جائحة فيروس كورونا التى يعيشها العالم بأسره، تعد من أبرز الكوارث العالمية والتى تحظى بأهمية دولية من كافة الدول ، لاسيما وأن آثارها لا تقتصر على الجانب الصحى فحسب، وإنما تمتد تأثيراتها الخطيرة إلى الجانب الاقتصادى والاجتماعى فى حياة الأفراد، ولكن ما هو تأثيرها القانونى على العقود المتراخية التنفيذ، التى يكون فيها فاصل بين إبرام العقد وتنفيذه، مثل عقود المقاولات وعقود التوريد و عقود البيع بأثمان مؤجلة .
يجيب على ذلك المستشار الدكتور إسلام إحسان نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ، قائلا: إنه إذا طرأت بعد إبرام العقد ظروف أو حوادث استثنائية عامة، لم يكن فى الحسبان توقعها عند إبرام العقد ، وترتب على حدوثها إن صار تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد مرهقاً للمدين، وليس مستحيلاً، بحيث يهدده بخسارة فادحة، وهنا يجوز للقاضى بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول.
والأحداث الاستثنائية كثيرة تتغير بحسب المكان والزمان وطبيعة العمل، ومثالها الوباء الذى يعد حدثا استثنائيا عاما لا يقتصر على دولة معينة فحسب، بل يجتاح قارات العالم أجمع، وبالتالى تعد جائحة كورونا من الناحية القانونية من الحوادث الاستثنائية العامة التى ينصرف أثرها إلى عدد كبير غير محدد من الناس، والتى لم تكن متوقعة الحدوث وقت إبرام التعاقدات، بالإضافة الى عدم إمكانية دفعها من جانب المدين.
انقضاء الالتزام بالعقود
فإذا ترتب على تلك الجائحة تهديد المدين بخسارة فادحة و أدت الى إرهاقه فى تنفيذ التزامه، جاز له رفع دعوى قضائية لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، أما إذا ترتب عليها استحالة تنفيذ الإلتزام التعاقدى كلياً، وليس فقط إرهاق المدين فإنها تعد من قبيل القوة القاهرة التى تؤدى الى فسخ العقد وانقضاء الالتزام تلقائياً، على خلاف الظروف الطارئة التى لا ينفسخ الالتزام فيهاإلا بطلب من القاضى. ولقاضى الموضوع حق تقدير عمومية الحادث وتقدير توقعه، وقت التعاقد ومدى الإرهاق الذى يصيب المدين نتيجة ذلك الحادث الاستثنائى، وله فى ذلك رد الالتزام إلى الحد المعقول، بأن يضيق فى مداه، أو يزيد فى مقابله، مع مراعاة أن القضاء استقر على ضرورة أن يصيب المدين خسارة فادحة ؛ أما الخسارة المألوفة فى التعامل فى نطاق العقود فلا تكفى لإعمال حكم الظروف الطارئة أو الأحداث الاستثنائية .
رابط دائم: