رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الرحلة الصاخبة

بريد الجمعة;

أنا رجل قادم من الجنوب، ومعى ثلاثة كتب ومكتبتى الآن بعد اثنين وأربعين عاما تزيد على ثلاثة آلاف كتاب!.. وكان الأمل يحدونى أن أكون العقاد الصغير أو معاوية نور آخر.

لقد ترك لنا والدنا مقهى نقتات منه حينما تركنا صغارا دون التاسعة، وأخوة بنات، ولا شك أن المقهى الآن قد ازداد فى إيراداته، لكننى لم أر نفسى فيه، وكنت أتمنى لو ترك لى والدى مكتبة صغيرة!.

 وسارت بى الحياة بين حلوها ومرها، ولم أحصل على شهادة جامعية بعد الثانوية العامة، لكنى أوتيت موهبة شعرية وقدرة على الكتابة والتأريخ، وتزوجت ثلاث مرات، وأنجبت ثلاثة أولاد، وكنت أتمنى أن تكون لى بنت تشبه أمى التى حرمت منها، وأنا فى الثانية من عمرى، وقد سافرت إلى السودان وليبيا، والكويت بحثا عن عمل مناسب، فلم أوفق، حيث إن كل الأعمال المتاحة وظائف تحتاج إلى البدن وليس العقل، وهكذا يا سيدى من مدير المقهى إلى عامل بشركة أجنبية تابع لمقاول أنفار!، إلى موظف أمن، فالمجتمع ينظر إلى المبدع كأنه نصف مجنون، وليس إنسانا عاقلا له مشاعر نبيلة، وحتى لو عمل فى وظائف دنيا، فإنه يُستغل فى طيبته وإنسانيته ومثاليته، ولم تأت لى الوظيفة المناسبة إلا فى الأحلام.

لماذا لا يُستغل أمثالى فى محو أمية 40% من السكان؟، ولماذا لا تستعين قوافل الدعوة والإرشاد الدينى بنا، وبعضنا يحسن رواية التاريخ الإسلامى بصورة جذابة غير تقليدية؟.

وها أنا ذا أعلن انهيار مقاومتى، وقد تجاوزت الستين من العمر، وأنسحب من المشهد الثقافى والإبداعى، وألملم أوراقى مكتفيا بمتعة القراءة، ملامسا جذوة داخلى كانت تدعونى دائما وأبدا نحو الزهد والبعد عن زخارف الحياة الدنيا.. «أطاعن خيلا من فوارسها الدهر».. كما قال أبو الطيب المتنبى، فهل لديك مرفأ ترسو عليه سفينة حياتى بعد الرحلة الصاخبة؟!، فأجد إنسانا فقد نعمة البصر أقرأ له، أو شخصا محبا للأدب والشعر أعمل لديه مرشدا نحو التاريخ والآثار والحضارات القديمة، أو تلميذا نجيبا أغرس داخله فنون العربية، أو دارسا للدراسات العليا أساعده فى أطروحته؟، أو أى عمل مناسب لسنى وإمكاناتى الأدبية المحدودة؟.

 

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

 

من سارت حياته على النحو الذى ذكرته، لا يصيبه وهن ولا حزن، فلا يأس مع الحياة، وعلى الإنسان أن ينظر دائما إلى الجانب المشرق، فما بالنا بمن احترف الأدب، ولديه خبرات طويلة فى مجالات عديدة!.. إن الإيجابية مهارة مثل باقى المهارات التى تكتسب بالتعلم والتطور المستمر، فالأمر يندرج تحت عاملين أساسيين هما: التفكير والتصرف، وكلاهما قابل للتغيير والتطوير، أى أن الإيجابية ما هى إلا مزيج من أسلوب تفكير الشخص وطريقة تصرفاته التي يسلكها.

وإذا ظل الإنسان يعتنق الأفكار نفسها التي اعتاد عليها، فسوف ينعكس هذا بالطبع على البيئة التي تحيط به والتى يعيش بداخلها، فإذا كان يرغب فى نتيجة مفيدة عليه أن يكون حريصا فى طريقة تفكيره التي لابد وأن تتسم بالإيجابية المستدامة.

وقبل أى شىء ينبغى أن يدرك أفكاره ويتنبه لها جيدا، وإذا ثبتت سلبيتها عليه العمل على أن يحل أخرى إيجابية محلها، فبدلا من أن يفكر في الفقر عليه التفكير فى الثروة، وبدلا من أن يردد كلمة التجاهل عليه بفهم ما يحيط به والعمل على إدراكه، وبدلا من أن ينتقد القيود، عليه البحث عن الحرية، وأن يردد دائما الكلمات الإيجابية بينه وبين نفسه «أنا أستطيع».. «أنا قادر على».. «من الممكن أن».. وغيرها من التعبيرات التي توحي بالإيجابية لصاحبها ولغيره من المحيطين به حتى لا تتسلل روح اليأس التي تنتابه إليهم. نحن نخلق بداخل عقولنا نوعية الحياة التي نرغب أن نعيش داخل أسوارها، فإذا كان التفكير إيجابيا فسوف تتحول حياتنا إلى الإيجابية بشكل تلقائي، فأى شيء تكون بدايته داخل النفس الذاتية من أبسط إنجاز إلى أعظم واحد، صحيح أن الشخص ليس بوسعه التحكم فى الظروف والأحوال الخارجية، لكنه بوسعه التحكم في نفسه وعالمه الداخلي حيث يبدأ فيه أى وكل شئ.

ويكون الشخص غير سعيد فى مواقف حياته لأنه يفكر بهذه الطريقة التي بإمكانه تغييرها، ولا يتطلب الأمر مجهودا كبيرا لإحداث هذا التغيير، وبناء عليه سيحدث التغير فى التصرفات والأفعال والتوقعات والاستجابات المختلفة للإنسان التي تقوده إلى السعادة والنجاح، ومن مقومات هذا التغيير، التركيز دائما على ما يريده الشخص، والجوانب المضيئة في حياته، وعدم سيطرة الشعور بالنقص على تفكيره، فدائما يوجد جانب حسن أو على الأقل شىء ما يتعلمه الشخص حتى لو كان، التعلم من خلال المواقف القاسية وغير السارة.

إن كثيرين يشعرون بالتعاسة في حياتهم لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون كما أن تحديد ما تريده أول خطوة على طريق النجاح، وإذا أردت أن تنجز شيئا مهما عليك بالتركيز عليه، ولا تدع أى شىء يبعدك عنه. وعليك أن تكرر بينك وبين نفسك ما تريده فهذا التكرار يصنع نوعا من الشعور الإيجابى داخل عقلك الباطن ويجعلك قادرا على فعل ما تريد، كما أن التأمل يجعلك تشعر بأنك أقوى وأكثر إيجابية من النواحى العاطفية والجسمانية والروحانية، ويعيد لك شحن بطاريتك ويجعل تخيلك أقوى وأسهل.

إن الحياة التي نحياها والطريقة التي نعيش بها، عبارة عن انعكاس لسلوكنا في الحياة، وكيفية تناولنا لها، وتعاملنا معها، ولذلك بإمكاننا أن نتعلم بعض الأساليب التى من شأنها أن تغير الطريقة التى نتعامل بها مع أنفسنا، وكيفية تناولها للحياة عندما نواجه أى مشكلات.

إننى على ثقة من أنك قادر على مواصلة إبداعك، وتقديم إنتاجك الأدبى الجديد، فامض فى مشوارك، وسوف تصل إلى مبتغاك بعون الله.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق