رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وفقا للأهرام..
مصر تنعى «واضع أسس الصحافة فى الشرق»..
ذكرى رحيل مؤ سس الأهرام بشارة تقلا يونيو 1901.. وصيته لمحرريه: «تحروا المباحث المفيدة ولاتخشوا فى الخدمة الصحيحة أحدا»

دعاءجلال
بشاره تقلاالحفيد فى إستقبال الرئيسالاسبق محمد نجيب خلال زيارته مقر الاهرام بشارع مظلوم

طوال ثلاثة أيام وابتداء من يوم 15 يونيو من عام 1901 لم يبدأ قراء ومحبى صحيفة الأهرام يومهم بقراءتها، حيث وقفت الأقلام وماكينات الطباعة حداداً على رحيل مدير ومؤسس «الأهرام» بشارة تقلا، وفى يوم 18 يونيو صدر للمرة الأولى العدد بدون صاحب الصحيفة يكسوه الحزن والسواد، مع مقال كبير فى الصفحة الأولى بإمضاء «تحرير الأهرام» تحت عنوان «فقيدنا..وهول المصاب بفقده»

 


بشاره باشا تقلا

 

وكُتب فيه ما يلى «ليست الصاعقة تنقض على الرءوس فتطير منها النفوس شعاعاً ولا السهام تمزق الأكباد وترسلها فضاضاً، ولا الكوارث تفطر القلوب وتذيب المهج، ولا النوائب تفتت الأكباد وتشق الصدور، باعظم فتكا وأشد هولا واقسى يداً وأصلب قلباً من خطب جليل حل بنا فارتعدت له أعصاب البلاد.. فبكت له الأقلام وقد أسود يومها وتلهفت الصحافة وقد عظم رزؤها وفجعت المروءة وقد ثكلت بعميدها وهلع لأجله قلب النشاط والهمة وقد دهمت بوحيدها شيخ الصحافة علم الوطنية رب الأقدام والعزم وعنوان الفضل والحزم فقيدنا الكريم ورئيسنا العظيم منشئ الأهرام ومديرها وواضع أساس الصحافة فى الشرق»، وفى فقرة أخرى وتحت عنوان «بشارة تقلا باشا» وصفت «الأهرام» لحظاته الأخيرة فى الحياة وهذا بعضها «فاضت روحه الطيبة إلى ربها فى الساعة الثانية والدقيقة 35 بعد منتصف ليلة الجمعة الماضي، وكان فقيدنا العزيز العظيم فى دائه كما كان فى صحته ثابت الجاش والعزم والصبر يغالب الآلام ويكافح السقام .. إلى ان استفاق صبيحة الخميس الماضى ورئيس تحرير الأهرام إلى جانب فراشه فقال له «وكيف الاهرام» فاجابه على ماتشتهى لاهم لها غير شفائك فقال ـ وهى مانعهدها إلى الابد وصيته للأهرام واراداته فى حياتها : تحروا المباحث المفيدة للأمة ولا تخشوا فى الخدمة الصحيحة والحقيقة المفيدة احداً واجتنبوا المثالب واسكتوا عن المطاعن ولو كانت على ..». ويستكمل المقال رثاء فقيد الصحافة فيقول «فكأن الثامنة والأربعين وهى عمره كله مئات يجمعها من آثار فضله وكأن تاريخ حياته مدرسة لنا ـ كما قال فى أول فصل كتبه فى الأهرام بتوقيعه «ان نقطة الدائرة فى كل عمل ان يعرف الإنسان ماذا يريد وما عليه وما يستطيع» فكان ذلك عنوان حياته حتى مماته».

 


بشاره الحفيد إلى جانب الرياضى كمال مبارك فى ختام دورة الاهرام الرياضية

 

ووفقاً للأهرام، وتحت عنوان «مشهد الفقيد» جاء الوصف الدقيق للجنازة المهيبة، فكُتب «ما ازف أصيل السبت ودنت الساعة الرابعة بعد الظهر حتى غصت الدار بعيون القوم وصدور البلاد، ثم دخل المحررون والكتاب وعمال الإدارة فتودعوا بنظرة من ذاك الرجل الذى كان لهم فى المقام رئيسا كبيرا وفى الحقيقة أبا غيورا، ثم علت النغمات الدينية بما فيها من الهيبة والوقار مؤذنة بنقل الفقيد من المرقد الزمنى إلى المرقد الابدى فرفع النعش، ووضع على مركبة فاخرة تجرها ستة من الجياد.. يتقدمه بساطان للرحمة بين أيدى ثمانية من علية القوم وهم أصحاب السعادة محمود باشا شكرى رئيس القلم التركى الخديو سابقا وقلينى باشا فهمى مدير الأموال غير المقررة والمسيو جورج عيد قنصل البلجيك والمسيو قصيرى كنشليير قنصلية فرنسا فى العاصمة..وكان فى صدور الجموع المشيعة حضرة صاحب العزة على بك كامل الموفد خصيصا من قبل أميرنا ومولانا الخديو المعظم، ..».

وفى الصفحة الثانية من العدد ذاته، وردت سيرته الذاتية تحت عنوان «ترجمة حياته»، ومما ورد فيه » ولد فى 22 أغسطس سنة 1852 فى قرية كفر شيما من أعمال جبل لبنان، ولما ترعرع ارسله ابواه إلى مدرسة القرية يتلقى الدروس الابتدائية فلما أتمها ارسل إلى المدرسة الوطنية فامتاز على اقرانه بحدة الذهن، ثم ارسله ابوه إلى المدرسة البطريركية وبعد اتمام علومها وكل إليه أمر التدريس، ولم يكن الفقيد يميل إليه ولكن أبواب الأعمال كانت مقفلة فى وجه شاب لم يدرك العشرين، ولكنه ترك التدريس واراد الاتجار فلم يوفق، وكان المرحوم سليم بك تقلا شقيقه قد قدم هذه الديار سنة 1874 وتقرب إلى رجال الفضل واخذ يسعى لنيل الامتياز بانشاء الأهرام من المرحوم اسماعيل باشا الخديو فلاقى عقبات لم ترد عزيمته إلى ان ظفر ببغيته فكتب إلى أخيه بشارة يستقدمه للاستعانة به على العمل فجاء الفقيد هذه الديار سنة 1875 فاخذ يعاون اخاه ويعضده واذا حدث مناهضة حمى أخاه بصدره، حتى ضربت الامثال بشجاعته واقدامه، وكان أول عدد اصدراه من جريدة الأهرام فى 5 اغسطس سنة 1876 فلقيا ما لقيا من كساد هذه التجارة فلم يحجما، وفى 2 سبتمبر من تلك السنة عزم الفقيد على اصدار جريدة يومية باسم صدى الأهرام وفى 9 منه صدر صدى الأهرام فكان موضع اهتمام صاحب الترجمة لأنه كان فيه متسع لبث أفكاره، وفى 9 يناير اجتمعت عمدة بورصة الإسكندرية وقررت الاشتراك بالأهرام وصدى الأهرام، لانهما باكورة الصحف العربية، وكان الفقيد ينزع فى كتاباته إلى الحرية وطلب الإصلاح فتقف الحكومة فى وجهه وتمنعه تارة بأقفال جريدته وطور بتهديده حتى أكرهته اياما على ألا ينشر الا ماتسمح له بنشره، ولشدة ولعه بتقدم الحرفة التى اتخذها صناعة له أخذ منذ 5 يناير من عام 77 يترجم التلغرافات ويوزعها على المشتركين فى الصباح والمساء فكانت المطبعة تشتغل ليل نهار وكان المشتركون يتلقون الاخبار ساعة فساعة، ولما نشبت الحرب بين الدول العلية ودولة الروس وضاق نطاق صدى الأهرام اليومية والأهرام الأسبوعية عن وسع التلغرافات أصدر جريدة على شكل مجلة سماها حقيقة الأخبار كان يجمع التلغرافات الواردة عن الحرب وخصص نصف دخل تلك المجلة بمساعدة الجنود العثمانية، وفى سنة 79 حدث ما حدث فى مسألة المالية المصرية ورأى الفقيد الظلم المحيط بالفلاح المصرى فانتفض قلمه وكتب فصلا بعنوان ظلم الفلاح لايزال صداه يدوى فى البلاد حتى الآن، فبعث إسماعيل باشا بعض الجنود للقبض على اخيه سليم فلما درى بذلك صاحب الترجمة ارسل اخاه إلى الوكالة الروسية وذهب هو مع الجنود إلى سرايا عابدين فأمر الخديو بسجنه فسجن ثلاثة أيام وعند خروجه من السجن وجد الصدى مقفلا فأصدر جريدة جديدة باسم الوقت، وأول فصل كتبه فى الأهرام بتوقيعه كان فى 20 نوفمبر سنة 79 تكلم فيها عن سياسة ألمانيا، وبعد حدوث مذبحة الإسكندرية سنة 82 هاجر الفقيد إلى سوريا وما استقر به المقام حتى عاد إلى الإسكندرية والدمار مخيم فوقها والثائرون قد أحرقوا مطبعته وداره فاصدر الأهرام وحده فى إحدى المطابع..»

 

«فقيدنا» ..

 

قصيدة أحمد شوقى فى رثاء تقلا

بتاريخ 19 يونيو 1901, وردت بصدر الصفحة الأولى للأهرام قصيدة للشاعر الكبير أحمد بك شوقى فى رثاء شيخ الصحفيين بشارة تقلا.. وجاءت أبياتها كالتالي:

 

حال بالأمتين خطب جليل رجل مات والرجال قليلُ

زال عن سوريا فتاها المرجى وعن النيل جارهُ المأمولُ

وعن الأهل من يبر ويحنو وعن الأصدقاء من لايحولُ

وعن الأمر من يغامر فيه وعن الحق سيفهُ المسلولُ

وعن الرأى والسياسة والتح رير من رأيهُ السديد الأصيل

ياصديقى وكنت بالأمس حياً عهدك اليوم بالحياة طويلُ

قد شجانى من نأى وجهك عنى ان وجه الوداد باق جميلُ

يقطر الفضل و المروءة منهُ ويميل الوفاء حيث يميل

خير ما خلف ابن آدم فى الدن يا خلال يبكى عليها خليلُ

ليت شعرى ما ذا لقيت من المو ت وأخفى لك التراب المهيل

يلبث العالمون فى الشك إلا ساعة عندها الشكوك تزولُ

ترجع النفس للحقيقة فيها وترى أن ما مضى تضليلُ

ويلوذُ الطيل فيها إلى الط ب وهل ينفع العليل العليلُ

انما الموت ظلمة تملأ العين ووقر على الصدور ثقيلُ

وثوانٍ أخف منها العوالى كل عضوٍ ببعضها مقتول

ينتهى العيش عندها حين لا اليا فع سالٍ و لا الكبير ملولُ

هذه الأرض والأنام عليها ملعب ثم ينقضى التمثيلُ

والذى ينشئ الروايات دهر كم لهُ فى فصولها تخييلُ

أيها الراحل العزيز علينا سر برغم القلوب هذا الرحيلُ

إن فضلاً خلفت فينا و نبلا لأمين عليها جيريلُ

 

بقلم تقلا .. «المرأة الجديدة»

 

ضمن سلسلة مقالاته التى كانت تشكل «افتتاحية» صحيفة «الأهرام» طوال أعوام، ناقش الكاتب الكبير بشارة تقلا رؤية قاسم أمين بك لتحرير وتطوير مكانة المرأة المصرية فى مقال بعنوان «المرأة الجديدة»، وذلك بتاريخ 4 فبراير 1904، وكان مما ورد فى المقال:

«قرأت كتابى الفاضل قاسم بك أمين الأول تحرير المرأة والثانى المرأة الجديدة قراءة خادم لامته صرف ربع قرن فى هذه الخدمة الشريفة فوجدت فى الكتابين مبادئ نبيلة وغاية جليلة وكلاهما أيد ما عرفته فى هذا الفاضل من العراقة فى الوطنية والغيرة القومية، فهو لم يكتف بما كان يكتبه من الفصول المفيدة فى أحوال الهيئة الاجتماعية وفى المواجب العيلية والتربية والتعليم بل جاهد جهاد أبطال المبادئ فى حومة التناظر فكتب هذين الكتابين، هذه هى مقدمة مقالتى فى كتاب المرأة الجديدة أعدها الجزية الواجبة علينا لحضرة المؤلف لا لأنه كتب فى هذا الموضوع فقط بل لأنه ثبت فى خطته بالرغم من أقوال المنددين وكتابات المعارضين فلم ييأس كالشرقى الذى تقعده عن الإقدام معارضة أخوانه.

علم قراء الأهرام أننا قلنا منذ سنوات أن لا نجاح للشرق ولأممه إذا لم تتمثل بأوروبا علما ومدنية وبرهنا على قولنا هذا بتقدم الشعب اليابانى ومعلوم ان هذا التشبه يتطلب صفات جليلة هى الحزم والاقدام واتحاد الايدى والمقاصد وجميعها لا تكون إلا بتعميم المعارف وإصلاح شئون التربية الأمر الذى لاندركه الا بانتشار المدارس لابنائنا وبناتنا، على أننا لا نرى مطلقاً مايراه بعض المتقدمين من أن إعطاء المرأة الحرية مضر بالهيئة الاجتماعية كما أننا لانوافق قاسم بك أمين على وجوب إعطاء الشرقية حرية المرأة الأمريكية أو الأوروبية الآن أو بعد مدة طويلة.

على أننا بموافقة قاسم بك أمين على وجوب تعليم المرأة والأخذ بيدها لتأخذ هى بتربية أولادنا لانوافق المعارضين أو المنتقدين الذين يريدون تعليمها لا لقضاء واجب لنفسها بل لخدمة الرجل على اننا مع اعتقادنا ان بمخالطة المرأة للرجل أكبر خدمة للاثنين فى سبيل مصلحة الأمة والوطن لا نرى رأى قاسم بك امين وهو انه لا نجاح الا برفع الحجاب ولو بعد بضع سنين فإن حضرته فى كتابه الثانى حصر اهتمامه فى هذا السبب دون سواه تقريباً ومعلوم ان قاسم بك أمين قال إن جميع الشرقيين فى نقطة واحدة من التأخر فالصينى منهم كالمراكشى والفارسى كالتركى والعربى الا اليابانى فإنه أفلح وتقدم وقد كان بودنا أن يخبرنا عن الأسباب التى تعلق بها اليابانى فأنجحته مع أنه فى معيشته البيتية قد لايختلف عن الشرقى بوجه عام..»

 

 

 

 

 



 

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق