رئيس مجلس الادارة
عبدالمحسن سلامة
رئيس التحرير
علاء ثابت
«الكليم اليدوى» قصة مصرية أصيلة بدأها المصريون القدماء، وحقق نقلة نوعية خلال العصر القبطى واستمر فى سكناه للأنوال المصرية حتى الزمن الحاضر. ولكن طول أمد ارتباط المصريين بـ «الكليم» وفنونه، لا يعنى أنه فى مأمن من تهديدات الزمن وتغيير أشكال الاستهلاك، فالـ «كليم» مثل غيره من الحرف التراثية مهدد بالاندثار والضياع، خاصة فى أوقات مقلقة مثل ضربة « كورونا» المستجد ونتائجه الاقتصادية والاجتماعية. وذلك أبرز ما يقلق زينب محمد العبادى، أحد أبرز صناع الـ «كليم» فى سيناء. تحكى زينب (40 عاما) أنها بدأت الانخراط فى صناعة الـ«كليم» منذ كانت فى سن الثامنة، فقد امتدت رحلتها لمدة 32 عاما، حاولت خلالها الحفاظ على مهارات نسج الكليم السيناوى الذى توارثت أسراره من والدتها. وبدأت مبادرة ومشروعا خاصا للحفاظ على هذه الحرفة التراثية وفنونها، اعتبارا من عام 2015. ولكن زينب تؤكد أنها كانت أكثر حظا من غيرها الراغبين فى التبحر بمجال صناعة الكليم وأسراره. فقد نالت فرصة للتدريب فى إحدى الجمعيات، بالتعاون مع مركز تحديث الصناعة التابع لاتحاد الصناعات المصرى، على كيفية صباغة أصوف الأغنام بألوان مستخلصة من مصادر طبيعية مثل الكركم، والشاى، والقرفة، والبرسيم، وبعض النباتات الطبيعة. بدأت زينب فى الأساس بالعمل مع ثلاث سيدات، ليقفز عداد فريقها حاليا إلى 120 سيدة وفتاة 40 منهن متخصصات فى خط إنتاج الكليم السيناوى، و50 فى المشغولات الخرزية، و30 فى التطريز. وكان «الكليم» فى هذه الحالة أداة لإنقاذ العديد من السيدات داخل وخارج سيناء ومواجهة أعباء المعيشة. ولكن الكليم بالنسبة لزينب، الحاصلة على ليسانس تربية بجامعة العريش، والتى باتت استشارى تدريب بمركز تحديث الصناعة، أكثر من مجرد «فرصة عمل» لها أو لغيرها، كما أنه أكثر من مجرد هواية ورثتها عن والدتها. «الكليم تاريخ»، كما تقول زينب، التى أوضحت للأهرام الكثير من أسرار هذه الحرفة التراثية. فتوضح زينب أن «الكليم السيناوى» يختلف عن كليم كفر الشيخ، وغيره فى مطروح والصعيد وحلايب وشلاتين. وتحكى أن الاختلافات تكمن فى عناصر محددة مثل الخامات، والتصاميم المعتمدة، والأدوات المستخدمة. وتشرح زينب: «الكليم السيناوى يتم تصنيعه عن طريق نول أرضى مسطح، ويتم الاعتماد على استخدام أصابع اليدين». وتضيف «أما باقى أشكال الكليم فى مختلف أنحاء مصر، فيتم تصنيعها عن طريق نول أفقى، ويتم تشغيله بواسطة اليد والقدم». ولكن المسألة لا تتوقف عند «النول» فوفقا لزينب، هناك أيضا الـ «منساج» وهو عبارة عن قطعة خشبية ذات رأسين مدببين من الأمام ومن الخلف، أما «نيرة»، فهى عبارة عن أداة خشبية أخرى تساعد فى تنظيم الخيوط. وتستخدم أداة الـ«ميشع» وهى عبارة عن قطعة من عود لوز، تلتف حوله الخيوط، ويستخدم فى مزج الخيوط ببعضها البعض. كما يستخدم الـ«مطرق» وهو عبارة عن قطعتى حديد فى تثبيت الخيوط لإتمام إنجاز اللوحة الفنية المرجوة أما «مزرى»، فهو شبيه بالسلاح الأبيض الصغير ويستخدم فى تنظيم الخيوط، إن كانت هذه الأدوات الرئيسية التى حافظت على مكانتها عبر السنين فى مجال صناعة الـ«كليم» فزينب تحكى أن هناك عالما آخر، ملىء بالتفاصيل، هو عالم الأصواف المستخدمة فى نسج الكليم. فتوضح: «يتم استخدام صوف الأغنام وخيوط صوف الكروشية». ولكن هذا العالم يحتاج ما هو أكثر من أدواته وخيوطه وأصباغه لتحقيق الاستمرار. فوفقا لزينب، أن الصانع المحلى بدأ يدرك أهمية إتقان حيل التسويق الحديثة، وتطوير التصاميم لتجمع ما بين الأصالة من جانب، واللمسات المتوافقة مع احتياجات المستهلك حاضرا. ولكن المشكلة تكمن أساسا فى تراجع العائلات عن توريث حرفتهم وأسرارها للأبناء، فيتراجع عدد الأبناء الذين يرثون حرفة «الكليم» وأسرارها.