عندما أمر الرئيس التشيلى سيباستيان بينيرا قواته المسلحة بالخروج إلى الشوارع العام الماضى ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، قوبلت هذه الخطوة بغضب شعبى واسع النطاق، لكن عندما عاد الجيش إلى الشوارع مرة أخرى فى شهر مايو الماضى لفرض قيود الإغلاق، اختلف الموقف تماما وبدا وكأن الجميع قد اتفق على وضع المشاكل السياسية جانبا والوقوف معا فى مواجهة الفيروس اللعين.
لا يخفى على أحد أن تشيلى لم تكن مستعدة لمواجهة تفشى كورونا بالشكل المناسب، وهو أمر لم ينكره الرئيس إطلاقا، حيث قال فى خطاب تليفزيونى، «يجب أن نكون متواضعين ونعترف بأننا لم نكن مستعدين لمثل هذه الجائحة، ولكننا بذلنا جهودا جبارة فى مواجهتها».
الحقيقة أن خطاب بينيرا عكس تحولا مفاجئا فى السياسة منذ أواخر أبريل عندما أعلن عن خطة - منتقدة بشدة - لإعادة التشيليين إلى العمل وفتح المدارس ومراكز التسوق تدريجيا، والآن مع تزايد أعداد الإصابات أما فيما يخص الاقتصاد، فقد كان الفيروس سببا رئيسيا فى فقد آلاف التشيليين وظائفهم لتعانى البلاد نقصا حادا فى الغذاء، وردا على ذلك وعد الرئيس بأن حكومته ستوفر 2.5 مليون سلة من المواد الغذائية . يبدو أن كورونا «أنقذ» بشكل ما الحياة السياسية فى البلاد، حيث رفع الفيروس التاجى من أسهم بينيرا، الرئيس الملياردير، الذى كان يُنظر إليه على أنه بعيد عن شعبه بشكل كبير. كما أنهى المظاهرات الحاشدة التى اندلعت العام الماضى ضد عدم المساواة، التى هددت بالإطاحة بحكومة يمين الوسط التى ينتمى إليها، وبرغم ذلك يعتقد البعض أنه إذا تمت السيطرة على الفيروس قريبا، فستعود الاحتجاجات إلى الشوارع بكامل قوتها قبل استفتاء الإصلاح الدستوري، وذلك فى حال لم يقدم الرئيس معالجة واضحة لمطالب المتظاهرين المتمثلة فى إصلاح نظام المعاشات ورفع الحد الأدنى للأجور.
رابط دائم: