رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رحيل «المصرى».. ينعش ذاكرة فنانى الأراجوز

كتبت ــ دعاء جلال

قال عنه الشاعر سيد حجاب «أراجوز أراجوز إنما فنان..أراجوز وشجيع والدنيا ميدان.. فارس حارس واقف ديدبان.. باحمى الغلبانة والغلبان..وشجاعتى ماهياش فى الطاخ طيخ..دى شجاعة تفكير وتماخيخ». بالفعل فإن فنان التحريك الواقف وراء «الأراجوز» يمتلك من الشجاعة الكثير، حتى إنه مازال يمسك بدميته ويسعى لتقديم عروضه، حتى وهو يعلم أن فنونه ومهنته تقاوم بوهن شديد خطر الاندثار الوشيك جدا.

يقاوم فنان التحريك ودميته حتى تمكن من العودة بشكل قوى نسبيا إلى دائرة اهتمام الجمهور المصرى. قبل أيام، ودع عالم فنانى تحريك العرائس، أحد مبدعيه صلاح المصرى. وفى وصف أثر رحيله، أكد الدكتور نبيل بهجت، أستاذ ورئيس قسم المسرح بكلية الآداب فى جامعة حلوان، أن: «فن العرائس فقد أحد أهم مراكز الذاكرة والتوثيق الخاصة به».

حكاية المصرى وإخوانه

وصف بهجت فى تصريحاته للأهرام، الفنان الراحل بأنه «فنان متعدد المواهب ذو شخصية قيادية تملك مهارات إدارة مسرح الأراجوز فى العروض التى تتسم بالتنقل من موقع إلى آخر». وأشار إلى أن المصرى كان من كبار «حفظة» الأعمال التراثية بعد شيخ لاعبى الأراجوز عم صابر المصرى، وكان يتميز بالحس الإيقاعى الموسيقى العالى، وظل يعمل فى هذه المهنة طوال 20 عاماً حتى توفى عن عمر يناهز 60 عاماً. وكان رحيل المصرى فرصة لقبول دعوة بهجت بزيارة عالم فنانى تحريك العرائس فى مصر، فيوضح أن «فنان الأراجوز» هو فنان شعبى شامل متعدد المهارات يحفظ ذاكرة فن من أقدم فنون هذه الأمة، استمر وتطور عبر مئات السنوات. وأن توارث هذا الفن أساسا قائم على التناقل الشفهى عبر الأجيال، ما يزيد من محورية دور محرك الدمي. وأضاف بهجت، أحد أبرز المدافعين عن «فن الأراجوز»، أن الفنان المحرك للدمية يستطيع القيام بعدة أدوار متناغمة. «فهو يصنع الدمى ويحركها ويمثل، ولابد أن يتميز بالحس الموسيقى العالى وخفة الدم إلى جانب سرعة البديهة والقدرة على الارتجال».

وينفى بهجت بقوة ربط فنون الأراجوز ومسارح الدمى بالمتلقى الطفل وعالم الترفيه الصرف، مؤكدا أنه فن أكثر عمقا وشمولية ويحمل الكثير من الرسائل الهادفة، ولذلك قام بهجت بتأسيس «فرقة ومضة» لعروض خيال الظل والأراجوز، وشعارها: «لدينا مانستطيع أن يعبر عنا». وتهتم هذه الجهود بالوصل ما بين الجيل الحافظ لتراث الأراجوز والدمى، والمتمثل فى اسماء مثل صابر المصرى، وصبرى سعد متولى، وصابر شيكو، وغيرهم، وبين الجيل الجديد مثل صلاح بهجت، ومصطفى الصباغ، وغيرهما. ويؤكد بهجت أن تقديم عروض هؤلاء الفنانين من خلال وزارة الثقافة و«بيت السحيمي»، دليل كاف على التقدير المحلى والاعتراف به فنا من فنون الدولة، وكذلك التقدير العالمى والذى تمثل فى سفر فنانى «الأراجوز» إلى مهرجانات عديدة بالخارج، وكذلك إدراج «فن الأراجوز» على قوائم التراث التابعة لليونسكو.

ويأمل بهجت فى مزيد من الدعم والاهتمام بهذه الفئة من الفنانين، وذلك بتوفير مرتبات دائمة لهم والسماح بانضمامهم كأعضاء فى نقابة المهن التمثيلية، وكذلك الإستمرار فى توفير أماكن ثابتة لتقديم عروضهم. ويوضح بأنه منذ عام تم تقديم مشروع خاص بتأسيس مدرسة للأراجوز إلى اللجنة الوطنية الدائمة لليونسكو، من خلال وزارة الثقافة، ولم يتم البت فى هذا الطلب حتى الأن.

إبداع عبر وسيط

الصورة التى قدمها الدكتور بهجت مهمة لكن ينقصها شهادات فنانى الأراجوز أنفسهم، ولذلك كان الحديث مع على أبو زيد، المتخرج فى قسم المسرح جامعة حلوان، شعبة التمثيل والإخراج وعضو «فرقة ومضة» منذ عام 2002. يقول أبو زيد «الموهبة والدراسة من أهم الأدوات الواجب توافرها فى فنان العرائس والأراجوز»، مؤكدا أن فن «تحريك الأراجوز» يعد أصعب من الأداء التمثيلى الاعتيادى. ويشرح: «الفنان على المسرح ينقل إحساسه وتعبيراته مباشرة إلى الجمهور، أما مع فن الأراجوز، فهو يقوم بنقل مشاعره وأحاسيسه عبر وسيط جامد متمثل فى الدمية، وهى بدورها تنقل هذه المشاعر إلى الجمهور».

ومن أكثر ما جذب أبو زيد إلى هذا الفن التراثى، هو أن العاملين به قليلو العدد. وأوضح أن جمهور «الأراجوز» متنوع بين مختلف الأعمار، قائلا: «إن المحتوى الذى نقدمه يدور حول قضايا اجتماعية وأسرية تنال اهتمام الأسرة بأكملها». ويشير إلى حرص الفنانين هذه الأيام على المزج ما بين التراث الشعبى القديم، مثل قصص على الزيبق، وملاعيب شيحة، وبين الواقع والمشكلات المعاصرة.

ونفى أبو زيد عن «فن الأراجوز» سمة «التوريث«، موضحا أنه الفن الذى أتاح له السفر إلى نحو 30 دولة لتقديم عروض فنية والمشاركة فى مهرجانات, ويتذكر مدى الإقبال الشديد الذى لقيته هذه العروض فى الخارج للانبهار، الذى وصل حد إرسال الأطفال من الجمهور فى الخارج رسوما توثق وتجسد تأثرهم عبر البريد الإلكترونى.

ويلتقط الفنان محمود سيد خيط الحوار، موضحا أن فنان «الأراجوز» يعتمد فى عروضه بالخارج على تفعيل أكبر للأداء الحركى، وذلك للتغلب على عائق اللغة والنجاح فى توصيل الرسالة. ويعود محمود سيد إلى نشأته الأولى فى منطقة السيدة زينب، حيث كان يقام مولد السيدة زينب، وفيه تقدم الكثير من العروض الشعبية، وعلى رأسها عروض الأراجوز. ويحكى: «من هنا بدأ تعلقى بهذا الفن الساخر. ومن أجله، التحقت بقسم المسرح شعبة التمثيل والإخراج. وأرضى «الأراجوز» شغفى بالتمثيل، لكونه يحقق التنوع فى تجسيد أكثر من شخصية من وراء الستار وبأصوات وطرق مختلفة، بالإضافة إلى أداء دور الراوى، وذلك كله فى عرض واحد».

ويرى سيد أن هناك جهودا جادة لدعم «الأراجوز» و «فنون خيال الظل» فى مواجهتها أمام سطوة «أفلام الكارتون» و«الألعاب التكنولوجية»، فهناك ورش تنظم من أجل تعليم تصنيع الدمى، وإحياء لجولات عروض «الأراجوز»، مبديا أمله فى إنشاء تكتل قوى وواضح لفنانى «الأراجوز» وخيال الظل، فرغم أنه عضو بنقابة المهن التمثيلية، فهو يحلم مع غيره بتحقق مشروع «نقابة» لفنانى تحريك العرائس وغيرهم من مبدعى الفنون التراثية والشعبية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق