رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. حسن عطية.. قيمة علمية وأدبية ترحل فى هدوء

محمد بهجت
د. حسن عطية

فقد الوسط الفنى والمسرحى قبل أيام قيمة أدبية وعلمية وإنسانية كبيرة برحيل الدكتور حسن عطية عميد معهد الفنون المسرحية الأسبق وأحد كبار النقاد المتخصصين والموسوعى صاحب العديد من المؤلفات المهمة منها كتابه عن رحلة ومسيرة الفنانة المبدعة سناء جميل والذى حمل عنوان زهرة الصبار القمرية إشارة إلى مسرحيتها الشهيرة زهرة الصبار وكتابه ألفريد فرج صانع الأقنعة المسرحية.. وكتابه عزت العلايلى ملح الأرض وحلوها.. وهى كتب حملت الرؤية العلمية الممنهجة بأسلوب شديد البساطة والتشويق لجذب القارئ غير المتخصص وتعميق فهمه للفنون الراقية.

وله كتب أخرى أكثر تخصصا مثل «الثابت والمتغير دراسات فى المسرح» والذى صدر قبل أكثر من ثلاثين عاما ويعد من أهم المراجع النقدية للدارسين والمهتمين بهذا المجال.. وكتبه «فضاءات مسرحية» و«سوسيولوجية الفنون المسرحية «بالإضافة لمؤلفات عديدة فى النقد السينمائى من أهمها «نجيب محفوظ فى السينما» و«يوتوبيا السينما المصرية» و«السينما الأسبانية» و«سينما أمريكا اللاتينية» وقد ساعده على وضع هذه المؤلفات إتقانه الشديد للغة الأسبانية حيث حصل على درجة الدكتوراه من إحدى جامعات مدريد بأسبانيا وله العديد من المقالات والدراسات النقدية المنشورة بكبرى الصحف والمجلات الإسبانية.. وقد تشرف صاحب هذه السطور بالاقتراب من الدكتور حسن عطية حيث ترافقنا فى رحلات عديدة.. فقد كان الراحل يحرص على متابعة الأنشطة المسرحية الشبابية فى الأقاليم وحضور المهرجانات ذات الطابع الدولى أو الإفريقى أو المحلى وأذكر فى رحلة السودان للمشاركة فى معرض الخرطوم الدولى للكتاب حرصه على حضور أمسية شعرية شرفت بتقديمها مع الموسيقى والغناء وكان هو أول الحاضرين قبل الموعد الرسمى بساعة كاملة ولم يبد انزعاجه من حرارة الجو وعدم وجود مبرد فى القاعة أو الخيمة المعدة للأمسيات. إذا أردنا الدقة فقد كانت السودان الشقيق فى تلك الفترة تحت حكم الجماعة الإرهابية التى لا تولى الثقافة أو الفنون أى اهتمام يذكر وفى اليوم التالى كان من الواجب أن أرد زيارته وأحضر ندوته عن المسرح السوداني.. والحق أنه ألقى محاضرة مشوقة ساحرة عن نشأة وتطور المسرح فى السودان بتفاصيل تاريخية دقيقة دون أن يستعين بورقة مكتوبة وكان يحفظ أسماء ممثلين هواة فى أقاليم السودان إلى درجة أدهشتنى وسألته عقب الندوة ونحن نتناول العشاء وعرفت انه زار السودان مرات ومرات وقابل كل هؤلاء الفنانين وتابع عروضهم الفنية ومراحل تطورهم أو توقف البعض منهم.. كان الرجل بمنزلة موسوعة متحركة فيما يتعلق بالمسرح العربى بل والإفريقى أيضا.. وحضرت معه فى مدينة أسيوط أول مهرجان للمسرح الإفريقى بحضور فرق عديدة من شمال وجنوب السودان ومن غانا والمغرب وتونس والجزائر ودول أخرى عديدة وكان الجميع يقابلون الدكتور حسن بترحاب كبير وكأنهم أقرباء أو أصدقاء عمر طويل.

وتكرر الأمر فى مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى وخاصة مع الفرق الناطقة بالأسبانية والتى تعرف أكثر من غيرها قدره وقيمته النقدية الرفيعة.. أما على المستوى الإنسانى فقد كان الدكتور حسن يتحلى بأخلاق العلماء فى التواضع و أدب الاختلاف وحسن الإنصات حتى للأفكار التى لا يقرها.. أذكر وهو رئيس الدورة الحادية عشرة للمهرجان القومى للمسرح المصرى إنه اقترح على أعضاء اللجنة العليا ــ وشرفت أن أكون واحدا منهم ــ ترشيحه لأسماء أعضاء لجنة التحكيم.. وتحفظت على عدم وجود نجوم ونجمات بارزين ومشهورين بين أعضاء اللجنة.. كان رأيه هو تغليب عنصر الخبرة والأستاذية الأكاديمية على الشهرة لأن التحكيم يحتاج إلى معايير علمية قد لا يعرفها الكثير من النجوم وقلت له إن هذا لا يمنع المزج بين أصحاب الخبرة الأكاديمية والمراس الطويل وبين بعض النجوم لجذب الإعلام وخاصة المرئى منه للمهرجان.. واقتنع بوجهة نظرى وقال: الحقيقة أنا حاولت مع أكثر من نجم ولكن الكل مشغول بالتصوير لقرب حلول شهر رمضان المبارك عقب المهرجان مباشرة.. فقلت ليس كل النجوم يعملون فى مسلسلات الدراما هذا العام فقال متحديا: اقترح اسم نجمة مسرح لها تاريخ مشرف ولم ترتبط بعمل فأجبت: الأستاذة سميرة عبدالعزيز، وهنا لمعت عيناه بالفرحة وقال: «طبعا موافق».. وهو ما يدل على سعة أفقه وقبوله للرأى الآخر إذا ما اقتنع به.. وله مواقف كريمة كثيرة منها إصراره على دعوة ضيوف مهرجان أسيوط من الأفارقة على نزهة نيلية وإصراره على دفع قيمة إيجار القارب.. وحرصه الدائم على مصاحبة زوجته ورفيقة كفاحه الدكتورة عايدة علام فى أسفاره.

ورغم حزن أصدقائه وتلاميذه فى كل الوطن العربى على فقدانه فإن أثره سيبقى فى كتبه ومقالاته علما ينتفع به لأجيال وأجيال كما سيبقى اسمه على مسابقة العروض المصرية الحية فى المهرجان التجريبى هذا العام وهى الفكرة التى اقترحها قبل وفاته حرصا منه دائما على إتاحة الفرص لشباب المبدعين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق