«تعددت الافتراضات والاحتمالات، بيد أن الهول واحد»، هذا هو التوصيف الذى يمكن إطلاقه على انفجار ميناء بيروت المروع مساء أمس الأول، فبينما الحرائق تشتعل والتدمير يلاحق المناطق المحيطة بالمرفأ لمسافة تزيد على خمسة عشر كيلومترا، والضحايا يتساقطون قتلى بالعشرات وجرحى بالآلاف، تسارعت التفسيرات والتحليلات لتحديد الطرف، أو بالأحرى السبب الذى أفضى إلى هذا الانفجار، على هذا النحو الذى لم تشهده بيروت، حتى أثناء الحرب الأهلية فى سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت.ولأن بينى جانتس وزير الدفاع الإٍسرائيلى كان قد توعد قبل أيام بتدمير البنية التحتية للبنان فى حال قيام حزب الله بشن هجوم على جيش الاحتلال عبر الحدود المشتركة، فقد سارع بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء إلى نفى أى علاقة لإسرائيل بالانفجار عقب وقوعه بوقت قصير، وما يضعف هذه الفرضية دون استبعادها تماما، هو أن الشرط المتمثل فى هجوم حزب الله لم يقع.
وفى السياق ذاته، فإن ثمة من يشير بإصبع الاتهام لحزب الله، المدعوم من قبل إيران بضلوعه فى الانفجار، لاسيما مع قرب صدور قرار المحكمة الدولية، فى قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى فى عام 2005، والذى يتهم 4 أعضاء من حزب الله بتنفيذ مؤامرة اغتياله، وذلك حتى يشغل لبنان والإقليم، وربما العالم بحدث مروع، ومن ثم لايكون هو فى منطقة التركيز الإعلامى خلال الفترة الراهنة والزمن الآتي، ويرى أصحاب هذه الفرضية أن كلا الحدثين: تفجير أو انفجار الميناء واغتيال الحريرى يشكلان مسارا مفصليا على الصعيد الوطني، على نحو كرس هيمنة حزب الله على مفاصل الدولة اللبنانية سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وتجلى ذلك بكفاءة عالية بعد رحيل الحريرى عن السلطة والحياة.
أما على الصعيد اللبناني، فإن الرواية الرسمية تتحدث عن إهمال وتقصير ، وفق ما أعلنه رئيس الحكومة حسان دياب، نتيجة الإبقاء على كميات بهذا الحجم، من نترات الصوديوم مخزنة منذ عام 2014، متوعدا بإجراء تحقيق موسع وسريع تظهر نتائجه خلال خمسة أيام رافضا استباق نتائج التحقيقات لكنه شدد على معاقبة المسئولين، والأمر نفسه أكده اللواء عباس إبراهيم، رئيس المديرية العامة للأمن العام فى لبنان، الذى أوضح أن الحاوية التى كانت تحتوى على المواد شديدة الانفجار هى مصدر الحريق الأولى ثم التفجير المروع فيما بعد .
وإذا كانت الحقيقة فى قضية اغتيال رفيق الحريري، ظهرت بعد خمسة عشر عاما، فهل يمكن أن يتم كشف حقائق وأسرار وألغاز انفجار أو تفجير مرفأ بيروت خلال خمسة أيام وفق رؤية دياب ؟.
رابط دائم: