تزخر مصر بفنانين يمتلكون ادواتهم وإلهاماتهم المتعلقة بهويتنا المصرية الممتدة منذ قدماء المصريين بميراث لا ينضب من الرموز والجماليات الفنية، لكن العديد من الحواجز والجدران افقدت البعض بوصلة الجينات المصرية التى تحمل ملكة وموهبة التذوق لكل ألوان الفنون، ونحن هنا لا نقصد انتقاد فنان وآخر أو التشهير بنماذج إنسانية، رغم الثورة العارمة التى شهدتها مواقع التواصل ليستباح القصاص من عمل نحتى، وبعيدا عن تقييمه علينا العودة خطوات عندما سمحنا لوابل من اللاقيم والقبح البصرى يزحف نحو شوارعنا والكثير من ميادين بلادنا، أما على مستوى المحافل والمعارض الكبرى فقد منحت من الجوائز وإبرام عقود المصالح فى كثير من السنوات الماضية لتتحول الساحة الفنية لحالة من شبه الخواء الفنى وفناء ما يصلح أن يضاف لرصيد فنانى مصر من قيم جمال تمكنها أن ترتق بوجدان وتطلعات المجتمع، ولعل أفضل مثال على ذلك بعد ثورة 19 عندما تشارك الشعب المصرى عن طواعيه للاكتتاب عام 1921 م/ لإقامة تمثال نهضة مصر الشهير للفنان محمود مختار ليثبت قدر الوعى الذى قد يضيفه الفنان لمجتمعه، إنها الأهداف والمزايا التى يكشفها الفن الحقيقى والتى يلقى بها الفن الزائف دون وعى، و بالعودة لسنوات أقرب نجد بين المقصرين فى نواة التعليم الأولى وحصص الفنون التى تفرقت دماؤها لحساب مواد اخرى كانت تدار بالحفظ والتلقين رغم أن الفنون كان يمكن لها أن تذلل صعاب مواد اخرى اذا تمت دراستها وإدارة مناهجها على نحو يثرى الخيال ويبقى العلوم الجامدة بالشكل والرسوم فى الأذهان، وإذا اغلقنا باب المنح والدراسات الفنية رغم أهميتها والرؤية المتنورة منها، إلا أن الأساس الأول لابد أن يولد بين دراسات من الأقصر وأسوان وربوع بلادنا أو حتى بين حنايا ضفاف نهر النيل والطبيعة الملهمة الأولى لكل مبدع وغير مقلد للمدارس الفنية والأساليب العالمية دون رؤية واضحة، وأخيرا فإن مسألة اختيار الأعمال التشكيلية خاصة الميدانى منها أو الجدارى لابد ان يعاد النظر فى معاييره وقيمه المضافة فهو فن قائم على التلاحم والتواصل مع الجمهور بالشوارع والميدان وأداة يمكن أن تجعل ادوات الفنون والثقافة فى عزلة وتنافر مع مجتمعها أو تعود كنموذج يجتذب انظار الناس ويجعلهم رافضين للقبح مقبلين على تذوق الفنون والارتقاء بحاضرهم.
رابط دائم: