رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

محمود درويش.. «قيثارةُ الوجع»

محمود درويش

فى مثل هذا اليوم قبل 12عاما رحل محمود درويش قيثارةُ الوجع الإنساني الذى يرى الموت حياةً والتجربة، بعد أن ترك بصمته فى ديوان الشعر العربى. اتسم إبداع درويش ببساطة العبارة وعمق الفكرة، والرومانسية والحنين، ومحاولة اكتشاف الذات عبر الشعر، وسرت الوطنية فى شعره حتى لقب بشاعر فلسطين، وشاعر الجرح الفلسطينى.

كتب درويش أولي قصائده وهو في المرحلة الابتدائية، كانت فترة التكوين وبداية الوعى بقضية الوطن والانتماء، والتأثر بشعراء الرومانسية أمثال نزار، وكان نصه مباشرًا حتى انتقل إلى القاهرة ثم بيروت فأخذ شعره طابع الثورية والاهتمام بالقومية..ورويدًا تطور أسلوبه فاستخدم الدوال الشعرية واستعان بالتاريخ والدين والأسطورة والحضارة. فى ديوانه الأول «عصافير بلا أجنحة» ــ قبل النضج ــ قدس الحرية وغنى للمشردين وتحت شباك الحبيبة. وفي «أوراق الزيتون» بدا اتساع مدى اطلاعه، واتسم بالنضج والقدرة على تنظيم المشاعر، والبعد عن الخطابة والصخب، وعبر عن آلام الفلسطيني وآماله ومعاناته وهمومه وشعوره بالغربة في دياره، وغدت الأرض الفلسطينية ــ الى جانب المرأة ــ هى المحبوبة.

وفى «عاشق من فلسطين» و«آخر الليل» و«العصافير تموت فى الجليل» و«حبيبتى تنهض من نومها» بدا درويش أكثر غني وتميزاً على طريق التطور.

وفي دواوينه «أحبك أو لا أحبك» «تلك صورتها» «هذا انتحار العاشق» «حصار لمدائح البحر» «هى أغنية.. هى أغنية» تطور فكره وتجلى وعيه، وأولى مزيدا من الاهتمام لبناء القصيدة، وأقام الدليل على صدق موهبته ورسوخ أقدامه شاعرا. وعمد فى «لماذا تركت الحصان وحيدا» إلى توظيف الرمز التاريخى (الأندلس ــ الهنود الحمر ــ المغول ــ تدمير بغداد) لإضاءة اللحظة الآنية فى الواقع الفلسطينى والعربى.

ورغم أنه أدرك التوسع والانتشار لم يركن قط إلى أى نجاح حققه، وظل طوال مسيرته يتجاوز ذاته، ويسابق قرّاء شعره، ويتقدم على نقاده، ولذلك اعتبروه حالة شعرية متميزة ومتفردة فى مسيرة الشعر العربى المعاصر، وصنفوا إبداعه من زاوية تاريخية مرة وفنية فكرية مرة، وعدوه فكرا ولغة وتصويرا وموسيقى شاعرا حداثيا بامتياز.

وازداد إبداعه عمقا؛ فنا ومضموناً، بكتابة القصائد الطويلة ذات البناء الشعري المسرحي، ليأخذ مكانه المستحق في مسار تطور الشعر، وينال المكانة شاعرا متميزا لا على المستوى العربى فحسب بل علي المستوي العالمي.

 خاض درويش تجربة ارتباط الذات بالآخر، ومنح القدرة على أن يمنح اللحظة الحية بُعدًا أبديًا بالشعر، وعلى أن يضم الجميع فى نسيج هوية واحد، وسيبقى أحد أفضل الشعراء العرب المعاصرين - على حد وصف الكاتب الإسبانى خوان غويتيسولو- لأنه استطاع تصوير الهموم الشعرية بطريقة فنية جميلة ومؤثرة. كانت القاهرة إحدى أهم المحطات في تجربته الشعرية، التقى فيها الشعراء الذين أحبهم وتربى على شعرهم: عبد الصبور وحجازي ودنقل والأبنودي، وبعد أن ضمه هيكل إلي نادي كُتّاب الأهرام وجد نفسه مع محفوظ وإدريس وبنت الشاطئ في مكتب واحد، بجوار مكتب الحكيم.

يقول درويش : « وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرؤها وأعجب بها.. فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية والأدب المصري. التقيت كبار الكتاب الذين كنت من قرائهم: نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق