رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«سد النهضة» فى مجلس الأمن اليوم.. ماذا حدث وماذا سيحدث؟

إشراف - هاني عسل
> مجلس الأمن الدولى يناقش اليوم ملف السد الإثيوبى أملا فى اتخاذ موقف دولى واضح بشأنه

ماذا سيحدث في اجتماع مجلس الأمن اليوم بخصوص مناقشة قضية سد النهضة الإثيوبي؟

وماذا حدث في الأيام القليلة الماضية؟

وكيف ستؤثر تشكيلة المجلس علي ما هو متوقع من نتائج؟

وما هي نوعية القرارات التي ستنتج عن الجلسة؟

وكيف تؤثر نتائج القمة الإفريقية المصغرة الجمعة الماضية في قرار مجلس الأمن؟

 

جلسة اليوم دعت إليها فرنسا، بوصفها رئيسة الدورة الحالية لمجلس الأمن، لمناقشة القضية بشكل تفصيلي، في ضوء المذكرات الثلاث المقدمة من مصر وإثيوبيا والسودان.

ومن المقرر أن تبدأ الجلسة كما هو مفترض في الثالثة عصر اليوم بتوقيت شرق الولايات المتحدة، التاسعة مساء بتوقيت القاهرة، ومن الممكن أن تمتد لساعات، أو لأكثر من ذلك.

ويتألف مجلس الأمن من 15 عضوا، هم في الوقت الحالي: الدول الخمس دائمة العضوية وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، ولها حق النقض «الفيتو»، و10 دول غير دائمة العضوية يتم اختيارها بالانتخاب، وهذه الدول حاليا هي: ألمانيا وبلجيكا وإستونيا وتونس وجنوب إفريقيا والنيجر وإندونيسيا وفيتنام والدومينيكان، إضافة إلي «سان فينسان وجزر جرينادين»، وتتولي فرنسا رئاسة المجلس.

ووفقا لنظام عمل المجلس، يمكن لأي دولة «عضو» في الأمم المتحدة، وليست من أعضاء مجلس الأمن، أن تشارك في مناقشات المجلس، ولكن دون أن يكون لها حق التصويت، وذلك في حالة إذا ما رأي المجلس ضرورة توجيه الدعوة لمشاركة دولة ما، وبخاصة إذا كانت تلك الدولة طرفا في نزاع، وهو ما يعني إمكانية مشاركة مصر والسودان وإثيوبيا في جلسة اليوم، دون المشاركة في أي تصويت.

وفي هذه النقطة، يقول الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام لـ»الأهرام» إن المجلس وحده هو من يحدد عادة ما إذا كان سيتعامل مع قضية سد النهضة علي أنها «نزاع»، أم «موقف»، مشيرا إلي أن الأمر هو الذي سيحسم مشاركة ممثلين عن الدول الثلاث في جلسة الإثنين من عدمه، فإذا تعامل المجلس مع القضية علي أنها «نزاع»، يتم توجيه الدعوة للأطراف المعنية للحضور، بينما إذا كان المطلوب منه مجرد «موقف»، فهذا معناه عدم وجود إلزام علي المجلس بدعوة أطراف القضية للمشاركة في المناقشات المفتوحة، ويوضح سلامة أنه سبق للمجلس أن رفض طلبا لجنوب إفريقيا تحديدا في الستينيات بحضور جلسة لمناقشة مشكلة، وحينما احتجت جنوب إفريقيا علي عدم دعوتها، رفض المجلس، وبرر موقفه بأنه يناقش «موقفا»، وليس «نزاعا».

ويضيف أنه من مصلحة مصر بطبيعة الحال التعامل مع القضية علي أنها «نزاع»، نظرا لأن هذا يعني حق مصر في الرجوع للمجلس كلما اقتضت الضرورة ذلك في القضية نفسها.

أما عن لماذا المضي قدما في مناقشة القضية في مجلس الأمن رغم النتائج التي أسفرت عنها القمة الإفريقية المصغرة التي شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الجمعة حول الموضوع نفسه، فالإجابة علي ذلك بوضوح هي أن المسارين منفصلان تماما، حتي وإن تحفظت إثيوبيا وجنوب إفريقيا علي نقل الأمر إلي الساحة الدولية، وإخراجه من الدائرة الإفريقية، وفي تلك الجزئية، يقول أيمن سلامة أيضا إن محكمة العدل الدولية حسمت هذا الموضوع من قبل بحكم قضائي بات، قالت فيه إن أطراف النزاع يستطيعون اللجوء إلي كافة الوسائل متزامنة أو متتابعة، بل إن مصر في هذه الحالة لو أرادت سحب طلبها أمام مجلس الأمن، فإن ذلك لا يعني غل يد المجلس عن مواصلة مشواره في مناقشة الأمر واتخاذ ما يلزم تجاهه.

أما، ماذا تريد الأطراف الثلاثة من مجلس الأمن؟ مصر تطالب في مذكرتها المقدمة الأسبوع الماضي بغض النظر عن نتائج قمة الجمعة المصغرة - بتدخل مجلس الأمن في المفاوضات المتعثرة، لضمان ألا تتخذ أديس أبابا خطوة منفردة بالملء الأحادي للسد قبل التوصل إلي اتفاق نهائي، تأسيسا علي اتفاق إعلان المباديء الموقع بين الدول الثلاث في مارس 2015، مع التأكيد علي أن الموقف الإثيوبي يهدد السلم والأمن الدوليين، ومع الإشارة أيضا إلي أن مصر قامت بالتزاماتها ووقعت بالأحرف الأولي منذ فبراير الماضي علي اتفاق واشنطن النهائي بشأن ملء وتشغيل السد، والذي تهربت منه إثيوبيا.

ومن جانبها، ردت إثيوبيا علي المذكرة المصرية الأسبوع الماضي بمذكرة أخري من 78 صفحة مليئة بالعبارات الاستفزازية والتأويلات المغلوطة، وأتبع ذلك تصريحات علنية من مسئولين إثيوبيين، باعتزام أديس أبابا ملء السد بشكل منفرد، سواء تم التوصل إلي اتفاق أم لا مع مصر والسودان، في انتهاك واضح للقانون الدولي، ولإعلان المباديء، والأسوأ من ذلك أن الجانب الإثيوبي كال الاتهامات للطرف المصري بمسئوليته عن الأزمة الحالية في المفاوضات، بدعوي أن مذكرة مصر لمجلس الأمن تجاوز للمفاوضات، وأن المفاوضات حول السد ليست حول تقاسم المياه وإنما للرد علي دول المصب، وأن مصر لم تخطر أحدا عند إنشاء السد العالي، والأسوأ من ذلك ما ذكرته المتحدثة باسم رئاسة الوزراء في إثيوبيا من أن تسريع مسار المفاوضات كان صعبا بسبب ادعاء مصر بـ»الحقوق التاريخية وحقوق الاستخدام الحالي»، استنادا إلي الاتفاقية الموقعة في حقبة الاستعمار عام 1959 بين مصر والسودان، بحسب زعم المتحدثة.

أما السودان، فقد تقدمت بمذكرة إلي المجلس، عبر وزيرة خارجيته أسماء عبد الله، تتضمن وجهة النظر المصرية ذاتها، وتعد خطوة جيدة ومفيدة بدرجة كبيرة في صالح الموقف المصري، خاصة أن الخرطوم أكدت للمجلس في مذكرتها ضرورة التوصل إلي اتفاق شامل غير مجزأ قبل البدء في الملء من الجانب الإثيوبي، مع ضرورة امتناع كل الأطراف عن اتخاذ قرارات أحادية الجانب، بما في ذلك البدء في ملء خزان سد النهضة قبل التوصل إلي الاتفاق.

ويعد هذا أقوي موقف رسمي من جانب السودان في هذه القضية، وأكثرها وضوحا، وسيكون له أثر كبير في القرار الذي قد يتخذه المجلس اليوم.

وعلي الرغم من النتائج الإيجابية التي تم التوصل إليها في القمة الإفريقية المصغرة، فإن البيان الصادر أمس الأول عن مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، يؤكد سلامة الموقف المصري في ضرورة التوجه إلي مجلس الأمن، وعدم الارتكان إلي الإصرار الإثيوبي والجنوب إفريقي علي قصر مناقشة الموضوع داخل النطاق الإفريقي، بمبدأ «حلول إفريقية للمشكلات الإفريقية»، فقد أكد البيان اعتزام إثيوبيا استكمال بناء السد، وبدء عملية ملء خزان السد من جانب واحد، في غضون أسبوعين، علي الرغم من أن لجنة الخبراء ستنتهي من عملها خلال أسبوعين.

وتزامن ذلك مع حملة «إلكترونية» شعواء من الجانب الإثيوبي لإنكار حق مصر في مياه النيل، وذلك علي الرغم من أن الشكاوي الإثيوبية كانت مستمرة من وجود خطاب عدائي ضد إثيوبيا في الإعلام المصري طوال الفترة الماضية.

أما عن مواقف الدول الكبري في مجلس الأمن، فمن الصعب الحديث عنها بشكل حاسم، ولكن فرنسا أبدت بشكل غير مباشر موقفا إيجابيا بالدعوة لعقد جلسة للمجلس، رغم وجود «لوبي» معارض لذلك طوال الأيام الماضية، بحجة أن هذا تدخل من المجلس في نزاع ما زال رهن المفاوضات، كما أن الموقف الأمريكي سيكون إيجابيا علي الأرجح بالنسبة لمصر، خاصة أنه كان شاهدا علي دور إثيوبيا في إفشال مفاوضات واشنطن التي جرت برعاية وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، وانتهت بتوقيع مصر علي اتفاق بالأحرف الأولي لإبداء حسن النيات، ولم توقع إثيوبيا، أما مواقف بريطانيا والصين وروسيا، فهي غير واضحة حتي الآن، والأمر سيتوقف علي المناقشات التي ستجري، وطريقة عرض الموقف، وإن كان من الواضح أن عملية الـLobbying تدور بشكل مكثف منذ أيام، لحصول كل طرف علي ما يريده، علي الأقل للوصول إلي قرار بأغلبية تسعة أصوات من أعضاء المجلس، ودون استخدام أي من الخمسة الكبار «الفيتو»، أو الامتناع عن التصويت بما يضر بالأغلبية المطلوبة.

وعلي الرغم من أن جنوب إفريقيا متواجدة في مجلس الأمن بجانب تونس والنيجر عن إفريقيا، فإن وضعية جنوب إفريقيا مهمة للغاية، نظرا لأنها الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، ولذلك، كانت لديها وجهة نظر معينة حيال المذكرة المصرية منذ البداية، تقوم علي أساس الإصرار علي عدم الإضرار بحق دولة إفريقية في التنمية، وعدم استباق مفاوضات لم تنته، والأهم من ذلك التمسك بمبدأ «حلول إفريقية للنزاعات الإفريقية»، إلا أنه بعد نتائج القمة الإفريقية المصغرة الأخيرة، ستكون أصوات الدول الثلاث في اتجاه واحد بطبيعة الحال لصالح استكمال المفاوضات.

أما عن القرار المتخذ، فأمامنا ثلاثة احتمالات: الأول إصدار قرار أو توصية، تأسيسا علي الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، والذي سيلزم الأطراف المعنية، وبخاصة إثيوبيا، باستكمال المفاوضات، مع عدم اتخاذ خطوات أحادية الآن، علما بأنه ليس من الضروري أن يذكر المجلس أنه يتصرف وفقا لأي فصل، ولكن عبارات القرار أو التوصية ستوضح ذلك ضمنا، وهذا هو الاحتمال الأفضل بالنسبة لمصر والسودان، ولكنه صعب الحدوث، لحاجته إلي موافقة أكثر من تسعة أصوات، وعدم وجود «فيتو» ضده.

والثاني هو إصدار بيان رئاسي، يتضمن نفس التوصية أو الرأي، ولكن مع درجة إلزامية أقل، وهو خيار لا بأس به أيضا.

أما الاحتمال الثالث، فهو الاكتفاء بإصدار بيان «إعلامي» لا قيمة له سوي كونه «أدبيا»، ولا يحفظ حتي في أرشيف المجلس، وهو خيار معناه أن تعود الأطراف الثلاثة إلي منهج التفاوض المشترك لحل مشكلتها، ولكنه خيار يقوض فرصة وجود دولتين دائمتي العضوية لديهما رغبة في حسم القضية داخل المجلس، وهما الولايات المتحدة وفرنسا، وهو ما تأكد من تصريحات متعاقبة لوزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، ومجلس الأمن القومي الأمريكي، وكذلك أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة.

أما عما أثير عن احتمال وجود تعارض في الاختصاصات بين مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي، فهذا مردود عليه أيضا من كلام الدكتور أيمن سلامة، والذي يقول إن مجلس الأمن هو الهيئة التنفيذية الحصرية لمنظمة الأمم المتحدة، وهو النائب الذي أوكلته الدول الأعضاء مسئولية الاضطلاع بالحفاظ علي السلم والأمن الدوليين، وإعادتهما إلي نصابهما إذا حدث خلل بهما، وهو الذي يراقب تصرفات الدول المختلفة.

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق