فيما سيظل منتصف يونيو 2020 تاريخا عالقا بالأذهان لفترة طويلة من الزمن ، لكونه مرتبطا ببداية خروج القارة العجوز والعالم من أحد أبرز الأزمات التى عصفت بالسياحة العالمية وقيدت حركة الملاحة الجوية، لاتزال الانتقادات تلاحق التجربة الأوروبية، على اختلاف سيناريوهاتها ، لكون الفوضى هى سيدة المشهد العام .
فالاتحاد الأوروبى الذى يسابق الزمن للنهوض بواحد من أهم قطاعاته الاقتصادية، الذى يوفر وظائف لنحو 27 مليون شخص، لم تستطع دوله اتخاذ موقف موحد حيال سيناريو الخروج، فآثر البعض التحرك سريعا وفتح الأبواب أمام الوافدين، بينما رأى آخرون أن «الممرات الآمنة» و «القوائم الانتقائية» الملاذ الآمن. التوجهان لقيا الكثير من الانتقادات، إذا رأى المراقبون أن السيناريو الانتقائى، ينذر بالكثير من الفوضى، كما أن قوائمه تعد تمييزية. أما الآخر، الذى يبدو الأكثر انفتاحا، وآثرته ألمانيا وإيطاليا، بدا غير واقعى لافتراضه أن الوضع الصحى فى جميع دول أوروبا واحد، لذا ربما يقود لموجة ثانية من تفشى فيروس كورونا، ومن ثم العودة لإغلاق الحدود مرة أخرى. الدافع الأساسى لتلك الدول كان إنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم السياحة الصيفى، إذ تصل نسبة مساهمة السياحة فى الدخل القومى لدول مثل إيطاليا إلى 13 %، وهى نسبة تفوق المتوسط الأوروبى المقدر بـ10%. لذا استبقت إيطاليا التاريخ الأوروبى المتفق عليه وهو 15 يونيو لتعلن فتح حدودها فى بداية الشهر ذاته، لتعقبها بقية الدول، مع تأكيد عدم حاجتهم للحجر الصحى.
فى المقابل، فضلت إسبانيا نهجا أكثر تعقلا عبر تأجيل خطوة فتح الحدود واستعادة السياحة حتى مطلع يوليو المقبل، مؤكدة أنها ستكون انتقائية حيال الدول التى سيسمح للوافدين منها دخول أراضيها.
الدنمارك ابتكرت شيئا آخر، ففتحت حدودها لألمانيا والنرويج وآيسلندا، فقط للإقامات التى تتجاوز مدتها الأيام الستة، ولا تقترب من عاصمتها كوبنهاجن.
تلك الفوضى حاولت المفوضية الأوروبية منعها بشكل مسبق عبر إصدار مجموعة من الإرشادات العامة والقواعد حول تدابير الحماية، ومنع تفشى العدوى. كالحفاظ على أدوات الحماية الشخصية، وفحص المسافرين فى المطارات، فضلا عن تعليمات صارمة حول تعقب الوافدين، وتحديد «البروتوكول الصحى» الذى يتعين على الفنادق و كل أماكن الإقامة المحتملة الالتزام به طيلة فترة وجود السائحين. فى الوقت ذاته، بادرت منظمة الوجهات الأوروبية «إى.بى .دى» بتحديد أكثر من 20 وجهة أوروبية آمنة يمكن للمسافرين قضاء عطلاتهم الصيفية بها، وعلى رأس تلك القائمة جاءت دول مثل جورجيا وكرواتيا والبرتغال ومالطا وسلوفينيا وفنلندا واليونان . اللافت للنظر فى كل تلك الفوضى، أن أوروبا ستتعمد فى الفترة المقبلة استثناء الولايات المتحدة والوافدين منها من السفر إليها، متعللة بتدهور الوضع الصحى هناك ، وخروج الجائحة عن السيطرة، فيما اعتبر ردا على الخطوة السابقة للرئيس ترامب عندما منع المسافرين من أوروبا دخول أراضيه، عندما كانت معدلات الإصابات فى حدود الألف مصاب، والقتلى بضع عشرات.
رابط دائم: