اعتبر الناقد د. صلاح فضل 30 يونيو 2013 هو الحد الفاصل الذى التقت فيه إرادة الملايين من أبناء الشعب المصرى من مختلف الأعمار والطبقات، مع إرادة الجيش وهو القوة الوحيدة القادرة على الإمساك بزمام الشارع، ومنع نشوب الحروب الأهلية التى كانت تسوقنا إليها دولة الإسلام السياسي.
وقال فضل إن كل المثقفين المصريين والعرب إذا تأملوا تاريخهم القديم،لابد أن يعتبروا 30 يونيو نقطة فاصلة فى تحول الثقافة العربية من مرحلة الاستلاب والتزييف باسم الدين الى مرحلة جديدة يمارسون فيها فكرهم المستنير، وطموحهم المشروع لتثبيت الدولة المدنية الوطنية بعيدا عن أوهام الخلافة وخداع الإسلام السياسي.
وأضاف فضل أن التجربة الديمقراطية التى حدثت إثر ثورات الربيع العربى المغدورة كشفت عن داء دفين فى بنية العقل العربى تمكن منه خلال ثمانية عقود منذ تأسيس الإخوان المسلمين فى عشرينيات القرن الماضي، مشيرا الى أن ذلك الوهم هو الذى استبد بالفقراء والأغنياء معا بشعار مضلل يرى أن الإسلام هو الحل، غير مدركين أن مفهوم الإسلام ذاته رؤية تاريخية تمسك بعصب العدل والحق والجمال، وتترك لمن يفهمه بجد أن يعمل عقله ، وينقيَ وجدانه ويحقق رسالة الله على الأرض فى عمرانها بالعلم والمعرفة والفن والجمال.
وقال فضل إن السلطة وإدارة أمور البشر متروكة لكل الشعوب صنّاع الحضارات الذين يعرفون مصالحهم، ويدركون مقتضيات أزمانهم، ويمسكون بطرف التطور الحضارى الذى يدفعهم إليه عقلهم الجمعى وثقافتهم الرفيعة.
واتهم فضل أنصار الإسلام السياسى باستغلال الفراغ الأيديولوجى الذى شمل أنحاء الوطن العربى بعد ضعف الاتجاه القومي، وانهيار التيار الماركسى بسقوط الاتحاد السوفييتي، لكى ينشبوا أظفارهم فى رقبة الجماهير الغفيرة، ويزرعون فيها أحلاما وهمية بمستقبل زاهر.
وأشار فضل إلى أنه «عندما أطل فجر الثورات العربية، تحول أنصار الإسلام السياسى بجشعهم الى فجر كاذب، وحاولوا بالعنف تارة، وبالخداع تارة أخرى أن يشكلوا الدولة الدينية التى تتهاون بالحدود المقدسة للأوطان، وتستغل طموح الشباب، وجهل الطبقات الفقيرة، لتشكل ميليشيات الإرهاب، وتستولى على مقادير الحكم».
وقال إننا إذا كنا ندين حتى اليوم لقواتنا المسلحة بهذا الإنقاذ التاريخى لمصيرنا، فإن سلوك هذه الجماعات الإرهابي، وتحريضهم المستمر على النظام المصري، وتآمر بعض القوى الدولية - من الأجهزة الاستخباراتية والحكومات التى توظفها - على مستقبل مصر، كل ذلك يعطّل حتى اليوم مسيرتنا الحثيثة نحو التحول الديمقراطى الذى يشترط الاستقرار والنضج السياسي، واستبعاد تلك التيارات العميلة قبل أن يتم بسلاسة كما حدث فى دول أوروبا الشرقية التى ما لبثت أن نعمت به، بمجرد تخلصها من هيمنة الاتحاد السوفييتى الشمولي.
واختتم فضل قائلا : «علينا أن نُشفى أولا من حمى الإسلام السياسى حتى نستأنف حركتنا فى البناء الحضارى والتنمية الحقيقية، والمسيرة السياسية المنظمة بخطوات محسوبة نحو التحول الديمقراطى الرشيد الذى يظل بكل ما يشمله من حريات مفتوحة وطموحات مشروعة ونضج اجتماعى نحو تحقيق العدالة، ليتمكن الشعب من الوفاء لقواته المسلحة التى أنقذته، وليستأنف بصحبتها رحلته نحو المستقبل الذى يعتمد على العلم والإنتاج والحرية».
رابط دائم: