من جديد عاد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى قفص الاتهام، لكن هذه المرة ليس بسبب قضايا التواطؤ مع روسيا أو ابتزاز أوكرانيا.. أو الصراع مع الصين وإيران، بل بسبب تصريحاته المسيئة ضد السود وسياسته المناهضة للأجانب، ودورها فى إثارة قضية التمييز العنصرى مجددا فى الولايات المتحدة، مما جعل البيت الأبيض فى مرمى نيران المظاهرات الاحتجاجية، ردا على حادثة مقتل جورج فلويد.
تاريخ طويل من العنصرية لبلد الحريات، أبى ترامب ألا يكون جزءا منه بصياغة أسوأ فصوله، خاصة إذا كان الأمر مربحا فى النهاية. فقد وجد فى خطاب الكراهية السلاح الأمثل لوصم الخصوم وإزاحة المنافسين، بل وضمان تأمين قاعدة انتخابية قادرة على قيادته إلى كرسى حكم الدولة العظمى الوحيدة فى عالم اليوم، بل وتحقيق هدف الاستمرار فى القيادة لولاية أخرى جديدة، وهو ما يجعل الأمر يستحق عناء خوض المعارك بالفعل، من أجل الوفاء بالوعود. معركة تلو الأخرى خاضها الرئيس الأمريكى خلال أكثر من 3سنوات منقضية من فترة ولايته الأولى حتى الآن، من أجل تنفيذ مجمل وعوده الانتخابية ذات الصبغة «العنصرية»، تلك التى بدأها بالهجوم على كل ما جاء به سابقه فى الحكم باراك أوباما، ليس لكونه الأسوأ أو أنه يمتلك الأفضل، بل لأن القضية تتعلق بما هو أبعد بكثير، وهى لون بشرة أول رئيس من أصل إفريقى يصل إلى البيت الأبيض، من ثم فهو «غير مؤهل ليكون رئيسا».كذلك، من وجهة نظر الرئيس ترامب، فإن دول إفريقيا هى مجرد «حفر قاذورات» و«أماكن فاشلة تماما ومليئة بالجرائم»، مؤكدا أنه يفضل استقبال «مهاجرين بيض» من دول أوروبا الغربية على غيرهم. وكتب فى تغريدة له يناير 2018: «لماذا يأتينا كل هؤلاء الأشخاص من دول حثالة؟!»، فى إشارة إلى دول إفريقية وهاييتى والسلفادور.
ومن السود إلى اللاتينيين، الذين هم وفقا لترامب أيضا لا يختلفون كثيرا عن بعضهم البعض، خاصة منذ حادثة «فتيان سنترال بارك الخمسة» الشهيرة عام 1989. فهم جميعا لدى ترامب إما «قتلة أو مروجى مخدرات أو سارقين أو مغتصبين»، ولوقف جرائمهم كان الوعد الانتخابى ببناء جدار عازل على طول الحدود مع الجارة المكسيك، ذلك الذى تحول أمر تمويله بعدها لمعركة طويلة بين الرئيس والقضاء والكونجرس، مما تسبب فى أطول فترة إغلاق حكومى جزئى فى تاريخ الولايات المتحدة.
معركة قضائية جديدة خاضها ترامب، والهدف مجددا هو تنفيذ وعد «عنصرى» آخر. لكن هذه المرة، فإن القضية تمس الإسلام والمسلمين، ذلك فى إشارة إلى التهديدات الإرهابية. وفى علاج عاجل للمشكلات، أصدر الرئيس الأمريكى أمره بحظر دخول رعايا ست من الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى أراضى الولايات المتحدة، ذلك خلال الأسبوع الأول لتوليه منصبه فى يناير2017.
وفى يوليو 2019، أجمع الكونجرس الأمريكى على إدانة «عنصرية» الرئيس ترامب بشكل رسمى، عقب تغريداته التى استهدفت 4 نائبات ديمقراطيات ولهجته العدائية تجاه المهاجرين، حيث طالب فيها النائبات اللاتى ينحدرن من أقليات عرقية أو دينية أن «يعدن» إلى بلدانهن التى أتين منها، بينما وصف المهاجرين وطالبى اللجوء بـ «الغزاة».وعلى الرغم من ذلك، فإن ترامب لا يرى أنه عنصرى ذلك فيما أن الواقع هو ما يشير إلى العكس تماما، فهو أكثر الرؤساء عنصرية فى تاريخ البلاد.
رابط دائم: