انتشرت ظاهرة التنمر فى الفتره الأخيرة، بصورة تشكل خطرا على المجتمع المصري، وأصبحنا نراها فى كل مكان، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الشارع، وفى محراب العلم «المدارس». ويعد التنمر أحد مظاهر العنف، ويسبب ضررا جسديا ونفسيا بليغا على المعتدى عليه، قد يصل أثره السيئ عليه إلى أن يدفعه إلى الانتحار، إذا لم يجد من ينتبه لحالته ومعاناته اليومية.
ولعل من أبرز حالات التنمر الصارخة، الطالبة «إيمان صالح»، التى انتحرت لتعرضها للاضطهاد من مشرفات المعهد التى كانت تدرس فيه، ونذكر أيضا الطالبة «بسملة» التى تعرضت للتنمر من مدرس اللغة العربية، ساخرا منها لسمار بشرتها.
وحفاظا على سلامة المجتمع المصري، وافق مجلس الوزراء، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، بإضافة مادة جديدة لقانون العقوبات، رقم (309 مكرر ب)، وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية، وبدوره أقر مجلس النواب هذا القانون، منتصف الشهر الماضي، الذى يغلظ من عقوبة التنمر.
ويقول محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب، إن جريمة التنمر تستدعى انتفاضة مجتمعية وتشريعية لتوعية المواطنين، مشيرا الى أن أهم ما جاء فى تعديل القانون هو وضع تعريف للتنمر، وهو كل استعراض قوة أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف، أو إساءة للمجنى عليه، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو السخرية منه، أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعي، وعقاب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
بالإضافة إلى تشديد العقوبة إذا كان مسلما إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائى أو كان خادما لدى الجاني، لتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ومضاعفة الحد الأدنى للعقوبة حال اجتماع الطرفين، وفى حالة العودة تضاعف العقوبة فى حديها الأدنى والأقصي.
ويؤكد ابو حامد أن هذا التشريع ليس كافيا للقضاء على ظاهرة التنمر بشكل نهائى وانه إحدى وسائل التصدى للجريمة، ويجب مساعدة الجهات الحكومية وغيرها فى نشر الوعى و إظهار خطورة التنمر ونتائجه التى قد تصل إلى حد الموت أو الانتحار ، فيجب توعية المواطنين عبر وسائل الإعلام المختلفة، بالإضافة إلى دور وزارة التربية والتعليم وخاصة ان معظم حالات التنمر تقع فى المدارس بين الطلاب.
كما يؤكد أهمية دور المؤسسة الدينية فى توعية الناس عن طريق الخطب بالمساجد ودروس الدين فى البرامج التليفزيونية والإذاعية، لشرح خطورة هذه الجريمة، وانها محرمة ليس فى الإسلام فحسب، بل فى جميع الأديان السماوية.
ويقول الدكتور محمود إسماعيل، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، إن القانون عرف التنمر تعريفا واضحا ودقيقا وشاملا، بعد ان كان الامر متروكا لتفسير كل شخص او جهة، حيث كان هناك خلط كبير بين مفهوم التنمر وبعض المفاهيم الأخرى خاصة مفهوم العنف، وهو ما كان يتيح للمتنمر فرصة الهروب من العقوبة.
ويوضح ان العقوبة التى حددها القانون والتى تقع على المتنمر مناسبة جدا للجرم المرتكب، وليس فيها غلو، وترك المشرع تدرج العقوبة للقاضى طبقا لرؤيته لما لحق بالمتنمر به من اذى جسدى او نفسى او مجتمعي، والاهم من صدور القانون ايضا تطبيقه على الجميع.
وتقول الدكتورة رانيا يحيي، عضو مجلس القومى للمرأة، إن تعديل القانون خطوة مهمة تؤكد حرص الدولة فى القضاء على هذه الجريمة، خاصة مع انتشار التنمر فى الفترة الأخيرة، لما له من اثره السيئ وخاصة مع ذوى الهمم والاحتياجات الخاصة.
وطالبت بسرية البيانات للمتنمر به، وزرع ثقافة تقبل الآخر، وثقافة الاختلاف عند الأطفال فى المدارس، مضيفة اننا نحتاج لإعادة منظومة القيم بمجتمعنا، ومن البداية نربى نشأ سويا حتى لا يتحول إلى مجرم، وهنا يأتى دور الإعلام والفن فى نشر الوعى لدى المجتمع.
رابط دائم: