رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الكفاءة والثقة

بريد;

من يتأمل قول الله تعالى في أمر سيدنا موسى مع ابنتي شعيب : «قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ» (القصص 26) لابد أن يدرك بلاغة وأهمية هذه الآية على الرغم من محدودية عدد كلماتها، ولم لا وهي تبين أن القوة (الكفاءة) والأمانة هما المعياران الأساسيان لاختيار أي مسئول يناط به شأن من شئون الناس؟.. وفي حديث شريف يقول رسول الله: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة»، ولكن للأسف فإن الشائع في كثير من الدول النامية هو اختيار المسئول من بين (أهل الثقة) وتفضيله على من هو من (أهل الخبرة)، وغني عن البيان أن في ذلك خطراً جسيماً على المجتمع سواء من منظور سوء الأداء وعدم الانجاز أو من منظور التكالب على المناصب.

لا مراء أن وصول غير الأكفاء إلى مواقع المسئولية يكون مصحوباً بالتفاف شلة من المنافقين حولهم يزينون لهم الكوارث ليجعلوها انجازات فيتصورون انهم عباقرة لم يأت الزمان بمثلهم، وهو ما يمثل فساداً بكل المقاييس، فالفساد غير مقصور على السرقة والنصب والتبديد والرشوة ولكنه ينسحب أيضا إلى عدم القيام بالمسئولية المنوطة بالمسئول .. إن العجز والإهمال هما فساد بلا شك.

إن هؤلاء يتخذون من المناصب مطية للاستعلاء في الأرض والتربح من السلطة والنفوذ وهو ما يكرهه الله سبحانه وتعالى « تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» (القصص 83). وعن أبي سعيد عبد الرحمن بن سمرة قال:قال رسول الله: « يا عبد الله بن سمرة لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها» وانظر إلى قصة الصحابي الجليل إبي ذر الغفاري عندما طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوليه الإمارة، فضرب الرسول بيديه على منكبي أبي ذر وقال له « يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»، ويقول الرسول: «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة».

قد يقول قائل: ولكن سيدنا موسى طلب من الله سبحانه وتعالى أن يجعل له وزيراً من أهله وهو أخوه هارون «وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِى هَارُونَ أَخِى» (طه 29/30)، ولكن الحقيقة الجلية أن سبب هذا الاختيار لم يكن لثقة سيدنا موسى في أخيه هارون فقط ولكن أيضاً لكفاءته.. «وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ» (القصص 34)، وانظر إلى اختيار الرسول لعبد الله بن أريقط (وهو مشرك) ليكون دليله في أخطر حدث في الإسلام وهو الهجرة من مكة إلى المدينة.. لقد كان الاختيار مبنياً على الكفاءة والأمانة، فهو لم يغدر بالرسول على الرغم من أن قريشاً قد رصدت مكافأة سخية (مائة ناقة) لمن يرشد عن مكان محمد صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن خبرة وحنكة عبدالله بن أريقط بدروب الصحراء، حيث سلك بالرسول وصاحبه أبي بكر الصديق طرقاً غير مطروقة في رحلة الهجرة ووصلا سالمين إلى المدينة المنورة. في قول واحد لا يوجد في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة ما يشير إلى أن يولى شخص أمراً من أمور الناس بناء على الثقة فقط – على الرغم من أهميتها- لأن الكفاءة هي الأهم.

د. محمد محمود يوسف

أستاذ بزراعة الإسكندرية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق