رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لغة المال

يقال إن أسوأ الديمقراطيات أفضل بكثير من أفضل الديكتاتوريات، وللرئيس الأمريكي الأسبق وودرو ويلسون مقولة هى: «إن النظام الديمقراطي هو أصعب نظام للحكم ولكنه مع ذلك يبقى أفضل نظام ابتكره البشر لإدارة أمور المجتمع والدولة».. تداعت إلى الذاكرة هذه الخواطر إزاء ممارسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو أكثر الرؤساء الأمريكيين إثارة للجدل سواء لقراراته الصادمة التي تضرب عرض الحائط بالقوانين والأعراف الدولية (موقفه من القضية الفلسطينية نموذجا) أو تصريحاته التي تفتقد أبجديات البروتوكول والدبلوماسية التي يجب أن يتحلى بها من هم في سدة الحكم.. انظر إلى موقفه من جائحة «كورونا» وكيف واجه هذا الفيروس المميت بالاستهانة والتهوين من شأنه حتى تصدرت أمريكا العالم من حيث عدد الوفيات والإصابات، وتجلت ممارساته اللا ديمقراطية إبان تفجر المظاهرات العنيفة في العديد من المدن الأمريكية والتي لم تشهد لها أمريكا مثيلا على مدى عقود وذلك على خلفية مقتل المواطن الأمريكي الأسود «جورج فلويد» خنقا تحت ركبة رجل شرطة أبيض وبطريقة وحشية، وبدلا من أن يحتوى ترامب غضب المتظاهرين صب الزيت على النار المشتعلة على شاكلة تهديده بالقول: «عندما تبدأ السرقات سيبدأ إطلاق النار»، وخاطب المتظاهرين أمام البيت الأبيض قائلا: «إذا اقتربتم من السور، فستحييكم كلاب مفترسة وأسلحة لم تروها من قبل»، وكذلك مخاطبته حكام الولايات متهما إياهم بالضعف وعدم السيطرة مهددا بنزول الجيش إلى الشوارع لفرض الأمن، سيرا على الأقدام من البيت الأبيض إلى مبنى كنيسة الرؤساء المجاور وهو يمسك بيده نسخة من الإنجيل مخاطبا الأمة في إشارة منه إلى أن الله معه وليس مع المتظاهرين.

وإزاء هذه «التصرفات اللا ديمقراطية» لرئيس أكبر دولة ديمقراطية في العالم، وجه رئيس الشرطة بإحدى المدن الأمريكية رسالة إلى ترامب جاء فيها: «سيادة الرئيس.. إذا لم يكن لديك ما تقوله فاصمت، هذه ليست معركة للسيطرة، وإنما هي معركة لكسب القلوب والعقول.. نحن لسنا في هوليوود.. وعليك أن تفهم الفارق بين التعاطف والضعف».. أما الصفعة الأكبر لترامب فقد جاءته من وزير دفاعه الذى أعلن تعاطفه مع المتظاهرين السلميين وأنه لا يؤيد تفعيل «قانون التمرد»، ونزول الجيش النظامى للشوارع، وها هى صفعة جديدة من الكتاب الذى أصدره مستشاره السابق للأمن القومي الأمريكي جون بولتون، وقد تضمن الكتاب روايات حقيقية لا يريد ترامب نشرها لأنها تلقي ضوءا سلبيا ليس فقط على رؤيته السياسية بل أيضا على سلوكه الشخصي.

وفى ضوء كل هذه الصفعات الديمقراطية لترامب هل سيخسر جولة انتخابه رئيسا لفترة ثانية؟. يؤكد بعض المحللين السياسيين أن ترامب سيفوز في الانتخابات .. ليس لأنه يستحق الفوز، ولكن لأنه يتحدث إلى الأمريكيين بلغتهم الحميمة التي يعشقونها وهي «لغة المال»، كما أنه يعزف على وتر النرجسية الطاغية لدى السواد الأعظم من الأمريكيين والتي تجعلهم ينتشون لكونهم (سادة العالم) وأن بلدهم يملك أقوى قوة عسكرية على مدى التاريخ.. انظر إلى ما قاله ترامب في مؤتمره الانتخابي في تولسا بولاية أوكلاهوما منذ أيام: «أنتم محظوظون لأننى رئيسكم».. إن الأغلبية الصامتة أقوى من أى وقت مضى، وأردف مهاجما منافسه جون بايدن «النائم»على حد وصفه بأنه دمية في يد اليسار الراديكالى والصين، وأن فى أمريكا التى يريدها بايدن يتمتع السارقون والأجانب المقيمون بطريقة غير شرعية بحقوق أكثر من الأمريكيين الذين يحترمون القانون».. إن ترامب يجيد العزف على أوتار نرجسية وعنصرية أمريكيين كثيرين فضلا عن عشقهم المفرط للدولار، ففى أمثالهم الدارجة (غدا.. دولار جديد).

د. محمد محمود يوسف

أستاذ بزراعة الإسكندرية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق