رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أزمة متعلقات ضحايا «كورونا» تبحث عن حل

شيماء مأمون

«هذه الأشياء كانت آخر شيء يرتدونه قبل دخولهم المستشفي».. كانت هذه هى كلمات جو آن ديلجادو, مديرة العلاقات العامة بأحد مستشفيات نيويورك, التى واجهت إلى جانب أزمة فيروس كورونا أزمة أخرى، وهى كيفية التعامل مع متعلقات ضحايا الوباء والحفاظ عليها، بعد أن تجاوزت حصيلة الوفيات التى الحقتها الجائحة أكثر من عشرين ألفا من سكان نيويورك، حيث ظلت هذه المتعلقات دون مطالبة فى كثير من الأحيان، خاصة أن المسئولين فى كل المستشفيات لم يتمكنوا من تحديد أقارب الضحايا للتواصل معهم بخصوص هذه المتعلقات التى تضمنت آلاف الهواتف المحمولة، والنظارات، والملابس، والأحذية، والكتب المقدسة.

وقد أرغم تزايد أعداد الضحايا كثير من المستشفيات على تعديل خدمات إدارة أغراض المتوفين بسرعة كبيرة، بعد أن أصدرت الإدارة الصحية فى مدينة نيويورك إرشادات عامة تحدد أفضل الممارسات لمنشآت الرعاية الصحية لإدارة الأزمة بأمان والتعامل فى ظل تزايد هذه المتعلقات، فعلى سبيل المثال قام مستشفى «سانت بارناباس» بتخزين متعلقات المرضى فى غرف التشريح، والغرف التى كانت تستخدم للاحتفاظ بأمتعة المرضى المقرر إجراء جراحة لهم. وبحلول أوائل شهر مايو، قام مستشفى آخر، بتخزين حوالى 140 قطعة لم تتم المطالبة بها فى أكياس بلاستيكية، فى إحدى الغرف المجاورة للمشرحة، بعد أن قام فريق عمل فى المستشفى بإدراجها بجدول بيانات لسهولة الوصول إليها عند الحاجة.  

ويشير تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن كثيرا من المستشفيات والمراكز الطبية تواجه تحديات فى تعقب أقارب المرضى أو أصدقائهم، حيث غالبا ما يصل المرضى إلى المستشفى فى سيارة إسعاف بدون أى وثائق شخصية أو بيانات عن أقاربهم. الأمر الذى جعل العديد من المستشفيات تكلف موظفيها بالبحث عن أقرباء الضحايا، مما دفع العاملين بفرز الآف الحقائب وإجراء مئات المكالمات الهاتفية، وجدولة عمليات التسليم والشحن نظرا لما تحمله هذه المتعلقات من قيمة معنوية لأهالى المتوفين. ويزيد من صعوبة الأمر أنه فى الوقت الذى يتم فيه العثور على أقارب الضحايا والقيام بجدولة المواعيد لاسترداد متعلقات ذويهم، يرفض كثير منهم استلام هذه الأغراض، حيث لا يريدون أن تطأ أقدامهم المستشفى بسبب الخوف من الإصابة بعدوى الفيروس، علاوة على ذلك فإنه لا يزال الكثير من أهالى المتوفين فى فترة الحداد.

واستعرض التقرير تجارب العديد من الموظفين داخل المستشفيات خلال تعاملهم مع هذه الأزمة حيث غالبا ما كانوا يقضون أوقاتا طويلة فى محاولة تحديد مكان أقارب الضحايا. وتقول ديزيرى كونواي، ( 25 عاما): «بدأت عملى فى يناير الماضي، وكنت لا أزال  فى مرحلة التدريب عند بداية تفشى الوباء، حيث عملت ضمن فريق يجرى العديد من المكالمات الهاتفية خلال موجة الوفاة فى المدينة، لدرجة أنه كان يتم تمديد ساعات العمل خلال أيام الأسبوع الأولى بينما تبقى مفتوحة خلال نهايته»، مضيفة: «أصبحت الوظيفة أكبر بكثير مما كنت أتوقع».

ويقول دون سكيتى ووكر، مساعد رئيس الاتصالات والتسويق فى أحد المستشفيات: «لم يكن لدينا فى كثير الأحيان سوى معلومات محدودة للغاية، مع تضاعف أعداد الوفيات أصبح تتبع أمتعة المرضى أثناء نقلهم بين الوحدات أمرًا صعبًا للغاية». علاوة على ذلك فإن تسليم متعلقات الضحايا إلى ذويهم كانت تتم عبر إجراءات احترازية للوقاية من الفيروس. وتقول مارزيا سدروسكي، مديرة إدارة متعلقات المرضي، فى مستشفى كوينز: «يلتقى موظفو إدارة الطوارئ بأقارب المتوفى فى الخارج لأسباب تتعلق بالسلامة، وذلك بعد اتباع إجراءات السلامة من من خلال ارتداء الكمامات والقفازات واستخدام معقم اليدين».

ويضيف التقرير أنه من ضمن النماذج الإيجابية التى قامت بالبحث عن متعلقات ذويها ميريام إيلى (66 عامًا)، المقيمة فى فلوريدا حيث قامت بالاتصال بالمستشفى عدة مرات للاستفسار عن متعلقات شقيقها رافائيل إيلى (68 عاما), التى كانت بحوزته عند دخوله المستشفى بعد أن قضى قرابة الشهر على جهاز التنفس الصناعى بأحد المستشفيات بمدينة مانهاتن، والذى فقد حياته فى منتصف أبريل الماضي.

وتقول إيلي: «لم يتمكنوا من العثور على أغراض شقيقى لفترة من الوقت». إلا أنه بعد أن عثر المستشفى على متعلقات إيلى أخبر أحد أعضاء التمريض الذى أشرف على علاج أيلى بانه أوصى قبل وضعه على جهاز التنفس الصناعى بتسليم متعلقاته إلى صديقه جو شرام وبالفعل وصل أحد أفراد الأمن مرتديا قناعا وقفازات، إلى منزل السيد شرام. وقدم تعازيه، وقام بتسليم صندوق به متعلقات ايلي، تضمن ملابسه، وحذاء رياضيا، وحقيبة ظهر، أدوية، وكتابين، وهاتفا محمولا، وورقة كتبها ايلى لصديقه عنوانها «دع الله يملأ عقلك». ويقول شرام: «لقد تأثرت عاطفيا بطريقة لم أتوقعها»، مضيفا: «أردت أن يكون لدى تذكار صغير من صديقي، فهذا هو الشيء الوحيد الذى يمكننى التمسك به».

على الجانب الآخر، فقد كثير من أهالى المتوفين متعلقات ذويهم وهو ما تسبب فى صدمة كبيرة لهم، وتقول كريستال هاربر: «لم أفقد والدى فحسب، بل فقدت متعلقاته التى كانت معه عندما ذهب إلى المستشفى»، مضيفة: «عائلتى حزينة نتيجة فقدان متعلقاته الشخصية فى المستشفى حيث اختفت ملابسه، ونظاراته، وكتابه المقدس الذى يعد أكثر أهمية من أى شيء آخر».

أما ماريا ماكسين، فقد فقدت هاتف والدتها المحمول الذى كانت به مجموعة من الصور تجمعهما معا وتقول ماريا: «إنه شيء مؤلم، فقد كان هذا كل ما لدى من أمي، أما الآن فلا يمكننى استعادة أى شىء، ولن أتمكن من رؤية هذه الصور مرة أخرى».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق