رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جرجى زيدان .. ورؤية «الهلال»

كتب ــ وسام أبو العطا

دائما ما ترسم الأقدار طريق صاحبها دون أن يدرى أو يشعر بأن حياته تسير كالقطار على قضبان القدر. بدأ الفتى جرجى زيدان العمل فى بداية حياته مساعدًا لوالده فى مطعمه بلبنان، حيث أشرقت شمس حياته عام 1861. وكان الأب يعده لكى يخلفه فى إدارة مطعمه المتواضع، فقام بإرساله إلى مدرسةٍ متواضعة لتعلم القراءة والكتابة والحساب، و لكن الأم، والتى كانت تتطلع إلى مستقبل مشرق لولدها، رفضت أن يكمل حياته فى مطعم والده فأرسلته إلى مدرسة مسائية لتعلم اللغة الإنجليزية .

رغب جرجى زيدان فى تعلم الطب وقد تحقق له ذلك بعد اجتيازه لاختبار القبول، فدرس الطب لعامٍ واحد فى الكلية السورية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية) انتقل بعدها إلى دراسة الصيدلة ، ثم قرر أن يسافر إلى القاهرة للالتحاق بكلية الطب ، ولكنه غير رأيه ليبدأ البحث عن عمل .

كان لتجربة الفتى فى مطعم والده الأثر الكبير على إثارة شغفه بالعلم والمعرفة، وخاصةً الأدب. فتركت طبيعة الناس الذين يرتادون المطعم من صحفيين ومثقفين وأكاديميين بصمة كبيرة فى تكوينه الثقافى. فبدأ بالعمل محررًا فى صحيفة الزمان اليومية، التى كان يمتلكها رجلٌ أرمنى الأصل يدعى نجيب مترى.

وبعدها عين مترجمًا فى مكتب المخابرات البريطانية فى القاهرة , ورافق الحملة البريطانية التى توجهت إلى السودان لإنقاذ القائد الإنجليزى «جوردن» من حصار جيش المهدى. وبعد رحلةٍ استمرت عشرة أشهر، عاد إلى بيروت عام 1885 وانضم إلى المجمع العلمى الشرقى الذى أُنشئ عام 1882 و تعلم اللغتين العبرية و السريانية. وألف بعدها أول كتاب وهو «فلسفة اللغة العربية» عام 1886، والذى مثل أول محاولةٍ واضحة لتطبيق مبادئ فقه اللغة المقارن على اللغة العربية .

كانت زيارة زيدان إلى لندن نقطة فارقة فى حياته حيث تردد على مكتباتها ومتاحفها ومجمعاتها العلمية، وعاد بعدها إلى القاهرة ليتولى إدارة مجلة المقتطف حيث بقى فيها ما يقارب العام ونصف العام , ثم قدم استقالته من المجلة ليعمل فى تدريس اللغة العربية فى المدرسة «العبيدية» الكبرى لمدة عامين .

بعد أن تأصلت روح العمل الصحفى بداخله، قرر جرجى زيدان إنشاء مطبعةٍ خاصة بالشراكة مع نجيب مترى. لكن الشراكة لم تستمر أكثر من عام، فانفصلا بعدها ليحتفظ زيدان بالمطبعة حيث أطلق عليها اسم «الهلال». فباتت تلك النواة الأولى لإنشاء «دار الهلال» فيما بعد . أصدر زيدان مجلة الهلال و كان يحررها بنفسه، وبعد أن كبر ولده إيميل، أصبح يساعده فى أعمال المجلة. وقد صدر العدد الأول منها عام 1892، وحمل افتتاحيةً بقلم جرجى زيدان موضحًا من خلالهما خطته وهدفه من إنشاء هذه المجلة، وبسبب نشاطه وعمله المتفانى، تمكن من جذب الأنظار إليه حتى صارت المجلة خلال خمس سنوات من أوسع المجلات انتشارًا.

كانت قصة «المملوك الشارد «، فى إشارة إلى المملوك الوحيد الذى نجا من مذبحة القلعة، هى باكورة أعمال جرجى زيدان الأدبية التاريخية، والتى بلغت نحو 22 روايةً قدمت التاريخ فى صورةٍ سهلة ومشوقة، وبلغةٍ جذابة تحمل القراء على متابعة الأحداث دون مشقة أو ملل مثل «أرمانوسة المصرية»، و»غادة كربلاء»، و»فتح الأندلس»، و»العباسة أخت الرشيد»، و»الأمين والمأمون»، و»شجرة الدر»، و»استبداد المماليك».

و قد نالت رواياته قدرا كبيرا من النقد حيث يرى البعض انه اكتفى بتناول فترات الصراعات السياسية والدينية ، وعلى الرغم من ذلك فإنه يعد المؤسس لهذا اللون من الروايات التى تجمع بين التعليم والتسلية والتاريخ.

ظل جرجى زيدان يعمل بجدٍ، وقد انكب على كتاباته و هو يسابق الزمن فى إتمامها إلى أن غربت شمس حياته مساء يوم الثلاثاء 21 يوليو عام 1914 بعد أن ترك للصحافة المصرية و العربية إرثا عظيما اسمه ( دار الهلال )

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق