأدوات الخاصة بالملك الصغير ؟

لا توجد أدلة كافية على أن الملك توت مات مقتولا ربما يكون قد مرض أو وقع فأصيب ..لكن لا أحد يعرف .وقصة نسبه أيضا مازالت محل خلاف والكثيرون قالوا إن تحاليل الدى إن إيه أثبتت أنه ليس ابنا لنفرتيتى ولكنه ابن اخناتون من زوجة أخرى ولا أعرف هل كانت شقيقته أم لا...وقد عكفت على دراسة بعض مكونات مقبرة الملك مثل الطعام والأسلحة والعصى ..وبعد دراسة العصى التى كان يستخدمها الملك الصغير أستطيع الجزم أنه كان أكثر قوة مما يقال عنه ..كما أننى أستطيع القول إن التكنولوجيا المستخدمة فى تصنيع تلك الأدوات كانت مميزة وأن الأخشاب المستخدمة فى أدوات الملك جاءت من سوريا وفلسطين وتركيا واليونان وربما من أوروبا .

جدل آخر حول ملك آخر وأقصد به رمسيس الثانى المتهم الأول بأنه فرعون الخروج ..هل لديك الخبر اليقين فى تلك المسألة ؟

لا أعتقد أن رمسيس الثانى كان فرعون الخروج ولا أستطيع أن أجزم ما قاله البعض أنه كان مرنبتاح ..إنها مسألة صعبة ولا يمكن القول إن هذا الفرعون كان على زمن الهكسوس.

على ذكر فرعون موسى ...كيف كان الاهتمام بالسحر لدى المصرى القديم ؟

فى مصر القديمة لم ينفصل السحر عن الدين بل كان هناك خلط بينهما فالسحر قوة من الإله . وفى كتب التراث الفرعونى الكثير من قصص السحر مثل الساحر الفرعونى «جدى» التى وردت فى بردية خوفو ، والذى قتل الأوزة ثم منحها الحياة ، حادثة السحرة الذين قلبوا العصى إلى ثعابين ..حتى الآن عندما يقرأ المصريون آية الكرسى نقرأها للوقاية من العين والحسد ...فهو خلط أيضا بين السحر والدين .

خلال أزمة كورونا ..تعامل المصريون معها بـ «النكتة»..وهناك من رأى أنها عادة فرعونية لشعب اخترع إلها للضحك «الإله بس» ؟

لقد تابعت على مواقع التواصل الاجتماعى هذا الكم الهائل من النكات للتغلب على مشاعر الأزمة ويمكننا القول إن المصريين القدماء تمتعوا بحس الفكاهة والسخرية منذ القدم .

ماذا عن وصفات التجميل الفرعونية التى أصبحت شركات الموضة العالمية تستنبطها؟

هناك الكثير من وصفات التجميل التى وردت فى البرديات مثل استخدام كليوباترا للبن الحمير للحفاظ على البشرة أو تصنيع العطور..النساء والرجال فى مصر القديمة اهتموا بالتجميل ووضعوا الكحل وظلال العيون الذى صنعوه من حجر المالاكيت ، ووضعوا أحمر الشفاه وقد تركوا وصفات غاية فى الدقة لما صنعوه وبعضها قمت بإعادة تصنيعه مع تلامذتى وكانت تجربة مثيرة للغاية مثل استخراج العطر من زهرة اللوتس .

وكان الشعر القصير سائدا بين المصريين فقد كانوا يرتدون الشعر المستعار فى مختلف المناسبات .

درست حياة المصريين القدماء وعايشت أحوالهم أثناء إقامتك فى مصر طويلا ..كيف يمكنك المقارنة بين وضع المرأة المصرية الآن ومنذ 7000 سنة ؟

الحضارة المصرية القديمة هى الوحيدة بين أقرانها التى منحت المرأة هذا القدر من الحقوق والحريات والاستقلالية والاحترام ..وهناك وثائق عن الزواج والطلاق تخبرنا أن المرأة كانت تحتفظ باسمها وباستقلاليتها فى التملك وإدارة أعمالها وكان من حقها أن تحدد المستفيد من إرثها .الملكات كن يملكن الحرية والقوة ولدينا ملكات عظيمات مثل حتشبسوت ، سبك نفرو ، خنت كاوس . وزوجات الملك كن أيضا يتمتعن بالقوة والنفوذ مثل الملكة تى والملكة نفرتيتى التى كانت تقوم بمهام دبلوماسية .أعتقد أن المرأة المصرية القديمة كانت أفضل حالا من نظيرتها الآن من حيث الحرية والاستقلالية .

هناك آثار عديدة لمصر فى الخارج ..ألا ترين أننا فى حاجة لتكثيف الجهود الدولية لاستعادتها ؟

أعتقد أن تلك الآثار خير سفراء لمصر فى الخارج كما أنها تنشر الوعى بأهمية التاريخ المصرى القديم وتدفع الكثيرين للقراءة عنه وزيارة مصر ..فرحلة توت عنخ آمون فى الخارج دفعت الكثيرين من مختلف الجنسيات لزيارة مصر لمشاهدة منجزات تلك الحضارة العظيمة .

قدمت كتبا مهمة للأطفال عن الحضارة المصرية القديمة منها الآلهة والمعابد 1998، مومياوات الحيوانات من المتحف المصرى 2004 .لماذا قررت الكتابة للأطفال؟

شرعت فى كتابة تلك المجموعة بهدف ترجمتها إلى العربية لكن المسألة لم تتم بعد توقف الناشر عن العمل . وأنا أعتقد أن الطفل المصرى فى حاجة لمعرفة المزيد عن تاريخه وثقافته والشعور بالزهو إزاءها فلا توجد كتب كثيرة بالعربية عن التاريخ المصرى ..وأعتقد أن الأطفال فى المدارس الأوروبية يتلقون معلومات أكثر عن التاريخ الفرعونى وهناك فى المتاحف وفى اللوفر القسم المصرى مليء بالأطفال حيث يشعرون بالإثارة والمتعة لمشاهدة المومياوات وسائر المقتنيات الفرعونية .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق