-
خبراء: اتاحة الفرص للمتفوقين يؤدى لنشر المزيد من الأبحاث العلمية .. والأفضل أن تكون المنحة كاملة
-
محمود علم الدين: المنح رسالة تحفيز للطلاب وتتيح للجامعات ضم أفضل الكفاءات
-
نائب رئيس جامعة عين شمس: يجب دعم الطلاب المتفوقين نظرا لتكلفة «البرامج المميزة» العالية
الاستثمار فى البشر، وبخاصة فى الموهوبين والمتفوقين منهم، أصبح واحدا من اهتمامات الدول وبات البحث عن العقول المتميزة وأصحاب الأفكار المبتكرة هدفاً للعديد من البرامج والمنح والفرص التى تقدمها العديد من الجهات الحكومية والخاصة والدولية للطلاب المتفوقين لترعاهم بشكل جزئى أو كلي.
وبالفعل تكون بعض هذه المنح هى الفرصة التى تعمل علي التغيير من حياة الطالب وتفتح له أفقا جديدة للتعلم من خلال توفير فرص حقيقية للتدريب والتطوير والبعض الآخر لا يمثل فى حقيقة الأمر أكثر من «إعفاء من المصروفات» أو جزء منها تحت مسمى منحة..ولكن ما هى مواصفات المنحة المثالية من وجهة نظر الطلاب المتفوقين والخبراء؟ ..الإجابة فى السطور التالية..
ياسمين يحيى مصطفى طالبة مصرية خريجة مدارس المتفوقين الحكومية «ستيم» والتى نالت شهرة واسعة عندما أطلقت وكالة ناسا للفضاء اسم عائلتها على مجموعة كويكبات تكريما لتفوقها فى مسابقة دولية. رُشحت ياسمين للعديد من المنح الدراسية فى جامعات حكومية وخاصة داخل مصر ولكنها فضلت استكمال دراستها فى إحدى الجامعات فى الخارج وتقول: ارتبط تنسيق الجامعات الخاص بى بالكليات الطبية نظرا لطبيعة المواد التى درستها فى الثانوية العامة و كنت أرغب فى دراسة مجال هندسة الطاقة والبترول فتوجهت لإحدى الجامعات الخاصة فى قبرص ونظرا للتفوق وحصولى على شهادات تقدير دولية وجوائز فى مسابقات عالمية حصلت على منحة جزئية 50% من المصروفات من الجامعة وخلال العام الدراسى الحالى حصلت على منحة اخرى من احدى الشركات الخاصة لاستكمال المصروفات الدراسية.
وتضيف: »المنحة حققت حلمى فى الوصول للتخصص الدقيق الذى رغبت فى دراسته، وفى رحلة البحث عن منحة وجدت أن الطالب المصرى المتفوق يستطيع أن يصل للعديد من الجامعات الاجنبية ويُقبل فيها بسهولة ولكنه سيكون فى حاجة للكثير من الدعم المادى ليكمل مسيرة نجاحه وهنا يظهر دور المسئولية المجتمعية للشركات ورجال الأعمال فى دعم المتفوقين، أما المنحة المثالية للطالب المتفوق من وجهة نظر ياسمين فهى التى تشمل كل المصروفات المتعلقة بالدراسة والاقامة وبخاصة إذا كانت خارج مصر وكذا توفير فرص تدريب داخل الشركات والمؤسسات المتخصصة فى مجال دراسة الطالب والدورات التدريبية الإضافية التى تنمى من مهاراته.
أما نورهان فؤاد ابنة مدينة المحلة الكبرى فقد حصلت على منحة دراسية فى جامعة النيل التى تدرس فيها هندسة الكمبيوتر، حيث تخرجت بتفوق فى مدرسة المتفوقين بالمعادى عام 2016 تلك المدارس الحكومية التى تؤهل طلابها للحصول على أفضل الفرص الدراسية نظرا لتفوقهم، وترى نورهان أن تنوع المنح يتيح للطلاب فرصا مختلفة للاختيار كما يتيح قدراً من تكافؤ الفرص وتوضح قائلة: »يقدم كل طالب السيرة الذاتية الخاصة به للجامعة تتضمن درجاته وأيضا جميع الانشطة الرياضية والمجتمعية والبحثية التى يقوم بها وكل اضافة فى السيرة الذاتية يتم تقييمها من الجامعة وبالتالى تحدد نسبة المنحة التى يحصل عليها وقد حصلت من جامعة النيل على منحة كاملة وتشمل مصاريف الجامعة بالكامل ،أما المنحة المثالية للطالب المتفوق من وجهة نظر نورهان فهى التى تشمل بالاضافة للمصروفات الدراسية توفير سكن للطلاب وتأمين صحى ووسائل انتقال ومصروف شهرى وايضا توفير انشطة رياضية للطلاب وتقول: «المنظومة المتكاملة من شأنها أن توجد للطالب المتفوق مناخا يساعده بشكل أكبر على الاستمرار فى التفوق».
جامعات حكومية
من جهتها تقدم الجامعات الحكومية العديد من المنح الدراسية للطلاب المتفوقين كل عام وان كانت المصروفات «الحكومية» لا تمثل للبعض عبئا حقيقيا إلا أنها تسعى لتقديم تجربة مختلفة ايضا للطالب المتفوق فبحسب الدكتور محمود علم الدين المستشار الإعلامى والمتحدث الرسمى لجامعة القاهرة فالمنح تعد نوعا من أنواع التقدير من الجامعة للتفوق ونوعا من مسئولية الجامعة نحو المجتمع وهى رسالة للآخرين من الطلاب فى الثانوية العامة لتشجيعهم على التفوق، وهى فكرة موجودة فى اغلب الجامعات على مستوى العالم حيث تسعى لضم أفضل الكفاءات العلمية بين صفوفها لترتقى بالمستوى العلمى المقدم داخلها.
وقد خصصت جامعة القاهرة 90 منحة لاوائل الثانوية العامة فى التخصصات العلمية والادبية ولا تقتصر المنح على نظام تعليمى محدد ولكن من حق الطالب المتفوق بعد قبوله من مكتب التنسيق داخل الكلية أن يختار البرنامج المناسب له سواء البرنامج الدراسى العادى أو برامج الساعات المعتمدة أو برامج الشهادات المشتركة وتشمل المنح المصروفات والاقامة فى المدن الجامعية والكتب الدراسية وكل المستلزمات الجامعية ، وأضاف: «النموذج الذى تقدمه جامعة القاهرة نموذج مميز يهدف لتحفيز الطالب المتميز والمتفوق واعطائه دفعة للأمام ليستمر فى تفوقه ويكون نموذجا ملهما لغيره من الطلاب الجدد».
أكد الدكتور عبد الفتاح سعود، نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون التعليم والطلاب، أن الدولة تقدم لجميع المتفوقين سواء كانوا قادرين أو غير قادرين منح التفوق، نظراً لتميزهم العلمى خلال مرحلة الثانوية العامة، وبالإضافة لتلك المنح تقدم الجامعات الكبرى العديد من برامج التعليم المتميزة العالية التكلفة التى تتيح للطالب تعلم مهارات متخصصة أو تكنولوجيا جديدة وتحتاج تلك البرامج لميزانية كبيرة للإنفاق على كل طالب ليحصل على تجربة تعليمية مختلفة تسهم فى خروج «منتج تعليمي» عالى الجودة. وهذه البرامج الجديدة لا تتوقف على تعليم الطالب فقط ولكنها تسهم فى خروجه بأفكار جديدة ومبتكرة وتدعم الطالب المتفوق فى تحويل تلك الأفكار النظرية إلى تجربة تطبيقية قد تكون اختراعا جديدا أو كيانا اقتصاديا منتجا مثل الشركات الناشئة، وبالتالى فإن التكلفة العالية للتعليم الجامعى فى البرامج المميزة تحتاج لدعم الطلاب المتفوقين سواء كانوا قادرين ماديا أو غير قادرين وذلك من خلال المنح التى تمول إما من الحكومة أو الميزانية الخاصة بالجامعة أو من منظمات المجتمع المدنى أو من الوقف التعليمى الذى يقدمه بعض كبار الأساتذة فى الجامعة.
أما المنحة المثالية من وجهة نظر نائب رئيس جامعة عين شمس فهى التى تشمل المصاريف الدراسية والإقامة، التي تمثل عاملا كبيرا جدا فى استمرار تفوق الطالب، لذا شهدت المدن الجامعية فى جامعة عين شمس تطوراً كبيراً جدا فى العام ونصف العام الماضيين لتحقق أسلوب حياة مختلفا للطالب يشمل سكنا جيدا وغذاء متوازنا وأنشطة رياضية وترفيهية.
كما يرى أيضا أن استمرارية المنح الدراسية لابد أن ترتبط باستمرار التفوق الدراسى للطالب، وأخيرا يقترح الدكتور سعود أن يٌلزم الطالب المتفوق الحاصل على منحة بعد تخرجه بخدمة بلده لعدد معين من السنوات كنوع من رد الجميل لمصر.
جامعات خاصة
«هى المسار الذى يؤدى لفتح الأبواب وتغيير حياة الطالب بشكل جذري» هكذا وصفت رحاب سعد مدير أول الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والمتحدث باسم الجامعة، المنح الدراسية التى ترتبط فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالعديد من قصص النجاح الملهمة حيث تمثل المنح جانبا أساسيا فى سياسة الجامعة التعليمية وتخصص لها وللمساعدات المالية 23.3 مليون دولار سنويا من ميزانيتها. وتضع الجامعة فى أولوياتها رعاية الطلاب المتفوقين غير القادرين على دفع مصروفاتها وضمهم للجامعة من خلال أكثر من 80 منحة مختلفة للطلاب المصريين والأجانب. وتقول رحاب: تهدف الجامعة لجذب الطلاب المتفوقين بشكل عام وليس شرطا أساسيا أن يكونوا من الأوائل، فالتمييز الأكاديمى مطلوب ولكن أيضا التميز الرياضي، أو الفني، أو التميز فى خدمة المجتمع، هى أيضا معايير ينظر إليها عند تقدم الطالب للحصول على منحة، سواء كانت كلية، أو جزئية. وتضيف:«أهم معايير المنحة هى الجدارة والاستحقاق»
حيث يتلقى نحو 45% من طلاب الجامعة منح أو مساعدات مالية بشكل من الأشكال مثل مساعدات مالية أو تخفيض على المصروفات فى أى مرحلة من مراحل دراسته، بالاضافة لوجود برامج العمل أثناء الدراسة لجميع الطلاب يتيح لهم العمل فى حرم الجامعة كمساعد أستاذ مادة أو فى أحد المكاتب التابعة للجامعة والمرتبط نشاطها بدراسة الطالب ليستفيد بشكل عملى من وجوده فيها ويحصل على أجر مقابل هذا العمل.
مشروعات دولية
«تخطى الحدود التقليدية للتعلم وفتح مسارات جديدة للفكر النقدى والإبداع» تلك باختصار هى معايير المنحة الدراسية المثالية كما تراها آمال موافى مدير مشروع برنامج المنح الجامعية المقدم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والذى تقوم على تنفيذه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وترى أن نجاح المنح الدراسية يتوقف على اتباع مجموعة من الأساليب المبتكرة للتعلم مثل التعلم التجريبى والإعداد الوظيفى وريادة الأعمال وهو ما يسهم فى إعداد الطلاب داخل وخارج بيئة الدراسة الأكاديمية.
وترى أن المنح الجامعية يجب ألاَّ تتوقف على التعلم فقط ولكن يجب أن تهدف إلى تنمية روح ومهارات القيادة لدى الطالب، بالإضافة لإتقان مهارات اللغة الإنجليزية لخلق مواطن قادر على مواجهة عالم الاقتصاديات المتغيرة وتقديم أبحاث عالية التأثير لا تفيد الباحثين فحسب بل تساهم أيضا فى التغيير والرقى بمجتمعاتهم الصغرى والكبري.
وبحسب إيهاب عبد الله نائب مدير مشروع برنامج المنح الجامعية المقدم من الوكالة الأمريكية فإن البرنامج يوفر منحا لـ700 طالب ويتم مراعاة عدة معايير فى تنفيذه بالاضافة لمراعاة التمثيل المتساوى بين الجنسين والمناطق الجغرافية وتمثيل الأشخاص ذوى الإعاقة ويدعم البرنامج خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمسئولية البيئية فى مصر من خلال التركيز على الدراسة الجامعية فى مجالات المياه والطاقة والزراعة والتمريض.
ويضع البرنامج عدة معايير لاختيار الطلاب الذين وصل عددهم هذا العام لأكثر من 4000 متقدم فبالاضافة لشرط التفوق الدراسى هناك معايير أخرى مثل مشاركة الطالب الفعالة في أنشطة غير دراسية مثل التنمية المجتمعية والخدمة العامة، والتمتع بشخصية ذات صفات قيادية وتتيح المنحة لبعض الطلاب الدراسة لمدة فصل دراسى أو صيف بجامعات الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التنمية الشخصية والمهنية والأكاديمية والاجتماعية خارج مصر.
مهارات أخرى
من جهة اخرى لا تعتمد المنح الدراسية فى الجامعات بالخارج على قدرات الطالب فى التحصيل الدراسى فقط، ولكن أيضا على مهاراته الأخرى التى يحتاجها المجتمع بشكل متساو مع احتياجه للتفوق العلمي، هكذا أوضح الدكتور أحمد وهبى استاذ العلوم التطبيقية والفنون وتلك المهارات قد تظهر أثناء عمله بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية أو أثناء المشاركة فى أحد الانشطة العامة أو التطوعية والتى يذكرها فى السيرة الذاتية والاوراق التى يقدمها للحصول على المنحة الدراسية، حيث يخضع كل طالب لعملية تقييم دقيقة للحصول على هذه المنح.
ويرى وهبي أن المنح لابد وأن تشمل مصاريف الإعاشة للطالب وإذا نظرنا للمنح التى تقدمها الجامعات الأجنبية فى الخارج سوف نجد أن الطالب يحصل على منح جزئية وتتيح له الجامعة فى سبيل توفير مصاريف الاعاشة فرص عمل «بارت تايم» مثل مساعد لأستاذ مادة أو وظيفة لجزء من الوقت فى مكتبة الجامعة واحيانا وظيفة فى مطبخ الجامعة وغيرها من الوظائف داخل حرم الجامعة توفر مرتبا مناسبا للطالب.
وأضاف وهبى أن معظم الجامعات تسعى لضم العقول المتميزة داخل صفوفها لأنها مؤسسات تهدف لإنتاج العلم ونشره وضم المتفوقين يحقق للجامعات اجراء المزيد من الأبحاث ونشر المزيد من الاوراق العلمية التى ترتقى أيضا بتقييم الجامعة بالاضافة الى أن الكثير من الأبحاث العلمية فى الجامعات الاوروبية تنتهى بالحصول على براءة اختراع وترتبط بالصناعة وتقدم حلولا للعديد من المشكلات سواء الصناعية أو المجتمعية.
من ناحية أخرى، تقدم وزارة التعليم العالى العشرات من المنح الدراسية كل عام للطلاب المتفوقين فى كل الجامعات الحكومية ومؤخرا أعلنت أيضا عن شروط الحصول على منحة في الجامعات الأهلية الجديدة (جامعة الجلالة وجامعة العلمين الدولية وجامعة الملك سلمان الدولية) منها منحة الرئيس عبد الفتاح السيسى والتى تشمل 100 منحة للطلاب المتفوقين فى الثانوية العامة، والمقبولين فى الجامعات المصرية الأهلية وفقا لمجموعة من الشروط، بالإضافة لمنح تطرحها الجامعات للطلاب المتفوقين الذين لم يحصلوا على المنح السابقة، ولكن ظروفهم الاجتماعية تستدعى مساعدتهم فى تكاليف الدراسة وتضع الجامعة أيضا مجموعة من الشروط للحصول على هذه المنحة.
وقال الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الإعلامى للوزارة إن المنح الدراسية تعد تشجيعا وتقديرا للمتفوق وان فكرة الإثابة تدعم الطالب المتفوق وتحفز غيره من الطلاب على اتباع نفس المسار، كما أنها تدعم وتضمن استمرارية الطالب المتفوق فى التحصيل العلمى وأن هذه المسيرة لن تتوقف لعدم قدرته المادية.
رابط دائم: