رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«تشيكوف» ٠٠سيد القصة الساخر من «القضايا الصغيرة»

كتب ــ وسام أبوالعطا
أنطون تشيكوف

«لو أن كل إنسان صنع فى قطعة أرض كل ما يستطيع، لأصبح كوكبنا فتنة للناظرين»، عبارة خالدة من عبارات أنطون تشيكوف، والذى إلى جانب انشغاله بالأدب , كان يحب البناء ويعشق البساتين ويراقب نمو الأشجار.

لقد أدرك تشيكوف توافه الحياة، وعرف طريق السخرية منها منذ نعومة أظافره، ففى عامه الثامن، أرسله أهله، وهو الابن الثالث بين ستة أبناء، إلى «الجيمانزيوم»، وهو نوع من المدارس الثانوية فى بعض أنحاء أوروبا يوفر التعليم المعتاد إلى جانب التعليم الرياضى. لكنه، وكمعظم أقرانه من الأدباء، أثبت فشلا فى مسألة النشاط الرياضى، واشتهر بتعليقاته الساخرة ومزاحه وبراعته فى إطلاق الألقاب الساخرة على الأساتذة. وكان يستمتع بالتمثيل فى مسرح الهواة وأحيانا كان يؤدى أدوارا فى عروض المسرح المحلى. كما بدأ فى كتابة «مواقف» قصيرة، وقصص هزلية فكاهية.

ولد تشيكوف فى يناير 1860، ببلدة ساحلية صغيرة جنوب روسيا اسمها

«ناجنروج»، حيث كان والده يعمل بقّالا. وقد تكاثرت على الوالد الديون مما اضطره فى عام 1876 إلى الهرب إلى موسكو تخلصا من ملاحقة دائنيه، وتبعته أسرته إلّا ابنه أنطون الذى بقى فى بلدته لمتابعة دروسه, حتى أنهى دراسته الثانوية عام 1879 بتفوق، والتحق فى العام نفسه بكلية الطب جامعة موسكو.

وفى العام التالى بدأ بنشر بعض القصص القصيرة والتعليقات الساخرة فى الصحف الفكاهية بأسماء مستعارة أشهرها «أنتوشا تشيكونته». وصار فى تلك الحقبة المعيل الوحيد لوالدته وإخوته الصغار. وعرف طعم المسئولية حتى أنهى عام 1884 دراسته الجامعية، ومارس مهنة الطب لبعض الوقت، ولكنه سرعان ما كرس معظم وقته وجهده للعمل الأدبى.

كثيرا ما كان تشيكوف يتحدث بحرارة وجدية ثم يسخر من نفسه فجأة، وفى هذه السخرية الرقيقة الحزينة تحس بالتشاؤم الرهيف لشخص يعرف قيمة الكلمة. وكان فى هذه المعرفة الوثيقة ما يميز معظم أعماله الأدبية، حيث كان يسلط الضوء على طباع أبطاله، فاضحا صغار النفس، وضيق الأفق، وبلادة الحس والذهن، وساخرا من التفاهة والنفاق

والقسوة، وكل ما يحرف الإنسان عن إنسانيته ويشوّه حياة المجتمع.

ومنذ النصف الثانى من ثمانينيات القرن التاسع عشر، شرع تشيكوف بتناول موضوعات وظواهر اجتماعية تتسم بالعمق والأهمية والشمول, كما لو كان يعيش بداخل كل إنسان ويعلم ما لا يعلمه هو عن نفسه، ما أدى إلى شهرته البالغة، وأحب الناس قراءة أعماله فى كل بقاع العالم لأنها

تقرب القارئ من نفسه أكثر وتظهر مكنونات النفس البشرية ومواطن الجمال والضعف فيها.

يقول الكاتب الكبير ماكسيم جوركى، وهو من الأصدقاء المقربين لتشيكوف إنه قال له ذات مرة: «لو كان عندى نقودا كثيرة لأقمت هنا مصحة للمدرسين المرضى،المدرس يا عزيزى بحاجة للعلاج و لمعرفة كل شىء، آه لو تعلم مدى حاجتنا إلى مدرس جيد ذكى مثقف والمدرس عندنا، عامل يدوى، شخص قليل الثقافة، ينبغى ألا نسمح بإذلاله إن من الحماقة أن ندفع ملاليما لرجل مدعو لتعليم الشعب».

وهنا يقوم تشيكوف بتشريح المجتمع و كيف أن الناس تنفق الملايين على توافه الأمور بينما لا تنفق على من يتولى ادارة تعليم العقول وإنارتها بالعلم.

فقد عكست كتابات تشيكوف الأجواء الاجتماعية والثقافية التى كانت سائدة فى روسيا فى تلك الفترة بصورة دقيقة، ومن أهم مضامين كتاباته انتقاداته اللاذعة لنمط الحياة الروسية، والمظاهر الاجتماعية السلبية التى تتسم بها.

وفى ١٥ يوليو عام 1904 تسلل مرض السل إلى جسد تشيكوف، ليغادر الحياة فى العام نفسه، ويدفن بجانب والده فى مقبرة نوفوديفيتشى فى موسكو، عن عمر 44 عامًا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق