رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الإخوان وعام كارثى للاقتصاد
قرض الصندوق «حلال» وقانون الصكوك «حل مشبوه» .. ومجهولون وراء أزمة الكهرباء!

هانى عسل

قبل 25 يناير 2011، كان «الإخوان» ومن والاهم من المعارضين يزعمون أنهم يملكون كل مفاتيح الحل لأزمات مصر الاقتصادية.

ولكن، بعد 2011، وطوال عام كامل أمضته «الجماعة» فى الحكم، لم يظهر أى من مسئوليهم وقادتهم أى «كرامات»، وأى «مفاتيح»، لحل أزمات مصر الاقتصادية المتراكمة، التى زادت من وطأتها أحداث الانفلات الأمنى وهروب الاستثمارات وانهيار السياحة والسحب من احتياطى النقد الأجنبى،

فضلا عن مشكلات غير مسبوقة مست حياة المصريين بشكل مباشر، تمثلت فى إخفاق كامل فى تلبية احتياجاتهم اليومية الأساسية من خبز ووقود وكهرباء، فكان بمثابة كارثة على الاقتصاد المصرى.

وفى الوقت الذى كان فيه «المعزول» محمد مرسى يكرر فى خطاباته العامة عبارته الشهيرة «الخير قادم»، لم يكن أحد يرى أى بشائر أو حتى «روائح» لاحتمال ورود هذا الخير أو اقترابه، بل كان الوضع الكارثى ينذر بسنوات عجاف أخرى قادمة، وبخاصة بعد ما رأيناه من عشوائية فى التخطيط وغياب لأى فكر اقتصادى عن أولئك الذين يديرون شئون البلاد وقتها، لدرجة أنه يمكن القول إن الأضرار الاقتصادية التى نتجت عن هذا العام المشئوم ما زلنا نسدد فاتورتها حتى يومنا هذا.

لم يدرك عناصر تنظيم الإخوان أن إدارة اقتصاد دولة كبيرة بحجم مصر، تختلف تماما عن التجارة والمضاربات التى تفوق فيها بعضهم كأفراد، ولم يدركوا أيضا أن الحصول على مساعدات وقروض من دويلة «ممولة» مثل قطر، أو من تركيا، لا يبنى اقتصادا، ولا يرسم خططا ولا مستقبلا، فكانت النتيجة انهيار شديد فى معدلات النمو الاقتصادى، وفى نسبة البطالة، وانهيار فى الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى أدنى مستوياته، فضلا عن الأزمات الجماهيرية التى كانت سببا رئيسيا فى غضب الشارع من هذا النظام الذى كان يبشرهم بأنه مستمر فى الحكم خمسين سنة أخري!

فى عام حكم الإخوان، وصل معدل النمو الاقتصادى إلى 1,8%، ووصل عجز الموازنة إلى 14,6%، وارتفع معدل البطالة إلى 14٫8%، بينما تراجع احتياطى البنك المركزى من النقد الأجنبى إلى 12٫6 مليار دولار، وكان السحب الشهرى منه مستمرا حتى اليوم الأخير من وجودهم فى السلطة.

وعلى الرغم من أن عناصر وأبواق الجماعة كانت ولا تزال تردد دائما عبارة أن «سنة واحدة لا تكفي»، وأن «أحدا لم يصبر عليهم»، فإن الأرقام التى تحولت بشكل سريع ومبهر فى السنوات التى أعقبت ثورة 30 يونيو 2013 وحتى يومنا هذا، وفى توقيت قياسى، تؤكد كذب هذه الحجة.

فإذا نظرنا إلى الأرقام الاقتصادية التى تم تسجيلها فى عام 2018 مثلا، أى بعد أربعة أعوام فقط من تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مهام منصبه، وعلى الرغم من تداعيات الأوضاع الداخلية، والمقاطعة الاقتصادية الخارجية لفترة طويلة، وعمليات الإرهاب المتتالية فى سيناء وغيرها، نجد أن الأمر مختلف تماما.

ففى ذلك العام، 2018، بلغ معدل النمو 5٫6%، وتراجع عجز الموازنة إلى 8٫4%، وتراجعت البطالة إلى 9٫9%، كما ارتفع الاحتياطى الأجنبى إلى نحو 45 مليار دولار.

وإذا نظرنا إلى نفس هذه المعطيات فى أوائل عام 2020، أى قبل بدء الآثار الكارثية الناجمة عن جائحة كورونا، سنجد أن الصعود الاقتصادى المصرى كان أشبه بالصاروخ، مع بدء تراجع الإرهاب، وعودة السياحة، وجذب مزيد من الاستثمارات، وتحرير سعر صرف الجنيه، لدرجة سجلت معها مصر لأول مرة منذ عقود انخفاضا فى معدل التضخم، ولامس الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية فى المركزى حاجز الخمسين مليون دولار، كما جاءت اكتشافات البترول والغاز الطبيعى الجديدة، وزيادة قيمة الصادرات غير البترولية وحدها بنسبة 12٫3%، وتراجع الواردات، لترسم مستقبلا أكثر إشراقا وجذبا للاقتصاد المصرى.

بينما فى عام الإخوان الإرهابية بلغ الأمر سوءا لدرجة أن وكالات التصنيف الائتمانية العالمية خفضت تصنيف مصر ثلاث مرات، بل إن هذه المؤسسات قالت فى آخر مرة تم فيها تخفيض تصنيف مصر إن مصر وصلت إلى مرحلة لن تستطيع معها تسديد ما عليها من ديون، ولم يعد أمامها سوى أن تبدأ عملية الـCountdown أو العد التنازلى، لإعلان إفلاسها، ولاندلاع ثورة جياع.

حتى عندما حاول حكم الإخوان اتخاذ أى خطوة لإنقاذ الاقتصاد، لم يكن أمامهم سوى اقتراض مبلغ 4٫8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى، وهى الخطوة التى دافعوا عنها بشدة عندما كانوا فى الحكم، وأوجدوا لها المبررات الشرعية، وقالوا حرفيا إنها مجرد «شهادة دولية مطلوبة من المؤسسات النقدية العالمية لأداء الاقتصاد المصري»، ثم هاجموها وسخروا منها فى حكم السيسى.

وكانت لجماعة الإخوان خطوة أخرى كارثية على الصعيد الاقتصادى كادت أن تتم بمعرفة البرلمان الذى كان خاضعا لسيطرتهم، وهى خطة مشروع الصكوك الإسلامية، والذى أقره مجلس الشورى، وأثار غضب الأزهر الشريف قبل إقراره لأنه لم يتم عرضه على هيئة كبار العلماء أولا وفقا للدستور السابق.

وكان هذا المشروع الذى تم عرضه للمرة الأولى فى مصر ينص على إصدار مصر صكوكا «تلتزم بمباديء الشريعة الإسلامية التى تحرم دفع فوائد».

وانتقد الأزهر مشروع القانون فى حينه قائلا إنه يمنح رئيس الوزراء سلطة تشكيل الهيئة التى تصدر الصكوك.

أما المشهد الرئيسى الذى كان معبرا عن الفشل الذريع فى سياسات الإخوان الاقتصادية، إذا افترضنا جزافا أنه كانت هناك سياسات، هو مشاهد طوابير الخبز والبوتاجاز والبنزين والسولار أمام المخابز وأكشاك التموين ومحطات البنزين، فضلا عن المشاهد الكارثية التى نجمت عن الانقطاع المتكرر للكهرباء عن المنازل والمنشآت والمستشفيات، بسبب انشغال الطبقة الحاكمة بأهداف الأخونة والتمكين وبيع مقدرات مصر وأسرارها للخارج.

وكان من أفضل التقارير الأجنبية التى تناولت خطايا عام الإخوان الاقتصادية ما نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية بعد عزله مباشرة تحت عنوان «عليكم بِلوم مرسى .. فهو من دمر مصر فى 369 يوما»، والذى جاء فيه أنه «رغم الإرث الاقتصادى والسياسى والاجتماعى الذى تركه النظام السابق، (نظام مبارك)، فقد كانت له بعض الخيارات، التى من شأنها تفادى ما وقع، غير أنه اختار الأسوأ، حيث اختار أن ينتصر لجماعته، ولجأ إلى خطاب شعبوى غايته الاستقطاب السياسى ... وقبل خروج المتظاهرين إلى الشوارع فى 30 يونيو 2013، كانت وعود الرئيس غير قابلة للتحقق».

ونضيف إلى ذلك أن حديث المعزول عن إنجازاته الاقتصادية المزعومة فى خطاباته أثارت حنق المصريين، كما ظهر فى خطاب آخر يلوم أشخاصا مجهولين على مشكلتى الأمن والكهرباء، فبدا وكأنه يتحدث عن بلد آخر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق