رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عدسات إفريقية

صخر صدقى

دعونا نتقابل مع مجموعة مدهشة من المصورين الفوتوغرافيين الإفريقيين أطلقوا على أنفسهم فريق اللمسة الواحدة team» One Touch»، وهم خمسة عشر عضوا، منهم الفنانون والكتاب والموسيقيون والسينمائيون. والقاسم المشترك بينهم جميعا هو الرغبة العارمة فى تغيير الصورة النمطية عن أفريقيا، والعمل على إعادة تقديمها فى صورتها المتوثبة الجديدة، فلقد ضاقوا ذرعا بما تلتقطه عدسات المصورين الفوتوغرافيين الأجانب من مشاهد ليس الغرض منها سوى تسليط الضوء على الجانب السلبى لأسوأ ما فى القارة من فقر، وجوع وصراعات.


..................................

لقطات عن الإرادة القوية

وفى مقابلة تليفزيونية مع أوكوى أوكوه Okwi Okoh وهو أحد أعضاء هذا الفريق، قال «من غير المستحب أن نرى الأمور من زاوية واحدة نركز فيها على الجانب السلبى عندما يكون هناك الكثير من الإيجابيات، من أهم أهدافنا أن نظهرالناس فى مجتمعاتنا الإفريقية بشكل محترم، وأخلاقي، وليس مجرد لقطات تثير الشفقة والحزن، نحاول من خلال اللقطات أن نظهر إرادة الحياة عند الأشخاص المغمورين، لنؤكد على أنهم ليسو منهارين ولا مأزومين كما يحلو للبعض أن يصورهم، بل هم أقوياء حتى فى بؤسهم». وردا على سؤال آخر يقول أوكوي»من الممتع للمتلقى أن يجد نفسه وسط قاعة ممتلئة بصور لأشخاص ولأماكن ولمناظر طبيعية لم تلتقطها الكاميرات من قبل، ولم يكن حتى يعلم بوجودها. كما أنه سيرى الواقع غير المرئى فى صورة جديدة غير تلك التى اعتاد عليها». وفى حديث صحفى مع مصور فوتوغرافى آخر من المجموعة وهو ميوتيوا ماثيكا Matheka Mutua ذكر بأن المجموعة طلبت من المسئولين بتخصيص متحف للتصوير الفوتوغرافى فى نيروبى ليكون متاحا لكل المصورين من كل أنحاء القارة الافريقية لعرض أعمالهم.

مغامرات الفريق

حملوا آلاتهم الفوتوغرافية ومهماتهم وراحوا يتجولون فى طول البلاد وعرضها، فى المدن وفى القري، فى الأسواق وفى الحدائق القومية المفتوحة حيث ترتع الحيوانات البرية وتهاجر وتتصارع من أجل البقاء، وحيث يقابلون الرعاة من قبيلة الماساى المنتشرة فى جنوب كينيا وشمال تنزانيا. ترصد العدسات كل ما هو لافت ومثير للدهشة وللتأمل. يواجهون فى تنقلاتهم ومغامراتهم كل أنواع التحدي، خاصة فى الأحراش والطرق الوعرة، حيث يزداد التحرك صعوبة مع التقلبات المناخية، يقيمون فى المخيمات، وفى الفنادق، وفى المعسكرات. ينشرون لقطاتهم الفوتوغرافية على كل مواقع التواصل الاجتماعي، وفى مدوناتهم يكتبون ويسجلون مغامراتهم والأماكن التى قاموا بزيارتها. يتعاملون مع من يقابلونهم وعلى كل المستويات بحب، واحترام، وود، وليس بمنطق الاستعلاء, أو على أنهم مجرد وسائل. جاء هذا على لسان كيفين أومى Kevin Oume وهو من أعضاء الفريق، مضيفا بأن الناس طيبة ودافئة، وبأنهم يرون الجمال فى كل شيء، وعندما يلتقط صورة يتعمد التركيز على أكثر جانب جمالى يتبدى فيما يقوم بالتقاطه، ويؤكد فى كلامه على أن شغفه بالناس أكثر من شغفه بالطبيعة، وأنه على المستوى الشخصى عمل كمصور لمشاريع الاتحاد الأوروبى فى البلاد، ولكى ينجز مشروعه التصويرى كان يقوم بالترحال إلى أماكن عديدة لتغطية كل جوانب تلك المشاريع. وقد عرضت مجموعة الصور التى التقطها فى معرض مشاريع الاتحاد الأوروبى فى كينيا. وعندما سئل كيفين عن أطرف المواقف التى صادفته. ضحك وهو يقول»أثناء التقاطى صور التلميذات فى إحدى المدارس فى قرية بشمال شرق كينيا، وقعت عينى على واحدة منهن وهى تجهش بالبكاء. وعندما استفسرت عن سبب بكائها عرفت أنها كانت غائبة فى اليوم الذى أخذت فيه مقاسات الزى المدرسى وأنها لن تتسلم زيها، فما كان منى إلا أن دفعت لها ثمن الزي». وعن خططه المستقبلية ذكر بأنه يعد نفسه للذهاب إلى بحيرة فيكتوريا، يعيش فترة فى قرية الصيادين حول البحيرة، يوثق لحياتهم وتفاعلاتهم مع البيئة حولهم، لجمع ما تلتقطه عدسته فى كتاب. المجموعة لها شعبية كبيرة وهى متآلفة بصورة تدعو للإعجاب. عرضت مجموعة من الصور التى التقطوها فى جولاتهم فى صالة عرض خاصة بنيروبى فى إبريل 2016 تحت عنوان «ما وراء- «Beyond كان الدخول مجانا للجميع وقد عرضت جميع الصور للبيع مع تخصيص ٪30 من الدخل لمنظمة خيرية عالمية تسمى «التحرر من الجوع Hunger free» قامت هذه المنظمة بمشاركتهم فى بعض رحلاتهم ليس من أجل التقاط الصور لكن من أجل هدف مختلف، وهو تقديم المساعدة والتدريب على المهارات للمعوزين فى كل من كينيا وجنوب السودان.

ومن مصورى كينيا المشهورات من السيدات سارة وايسوا Sarah Waiswa التى لم تأت شهرتها من كونها فقط مصورة فوتوغرافية بارعة، ولكنها أيضا فنانة ومفكرة. وهى مولعة بالتفاصيل الدقيقة، وللقطاتها إيحاءات حية، وتلخص أسلوبها فى التصوير بأن وراء كل لقطة حكاية ينبغى للصورة أن ترويها. واحدة من الصور يظهر فيها وجه لرجل عجوز ترتسم على ملامحه معالم الألم، يده على خده، وفوق رأسه خوذة كبيرة. وعندما سألته لماذا يرتدى هذه الخوذة الثقيلة فى الجو الحار. رد عليها بأن أسنانه هى التى تؤلمه وليست الخوذة.

وقبل أن نترك كينيا نذكر أيضا المصورة الفوتوغرافية خديجة فرح Khadija Farah التى اتخذت من مخيم داداب للاجئين بكينيا Dadaab refugee camp مسرحا وهدفا لعدستها. وهو من أكبر المخيمات فى العالم وقد نزح إليه الآلاف من الذين أضيروا من الجفاف، والفيضانات والحروب. ومن خلال اللقطات تحكى عدسة خديجة عن الأنشطة فى المخيمات وعن حياة اللاجئين اليومية وسط مدينة كاملة بكل مرافقها وخدماتها العامة مثل المدارس والمستشفيات. تقول عن عملها بأنه بكل بساطة تسجيل اللحظة قبل أن تمر, وتوثيق واقع الحياة المعاشة للمهاجرين كما هو, وبدون تزييف.

صورة سلبية

وعلى الجانب الآخر نجد من المصورين من يلتقط السلبيات بعدسته ومن أكثر المصورين الفوتوغرافيين شهرة فى هذا المجال الفنان النيجيرى جورج أوسيدى George Osedi الذى فضح بعدسته ما يجرى من تعديات ومن تشوه للبيئة فى منطقة دلتا النيجر وهى منطقة غنية بالبترول. امتد نشاط شركات البترول إلى جنوب نيجيريا حيث فقدت الطبيعة عذريتها وتشرد الناس . اقتحمت عدسة جورج أوسيدى المكان بجسارة . التقطت مجموعة من الصور التى حركت مشاعر غضب كثيرة. فبعد أن كانت منطقة الدلتا من أكثر المناطق جلبا للخير، ضربتها انتكاسة التلوث فى مقتل. كانت صور أوسودى قد ركزت على العشوائيات والأدخنة الكثيفة والغازات المحترقة والوجوه المنكسرة. وهو يرد مبررا تركيزه على الجوانب السلبية التى تصل فى بعض الأحيان إلى حد البشاعة بأنه لم يرغب تسليط الضوء على السلبيات إلا من أجل التوعية بوجودها والعمل على تغييرها.

ولا يفوتنا هنا ذكر المصور الصحفى كيفين كارتر Kevin Carter من مواليد 1960 والحائز على جائزة بوليتزر عام 1994 عن تلك الصورة المقبضة للصدر، وهى من أكثر الصور السلبية عن افريقيا، وأشدها بشاعة وهى لشخص إفريقى عار، شديد الهزال حتى بدا كهيكل عظمي، محنيا على ظهره ومنكفئا على وجهه وعلى مقربة منه طائر من الجوارح يقف متحفزا انتظارا لموته. يقول عن ملابسات تلك اللقطة، بأنه لمحه وهو يتوقف لاهثا من الإعياء, وتبعه وهو يزحف فى طريقه إلى مركز توزيع الغذاء، وذكر بأنه لم يكن بوسعه أن يقدم له أية مساعدة سوى أن يبعد الطائر عنه بعد أن التقط الصورة. كيفين شاب أبيض من جنوب افريقيا كان مناهضا للتفرقة العنصرية فى بلده وكانت العدسة هى سلاحه فى محاربة التمييز العنصرى من خلال التقاطه لمشاهد العنف والتنكيل بالمواطنين السود. انتهت حياة هذا الشاب بشكل مأساوي، حينما وجد عدسة آلته الفوتوغرافية وقد تلوثت بمشاهد العنف والجوع والمرض، اكتوى صدره ولم يعد يحتمل قسوة قهرالإنسان لأخيه الإنسان فى حياة غريبة بائسة، لا تحتمل المزيد من المعاناة، وقد ذكر ما يفيد ذلك فى رسالة وداع حررها قبل أن يقدم على الانتحار، وكان ذلك بعد أشهر قليلة من تسلمه للجائزة.

مهرجانات التصوير الإفريقية

من أشهر مهرجانات التصوير الفوتوغرافى فى افريقيا هو بينالى مالى Bamako encountrer biennale»” الذى اهتم بعرض وترويج أعمال المصورين الفوتوغرافيين منذ عام 1994 وهو يقام كل عامين، وكان قد توقف افتتاحه عام 2013 للظروف السيئة التى مرت بها البلاد، وعندما افتتح نهاية عام 2015 قوبل بالتهليل والترحيب من قبل الفنانين والمثقفين. اشترك فيه أكثر من مائة مصور فوتوغرافى من عشرين دولة تحت شعار «الحديث عن الزمن -»Telling Time حيث اشتمل العرض على صور تعكس الماضى والحاضر، والرؤية المستقبلية لعالم أكثر جمالا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق