رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الورقة الروسية».. سلاح الديمقراطيين الأخير فى وجه ترامب

مروى محمد إبراهيم
القوات الأمريكية فى افغانستان

الخصم صعب ، والمعركة تزداد سخونة..ولابد من إيجاد نقطة ضعف لتوجيه الضربة القاضية، لعلها تفلح فى القضاء عليه.. ربما هذا ما كان يدور فى ذهن جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما والمرشح الديمقراطى المرتقب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، عندما التقط طرف الخيط فى فضيحة المكافآت الروسية لقتل الجنود الأمريكيين فى أفغانستان. فقد سارع بايدن بتوجيه اتهامات للرئيس دونالد ترامب بـ«خيانة جيشنا العظيم» قبل حتى أن يتيح لنفسه أو للمواطنين التأكد من صحة التقرير الذى نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية حول صمت وتخاذل إدارة ترامب فى مواجهة المخطط الروسى لقتل الجنود الأمريكيين.

 

فقبل أسبوع تقريبا، نشرت «نيويورك تايمز» تقريرا كشفت فيه عن أن المخابرات الروسية عرضت مكافآت على عناصر طالبان مقابل قتل الجنود الأمريكيين وجنود قوات حلف شمال الأطلنطى «الناتو» العاملة فى أفغانستان. وشدد التقرير على أن المخابرات الأمريكية حصلت على معلومات حول المخطط الروسى وعرضته على الرئيس الأمريكى قبل عدة أشهر، إلا أنه لم يحرك ساكنا وفضل تجاهل الملف على حساب أرواح الآلاف من الجنود الأمريكيين.

وبطبيعة الحال، هذا الملف أو «الفضيحة» ـ إذا جاز التعبير ـ تكتسب أهمية خاصة فهى تأتى قبل أشهر قليلة من المواجهة الانتخابية الحاسمة فى نوفمبر المقبل. كما أن توقيت الكشف عنها يتزامن مع موجة من الاتهامات الموجهة لترامب بالفشل فى التعامل مع أزمة تفشى جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد19». فقد سعى الرئيس الأمريكى جاهدا للموازنة بين حماية الاقتصاد الأمريكى من أسوأ ضربة يتعرض لها منذ الأزمة المالية العالمية فى 2008، وبين اتخاذ قرار الإغلاق الصعب فى محاولة لإنقاذ أرواح الآلاف من الأمريكيين. ولكن فى النهاية الاقتصاد الأمريكى تكبد خسائر مهولة غير مسبوقة، فى حين تجاوز عدد المصابين بالوباء حاجز الـمليونى مصاب وعشرات الآلاف من الوفيات. ليخرج ترامب مهزوما كما لم يحدث له من قبل. فقد فشل على كلا الجبهتين. وما زاد الطين بله، موجة المظاهرات الحاشدة المناهضة للعنصرية، بعد مقتل الأمريكى الأسود جورج فلويد على يد شرطى أبيض، ليتحول إلى شرارة تشعل الغضب الكامن ضد العنصرية الأمريكية الراسخة ضد كل ما هو ليس أبيض. وفى ظل الاتهامات الموجهة لترامب بدعمه للمتطرفين اليمينيين وإيمانه بفوقية البيض، فقد حرص هذه المرة على التحرك بسرعة لطرح مشروع قانون لإصلاح الشرطة وتقليم أظافرها بشكل مرض لجميع الأطراف على حد تعبيره.

ولكن يبدو أن الديمقراطيين شعروا بأن هذه الأزمات التى تلاحق ترامب غير كافية لكسر شوكته، ولا يمكن مقارنتها بالاتهامات بتحالفه مع روسيا. فلا تزال ورقة التحالف مع العدو الروسى هى الورقة الرابحة من وجهة نظرهم. ولذا كان لابد من استغلالها على أكمل وجه. وهو ما دفع الديمقراطية نانسى بيلوسى ،رئيسة مجلس النواب إلى التحرك فورا بصحبة كبار رجال الحزب الديمقراطى للمطالبة بالتحقيق فى فضيحة المكافآت الروسية، ومعرفة متى حصلت المخابرات على معلومات بهذا الصدد ولماذا لم تتحرك الإدارة الأمريكية فورا للتصدى لها.

ويبدو أن شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية قررت تقديم الدعم غير المباشر للمعسكر الديمقراطى فى هجومه الأخير على منافسه اللدود ترامب، حيث نشرت تفاصيل مكالمات مسربة للرئيس الأمريكى أشارت إلى أنه وصف فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بـ«الغبية»، فى حين وصف تيريزا ماى رئيسة الوزراء البريطانية السابقة بـ»الضعيفة». وعلى النقيض، وصف تقرير «سي.إن.إن» محادثات ترامب مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين بأنها أشبه بالحديث الودود بين صديقين فى منتجع صحي، محاولة التركيز على مدى احترام ترامب لبوتين وتقديره له. فترامب يهين حلفاء أمريكا التاريخيين، مقابل احترام الأعداء.

الديمقراطيون فى واقع الأمر موقفهم صعب للغاية، فبالرغم من الأزمات وشخصية الرئيس الأمريكى المثيرة للجدل إلا أنهم فشلوا على مدار السنوات الثلاث ونصف السنةالماضية فى إدانة ترامب.

فمنذ اللحظة الأولى لفوز ترامب فى انتخابات 2016 الرئاسية ، وأصابع الاتهام موجهة لروسيا بالتدخل فى الانتخابات، وقد ثبت بالفعل وجود تلاعبات على مواقع التواصل الاجتماعى وإعلانات مدفوعة من حسابات مزيفة تهدف إلى التلاعب بالرأى العام الأمريكى وتشتيته. وجاءت تسجيلات المكالمات غير القانونية بين مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق مايكل فلين- أول مستشار فى عهد ترامب- وبين دبلوماسيين روس لترجح احتمالات تحالف ترامب مع روسيا، خاصة فى ظل تعيينه لريكس تيلرسون، الرئيس السابق لإحدى شركات البترول العالمية، صاحب الصلة الوطيدة مع الجانب الروسي، فى منصب وزير الخارجية. فكانت كل هذه الملابسات كفيلة بأن يستغلها الديمقراطيون لتوجيه اتهامات بـ«الخيانة» والتخابر مع دولة أجنبية للرئيس الأمريكى الجديد حينها، بل وتشكيل لجنة برئاسة المدعى الخاص روبرت موللر للتحقيق فى هذه الاتهامات. وكانت اللحظة المرجوة، وهى محاكمة الرئيس الأمريكي، ربما باتهامات أخرى غير التخابر مع روسيا، ولكنها كانت فارقة لا تتكرر كثيرا فى التاريخ الأمريكي. ولكن الجمهوريين نجحوا فى الفوز بهذه الجولة أيضا وإحباط المساعى الديمقراطية. فالورقة الروسية لم تكن كافية لهز شعبية ترامب، بل على النقيض فقد زادت تحركات ومخططات الديمقراطيين من قوة ترامب وزهوه بنفسه.

بالرغم من أن المواجهه تزداد سخونة مع الوقت ومع اقتراب جولة الحسم الانتخابية، لكن يبدو أن معين الديمقراطيين بدأ ينضب. وعادوا مرة أخرى إلى المربع صفر وهو الورقة الروسية، وبغض النظر عن مدى تدخل أو تلاعب روسيا بالانتخابات، إلا أن الواقع يؤكد أن استراتيجية التلاعب فى السياسات الداخلية للدول الأخرى ليست بغريبة على أمريكا نفسها، التى لجأت لها سرا وعلانية على مدار تاريخها لضمان صعود حلفائها أو بقائهم فى السلطة. وربما كان آخرها الانتخابات البولندية، عندما أعلن ترامب نقل قوات من ألمانيا إلى بولندا، معربا عن ثقته فى فوز الرئيس سباستيان دودا بفترة ولاية جديدة. الأيام القادمة ستكشف عما إذا كانت محاولات الديمقراطيين لإسقاط ترامب عن طريق اللعب بالورقة الروسية ستفلح أم أنها سترتد فى وجههم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق