رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

على أحمد باكثير.. يمنى ولد فى إندونيسيا وعاش وتزوج بمصر

المنصورة ــ إبراهيم العشماوى
على أحمد باكثير

كتب «وا إسلاماه» فى حديقة ابن لقمان بالمنصورة وحصل على الجنسية بأمر ملكى وقلده عبد الناصر وسام الفنون  

 

 

 

هو خلطة لا تتكرر كثيرا امتزج فيها الدم العربى والإسلامى ، فأصبح أديبا فذا، حلق فى سماء الفكر الإنسانى كالطيور المهاجرة الأصيلة.. على أحمد باكثير..

ولد فى إندونيسيا عام 1910 لأبوين من حضرموت باليمن، ليصبح بعدها أديب مصر الكبير الذى حصل على جنسيتها بأمر ملكى عام 1951، وقلده الرئيس جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون عام 1963. بلغت شهرة باكثير الآفاق حتى انه تقاسم، فى إحدى المرات، جائزة الدولة التقديرية مع أديب مصر العالمى نجيب محفوظ. لكن حكايته مع مدينة المنصورة التى قضى فيها 10 سنوات مدرسا للغة الإنجليزية وزواجه من إحدى مواطناتها، لها طعم آخر.

فقد أبدع خلال هذه السنوات فى إنتاج سلسلة أعماله الشهيرة، ومنها رواية «وا إسلاماه»، ومسرحية «دار ابن لقمان» والتى حصل بفضلها على جائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية. وتحكى المسرحية قصة انتصار المسلمين على الصليبيين، وأسرهم الملك لويس التاسع ملك فرنسا وحبسه فى دار ابن لقمان الشهيرة . وكانت المنصورة ملهمة باكثير، حيث كان يقطن فى حى «ميت حدر»، القريب من «مدرسة الرشاد»، بشارع محمد فتحي، ويمر يوميا بشارع بورسعيد الذى يحتضن «دار بن لقمان» التى أصبحت متحفا قوميا .   

يقول الدكتور إيهاب رجب الشربينى، مؤرخ المنصورة وشوارعها وأحيائها، أن على أحمد باكثير سافر إلى المنصورة سنة 1940 وتم تعيينه مدرساً للغة الإنجليزية فى «مدرسة الرشاد الثانوية»، وعاش بالمدينة أجمل أيامه وتكونت فيها شخصيته الثقافية وكتب بها أشهر أعماله جميعا. ووفقا لتوثيق الشربيني، فان باكثير كان يحلو له الجلوس فى حديقتى «فريال» و «شجرة الدر»، ومقهى «أندريا»، ليكتب فصول «واإسلاماه»، التى تحولت لاحقا إلى أحد أشهر أفلام السينما المصرية. كما تم تدريسها لطلاب المرحلة الثانوية بالمدارس المصرية لسنوات طوال.

ويضيف الشربينى: «باكثير تعرف أثناء عمله فى المنصورة على عائلة كريمة فتزوج من ابنتهم التى كان لها طفلة صغيرة ولم ينجبا وقام بتربية ابنة زوجته».

وخلال جولة للبحث عن «مدرسة الرشاد» بالمنصورة التى عمل بها على باكثير عثرنا فى شارع محمد فتحى من ناحية البحر وشارع الجمهورية على بقايا مجمع مدارس كبير كان يضم المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وأخلى بعضه وبقى الجزء الأعظم منه هيكلا بجدرانه العتيقة التى غزتها الملوحة والصدأ.

والمدرسة، كما يقول أهل المنطقة، درست فيها الفنانة الكبيرة فاتن حمامة خلال المرحلة الابتدائية، وبجوارها منزل قديم للفنان الدكتور يحيى الفخرانى تمت إزالته ووضع أسوار حول أرضه، أما لوحة المدرسة، فقد تم نهبها مع بوابة المدرسة بعد أحداث عام2011. ولم يتبق من هذه المدرسة العظيمة، إلا غرفة صغيرة تستغلها مديرية التربية والتعليم بالدقهلية كمخزن للتغذية تابع لحى غرب المنصورة .  

وبالعودة إلى باكثير وفترة إقامته بالمنصورة، يلاحظ واقعة شهيرة أوردها الكاتب والصحفى الفلسطينى المعروف محمد على الطاهر وكنيته «أبو الحسن»، صاحب جريدة « الشورى»، والذى قادته الظروف إلى المنصورة، ولقاء باكثير. تعرض الطاهر للاعتقال فى حياته 4 مرات، إحداها  كانت عام 1940 لأسباب تتعلق بآرائه الصحفية المناهضة للاستعمار. وتمكن من الهرب وتنكر بزى شيخ ريفى، ومن بين البلاد التى مكث فيها متخفيا كانت المنصورة.

وهناك بدأت معرفته بباكثير، ودبر له الأخير مسكنا باسم مستعار فى زقاق ضيق بحى «ميت حدر»، وتجمع الطاهر وصديقه باكثير لقطة فى المنصورة عام 1942 أمام كوبرى طلخا. كما كلفه الطاهر بمهمة سرية لزيارة زوجته فى شقتها بشارع شبرا، وتوصيل رسالة إليها للإطمئنان عليه فكان سرورها عظيماً لأنها لم تكن تدرى منذ شهرين أين زوجها .

ظهرت مواهب باكثير مبكرًا فنظم الشعر، وهو فى الثالثة عشرة من عمره، وغادر حضرموت عام 1931م وتوجه إلى عدن ومنها إلى الصومال والحبشة واستقر زمناً فى الحجاز. وفى المحطة الحجازية، نظم مطولته  «نظام البردة»، كما كتب أول عمل مسرحى شعرى له وهو «همام فى بلاد الأحقاف»، وطبعهما فور وصوله مصر، وذلك وفقا لمؤسس موقع «باكثير» الرسمى على شبكة الإنترنت، الدكتور عبدالحكيم الزبيدى.

حصل باكثير على ليسانس الآداب  فى اللغة الإنجليزية من جامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليا» ثم التحق بمعهد التربية العالى فحاز شهادته.


خلال تكريمه من عبدالناصر

واشتغل فى التعليم وتأليف القصص التاريخية والأدبية الناجحة. فكل مسابقة تعلنها وزارة المعارف أو إحدى الهيئات الثقافية كان باكثير يشارك بها، فيفوز بالجائزة مع طبع مؤلفه.

وقد بلغ من نبوغه المثالى أن وزارة الشئون الاجتماعية طلبت سنة 1947 سـت روايات فى مواضيع معينة فتلقـت 500 رواية، وعندما فتحت اللجنة المختصة أغلف الروايات الفائزة، اتضح أن باكثير فاز بروايتين منها ، فداعبته إحدى الصحف طالبة من الحكومة منعه من دخول المسابقات .

وفى سنة 1955م انتقل باكثير للعمل فى وزارة الثقافة والإرشاد القومى بمصلحة الفنون وقت إنشائها، ثم قسم الرقابة على المصنفات الفنية وظل يعمل فى وزارة الثقافة حتى وفاته. ترك باكثير إنتاجًا أدبيًا وفيرًا، حيث ألف أكثر من 60 قصة ورواية، بين مسرحية شعرية ونثرية تناولت التراجيديا والكوميديا. وخلال الفترة من 1961 ــ 1963 حصل باكثير على منحة تخرج مدتها عامان، أنجز فيها الملحمة الإسلامية الكبرى عن الخليفة عمر بن الخطاب فى 19 جزءاً، وتعد ثانى أطول عمل مسرحى عالمياً ، وتوفى باكثير فى 10 نوفمبر 1969م، ودفن بمدافن الإمام الشافعى فى مقبرة عائلة زوجته . عشق باكثير مصر كثيرا وأهداها قصائد المحبة، منها «حنانيك مصر»  يقول فيها :

ليتَ شِعْرِى إنْ يحِنْ فيكِ حِمَامي

ترتوى من حبكِ العذبِ عظامِـيْ

أم يظلُّ الدَّهْرَ لهفى وأُوَامِي

آهِ! إن طالَ بِـوَادِيكِ مَنَامِي

أتَضمينَ رُفَاتى بحنانِ ؟

آهِ يـا مصــرُ أُحِبُّـــكْ.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق