رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عادات اليابانيين فى الوباء ..سلوكيات دائمة أم تفاعلات عابرة

شيماء مأمون

 «إذا لم نقم بتقسيم العمل فى المنزل بالتساوى، فلن نتمكن من خلق عالم يتم فيه تمكين المرأة اليابانية» .كانت هذه هى كلمات آكى كاتاوكا بشأن ضرورة مشاركة زوجها فى المهام المنزلية، خاصة أنه يقضى فى المنزل فترات طويلة من الوقت بسبب جائحة كورونا. ويعد زوج آكى نموذجا للرجل اليابانى الذى لا يعبأ بمهام منزله، ففى بداية فترة بقائه فى المنزل كان يشعر بالملل، مما جعله يقوم بالعديد من الأنشطة عديمة الجدوى، فعلى سبيل المثال،قام بعمل طائرة من الورق وأطلقها حول منزله فى طوكيو، والتقط العديد من الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى، ولذلك رأت زوجته أنه إذا كان لديه المزيد من الوقت فعليه أن يشاركها فى الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال.

 

وبالفعل اتفق الزوجان على تقسيم المهام المنزلية، بل وقام زوج آكى بإعطائها قائمة بالأعمال التى سوف يؤديها بانتظام إلى جانب مراعاة أطفالهما الصغار. ويقول ساماسو كاتاوكا: »إذا رفضت قبول هذا، فسوف نواجه المزيد من المعاناة مع بعضنا البعض، ولذلك بدأت بالقيام بمهامى الجديدة».ويصف كاتاوكا عادته اليومية قبل الوباء قائلا «كنت أجلس فى مكتبى وأقوم بمهامى الخاصة، أما الآن فقائمة مهامى المنزلية طويلة».وبخصوص عودته إلى سلوكياته الروتينية عندما يستأنف جدول عمله المنتظم وعودة الحياة إلى طبيعتها، قال كاتاوكا: «لأننى هنا، لدى المزيد من الوقت للقيام بالأعمال المنزلية، ولكن بمجرد أن أعود  للعمل واضطر إلى البقاء فى الخارج إلى وقت متأخر، قد لا أتمكن من القيام بكل هذه المهام.»

ويشير تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أنه قبل شهور قليلة كان الآباء اليابانيون عادة ما يلتقون بعائلاتهم لفترة وجيزة صباحا أو ومساء، إلا أن الأوضاع اختلفت حاليا، فبعد انتشار الوباء بات الآباء يقضون معظم أوقاتهم فى المنزل، مما مكنهم من التعرف على حجم الأعمال التى يجب القيام بها، حيث كشفت جائحة كورونا بشكل غير مسبوق عن التفاوت الشديد فى تقسيم المهام المنزلية بين الأزواج اليابانيين . فكافة الأعباء ملقاة على عاتق المرأة اليابانية، مما جعلهن يطلبن الآن من أزواجهن المشاركة فى تحمل هذه المهام، والعمل على عكس الأنماط الراسخة داخل المجتمع اليابانى، خاصة وأن الأوضاع الجديدة جعلت الرجال يشعرون بأنهم أقرب إلى أسرهم من أى وقت مضى، بل يأملون فى أن تتغير ثقافة العمل اليابانية غير المرنة فى البلاد بما يكفى، للسماح لهم بقضاء المزيد من الوقت فى المنزل حتى عندما ينتهى الوباء.

ويضيف التقرير، أن اليابان ليست البلد الوحيد الذى تتحمل فيه المرأة أعباء تثقل من كاهلها، خاصة وأنه مع إغلاق المدارس  فى العديد من البلدان، ظهرت الفجوة بين دور الزوجين بخصوص رعاية الأطفال والمهام المنزلية فى كل أنحاء العالم. غير أن هذه الهوة تزداد فى اليابان بصورة كبيرة مقارنة بأغنى دول العالم. ففى استطلاع  تم رصده خلال العام الماضى من قبل شركة «ماكرو ميل» اليابانية، أفاد بأن نحو نصف الأزواج اليابانيين العاملين يقومون بـ 20 % فقط أو أقل من الأعمال المنزلية. ورغم تأكيد رئيس الوزراء اليابانى، شينزو آبى، على أهمية المرأة العاملة ودعوته لتمكينها بشكل أكبر فى عملها، إلا أن العديد من أماكن العمل تتخلى عنها بسبب القيود الأسرية، ولذلك فإنه وفقا للبيانات الحكومية تعمل نحو نصف النساء العاملات فى اليابان بنظام الدوام الجزئى أو بعقود مؤقتة، مقارنة بما يقرب من واحد من كل خمسة رجال. وهو ما جعل العديد من الرجال اليابانيين يعتقدون أن عملهم بأجر له الأولوية على وظائف زوجاتهم، تاركين النساء يتحملن معظم الأعمال المنزلية .

واستعرض التقرير تجارب العديد من العائلات اليابانية خلال الوباء، ويروى هيروماسا تسوزاكى،( 39 عاما )، مدير شركة إعلانات توظيف فى طوكيو، أنه لم يسمح له بالعمل من المنزل على الإطلاق. فى حين أن زوجته، يوريكو،( 34 عاما )، كانت تعمل عن بعد أثناء إقامتها فى المنزل لتبقى بجانب طفلها البالغ من العمر خمس سنوات ويقول تسوزاكى: « كنت أتمنى أن تطلب الحكومة من الشركات تشجيع موظفيها بالعمل عن بعد حتى أتمكن من المشاركة فى بعض الأعباء الأسرية «. أما يوشياكى تيراجيما،( 36 عاما)، فعلى الرغم من عمله من المنزل، إلا أنه يشعر بضغط كبير لإثبات مدى كفاءته لأرباب العمل،مما يجعله يمكث ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر الخاص به، بعد أن جعل من غرفة الطعام بمنزله قاعة اجتماعات خاصة بعمله من خلال استخدام تطبيق «فيديو كونفرانس». وبالرغم من ذلك فإنه يعمل على مساعدة زوجته فى رعاية أطفالها الثلاثة ويرى تيراجيما ضرورة مواصلة العمل من المنزل،ويقول : «الآن وقد أمضيت الكثير من الوقت معهم، أشعر أن هذا أمر طبيعى». مضيفا  «أعتقد أننا يمكن أن نأخذ هذا الوضع كفرصة جيدة لتغيير ثقافة العمل بشكل جذرى.»

على الجانب الآخر، يرى العديد من المحللين أن مشاركة الأزواج اليابانيين لزوجاتهم فى مهامهم المنزلية لن تستمر طويلا، حيث تعتبر مسئولية المرأة اليابانية بالدرجة الأولى والأخيرة، فتقول  يويكو فوجيتا، أستاذة علم الاجتماع فى جامعة ميجى اليابانية : «إن اليابان بشكل أساسى، وبالمقارنة مع الدول الأخرى، تفرض الكثير من العمل المنزلى على النساء». مضيفة «لا أعتقد أن المجتمع سيصبح  فجأة مجتمعا متعاطفا مع النساء لمجرد حالة الطوارئ هذه» كما قال لولى ميورا، مدير معهد يامانيكو للأبحاث فى طوكيو: «إنه من غير المحتمل أن يشارك الرجال زوجاتهم فى الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال على قدم المساواة». وتضيف ميورا ناشطة حقوقية : «ينشر معظم أصدقائى على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك الأكلات  التى أعدها أزواجهن، ولكن هذا ليس شيئا شائعا».

ويمكن القول إن أصحاب العمل هم أيضا عقبة رئيسية أمام قيام الأزواج بمساعدة زوجاتهم خاصة أن العمل عن بعد يعد شيئا  نادرا فى اليابان، وعلى وجه التحديد قبل أن تشجع الحكومة الشركات على السماح للموظفين بالعمل من المنزل للمساعدة فى الحد من انتقال الفيروس، فوفقا  لمسح أجرته الحكومة اليابانية فإن عددا كبيرا من العاملين فى اليابان تم السماح لهم للعمل من داخل المنزل، غير أنه مؤخرا ومع تخفيف إجراءات الإغلاق التى اتخذتها العديد من دول العالم سوف يعود الآلاف من الموظفين إلى وظائفهم مرة أخرى. 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق