رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحدود البحرية.. ولعبة قطع الطريق

رحاب جودة خليفة

جاء توقيع إيطاليا واليونان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، كخطوة مهمة سيكون لها تداعيات كبيرة على منطقة شرق البحر المتوسط، التى تسعى تركيا إلى السيطرة عليها بالقوة طمعا فى حقول النفط والغاز. فهذه الاتفاقية تؤكد الأحقية والهوية اليونانية للجزر فى المناطق البحرية التى تخضع لسيادة اليونان. وهى رد فعل حاسم من جانب الدولتين على الاتفاقية المزعومة التى لا تستند إلى أسس قانونية بين تركيا وحكومة السراج فى ليبيا، والتى لم تقرها دولة فى المتوسط ولا الاتحاد الأوروبي. لكن لماذا تصاعدت الاستفزازات التركية أخيرا وما أهمية الاتفاقية الإيطالية اليونانية فى هذا التوقيت؟

قبل أسبوعين، كشفت الخارجية التركية عن خريطة تظهر حقولا جديدة شرقى البحر الأبيض المتوسط، زاعمة حق أنقرة فى التنقيب عن الطاقة فيها، بعدما تقدمت سابقاً، بطلب حول ذلك إلى الأمم المتحدة الأمر الذى أشعل غضب أثينا وجعلها تلجأ للتأكيد بحزم استعدادها لأى سيناريو للدفاع عن حقوقها وحدودها بأى وسيلة لردع تركيا . وهذه التحركات التركية الاستفزازية فى شرق المتوسط ليست بالأمر الجديد لكنها تزايدت بشكل واضح خلال العامين الماضيين .

ولذلك، تكتسب الاتفاقية الجديدة أهمية خاصة بالنسبة لأثينا التى تواجه أنقرة الطامعة فى حقول النفط بالمنطقة، وخصوصاً حق قبرص فى القيام بأى عملية استكشاف للموارد النفطية فى المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية . ومع تصاعد الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي، فإن الاتفاقية الجديدة ستؤدى إلى تداعيات سلبية على الجانب التركى. فمن الناحية الفنية والقانونية، يقر الترسيم الجديد من خلال هذه الاتفاقية استراتيجية التنقيب فى المناطق الخاصة بالجرف القارى مما سيغير من إطار ترسيم الحدود البحرية بين الأطراف المختلفة وليس بين اليونان وإيطاليا فقط. وعلى عكس الاتفاقية «التركية –السراجية» التى خرقت القوانين عمدا، فإن الاتفاقية اليونانية مع إيطالياالتزمت بمبادئ القانون الدولى للبحار واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التى أبرمت عام 1982. وتشمل الاتفاقية أن يكون لليونان مناطق اقتصادية خالصة فى البحر المتوسط، ما يعنى قطع الطريق على الرئيس رجب طيب أردوغان الذى حاول ابتلاع مناطق هذه الجزر فى الاتفاقية مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج فى نوفمبر 2019 لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة تمتد من ساحل تركياالجنوبى على المتوسط إلى الساحل الشمالى الشرقى الليبي.

ومن الناحية السياسية، فمنذ العام الماضي، تقوم أنقرة باستعراض قوتها عبر إرسالها سفن تنقيب إلى المياه القبرصية، رغم تحذيرات واشنطن والاتحاد الأوروبى ومصر وصولا لخريطة الترسيم الجديدة. ومن هنا يظهر أهمية توقيت الاتفاقية مع إيطاليا التى تؤكد أن أثينا تحرص على علاقات التعاون بين دول البحر المتوسط التى تحترم الوضع الراهن والقانون الدولي. كما تبنى علاقات مع الدول التى تدين السلوك التركى فى شرق المتوسط، مثل مصر وقبرص وفرنسا وإسرائيل. ولم تكتف أثينا بذلك، بل تسعى فى القريب العاجل لإنشاء تحالف جديد، مع قبرص، ومصر ولبنان، فى مواجهة المشاريع التركية فى شرق المتوسط فيما ستزيد من تعاونها مع لبنان وسوريا. الاتفاقية اليونانية- الإيطالية تدعم تحالف التصدى للسلوك العدوانى التركى فى المنطقة، الذى لا يشمل النفط والغاز فى المتوسط فحسب، بل يمتد إلى ما يرقى إلى أطماع سياسية استعمارية جديدة. فكما صرح وزير الخارجية اليونانى نيكوس دندياس عقب توقيع الاتفاقية «تعيين حدود المناطق البحرية مع كل جيراننا فى سياق القانون الدولى يعد هدفًا ثابتًا لليونان»، وبمعنى آخر فإنه كلما تقدمت تركيا بخطوة فعليها أن تتأكد أنها ستواجه بخطوات أخرى تقطع عليها الطريق من جميع الجهات.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق