رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الإجازة الصيفية للأبناء فى ظل «كورونا»..
العلماء: تربية العقول بالحوار والقراءة.. و«الترفيه المنزلى» ضرورة

تحقيق ــ حسنى كمال ــ جيهان إمام

ينتظر الأبناء الإجازة الصيفية من أجل اللعب واللهو والترويح عن النفس عبر الرحلات والزيارات المتنوعة ولقاءات الأصدقاء بالنادى والشارع والمناسبات الاجتماعية السعيدة، والسفر إلى إحدى المدن الساحلية لقضاء أيام عدة فى المصيف.. لكن الصيف هذا العام يأتى، وقد ألزمت جائحة «كورونا» الجميع بالمكوث فى منازلهم، خاصة الأطفال، فكيف يمكنهم قضاء الإجازة الصيفية فى هذه الظروف الاستثنائية؟

فى البداية يوضح الدكتور نبيل السمالوطى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر أن استمرار البقاء بالمنازل أصبح أمرا يدعو إلى الملل بالنسبة للأطفال، لاسيما مع قدوم الإجازة الصيفية التى ينتظرها الأبناء طوال العام للعب والترفيه، ومن هنا كان من الواجب على المشتغلين بعلوم الاجتماع وعلم النفس والانسان أن يبحثوا عن أساليب نافعة وفعالة لقضاء الأولاد عطلاتهم فى المنازل، ولعل من الاقتراحات المناسة فى هذا الظرف: إطلاق طاقات الأطفال الفكرية من خلال تنمية الحوار والمناقشة مع الآباء فى مشكلاتهم الحياتية التى يعانون منها وأساليب مواجهتها وأيضا فى الأمور العامة التى تقع فى إمكان قدراتهم الاستيعابية، كشئون البيت واختيارهم المأكل والمشرب وشئون المجتمع والمدرسة وكل ما يحيط بهم، وهذا ينمى لديهم قدرات مهمة مثل حرية الرأى والقدرة على التعبير وإدارة الحوار.

كما أن على الآباء أن ينموا لدى أطفالهم الهوايات التى يميلون إليها حسب ظروف وقدرات كل طفل، كالرسم والموسيقى والتصوير.. بالإضافة إلى تعزيز ولاء الأطفال لكل من: الدين والأسرة والوطن، ويمكن الاستعانة فى ذلك بقنوات تليفزيونية هادفة بما يعزز الانتماء لهذه العناصر الثلاثة.

برنامج ثابت

ويرى الدكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر أن الطفل فى الظروف الحالية يحتاج إلى عناية مضاعفة، إذ أصبح لا يذهب إلى النادى أو أماكن الترفيه التى أعتاد عليها ويشعر بالملل والضيق والوحشة، وربما تكثر مشكلاته مع أخوته ووالديه فى صورة عنف أو مكايدة أو تنمر أو عناد، وهذا يستدعى أن يكون للطفل برنامج يومى يقترب كثيرا من برنامجه قبل توقف الدراسة والعزل، بمعنى أن ينام ويستيقظ فى نفس المواعيد المعتادة، وأن يكون له نشاط ثقافى منزلى يتناوب مع أوقات اللعب والترفيه، وأن تتفنن كل أسرة فى ملء فراغات اليوم بأنشطة مشتركة يشعر معها الطفل أنه مشغول فى شيء محبب إليه كالرسم والتلوين والموسيقى والرياضة والصلاة فى جماعة مع بقية أفراد الأسرة، مع الحرص على توفير وسائل التسلية والترفيه المفيدة، وإذا كان فى البيت حديقة يخرج إليها ويتنزه فيها وإن لم يكن متاحا يصعد مع الأسرة إلى سطح المنزل، أو يجلس مع أفراد الأسرة فى «البلكونة»، وربما يتبادل الحديث مع أطفال الجيران، المهم أن نعرض الطفل ـ كلما أمكن ـ لمكان مفتوح ويا حبذا لو كان يتسع للعب فيه، كما نحرص على أن يعيش الأطفال فى كنف أسرى يشعر فيه بالأمان، واذا كانت هناك مشكلات أو صراعات بين الوالدين فعليهما التعامل بحكمة وان لم يتمكنا من حل خلافاتهما فعلى الأقل يؤجلانها إلى ما بعد الأزمة، كما يجب عليهما التحلى بالهدوء ولا تبدو عليهما علامات الهلع، وأن يشرحا للأولاد هذا المرض وسبل الوقاية منه وكيف يكون الأمر حال إصابة أحدهم.

كما يجب أيضا أن نحافظ على برنامج يومى ثابت للأسرة بحيث تتنوع الأنشطة (دراسية، ترفيهية، رياضية، دينية، ثقافية، فنية ....) والكل يشارك فيه، بأن نسمح للأطفال والمراهقين بالتعبير عن مشاعرهم تجاه الظروف الحالية، ونطمئنهم بأن مشاعرهم مقبولة ومنطقية ثم نساعدهم على تحمل هذه المشاعر واحتوائها ونقدم لهم بعض المساعدات التى تمكنهم من ذلك، وايضا نناقش معهم بعض المعلومات المغلوطة أو المشوهة حول وباء ومرض كورونا، حيث يوجد شائعات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعى وقد تثير الرعب فى نفوسهم.

وأخيرا علينا أن نراقب سلوكنا كأبوين أمام أطفالنا فنحن نشكل مفاتيح لأفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم، فاذا احتفظنا بهدوئنا وتوازننا أمامهم فان هذا يساعدهم على الاحتفاظ بتوازنهم. فى السياق نفسه يشير الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم العميد الأسبق لكلية أصول الدين بأسيوط إلى أهمية استغلال وقت الأطفال والشباب بالمفيد، بأن نبين لهم أهمية وقت الفراغ وأنه نعمة من الله تعالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ)، أيضا نعطيهم فكرة أن هذا الوقت يجب استغلاله استغلالا حسنا فقديما قالوا (الواجبات أكثر من الأوقات) فاحرص على ألا يضيع الوقت فيما لا فائدة منه، وأيضا نعلم أبناءنا أن (نفسك ان لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل)، وأيضا يراعى رب الأسرة مع أولاده المحافظة على الأذكار والصلوات فى أوقاتها والاستعداد لها قبل دخولها حتى تحل البركة على البيت وأهله، وأن يشغلهم بحفظ ما يستطيعون من القرآن ويرتب لهم على ذلك جوائز تشجيعية.

ويختتم مرزوق حديثه مؤكدا أهمية تدريب الأبناء على استخدام التكنولوجيا واستخراج المعلومات عبرها، خاصة فى ظل الاتجاه إلى التوسع فى التعليم الرقمى عبر المنصات التعليمية الرقمية.

وطالب الدكتور عبدالغنى الغريب طه، رئيس قسم الفلسفة والعقيدة، بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر، الأم بأن تراعى نفسية ولدها، خاصة أن أبواب اللهو أمامه أصبحت ضيقة، بل منعدمة، وأصبح البيت بالنسبة له هو المدرسة، والنادي، والصديق، وكل شيء.

ويشير إلى أن مسئولية الآباء تجاه أبنائهم فى هذا التوقيت زادت أكثر مما سبق، لذا فعلى الآباء تنظيم أوقات أطفالهم، ووضع برنامج محدد يتبعونه خلال فترة البقاء بالمنزل، مع الحرص على التواصل معهم، وعدم تركهم فترات طويلة رهينة للألعاب الإلكترونية، وحبذا لو تم تشجيع الأبناء على القراءة، بأن يكلف كل واحد من أفراد الأسرة بقراءة فصل من أحد الكتب، والجلوس معا للاستماع ومناقشة الأبناء فى ما فهموه، فالجانب الثقافى مهم فى حياة الأبناء بما يحمله من مبادئ وأفكار، فالطفل الذى يراد له أن يكون إنسانا سويا لابد له من ثقافة ومعرفة يتلقاها فى صغره حتى يكبر عليها.

التسلية والترويح

ويوضح الغريب أن الترويح والتسلية واللهو من وسائل التنشئة السليمة، لذا فلابد من التوسع فى توفير وسائل الترفيه الهادفة بالمنزل بما يتواءم وميول الطفل واحتياجاته، فالطفل فى حاجة إلى أن يُروح عن نفسه من عناء التعب والضيق النفسي، وتعويضه عما يعانيه من حرمان نفسى بسبب الوباء. وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية الترفيه عن النفس بقوله حكاية عن قول إخوة يوسف: «أرسله معنا غدا يرتع ويلعب». كما يمكن للأم أن تعلم أولادها بعض المهارات الحياتية التى تساعدهم فى حياتهم المستقبلية، كالدقة والنظام واحترام المواعيد والمحافظة على البيئة، وغير ذلك. بالإضافة إلى غرس الأعمال الفنية فى الأبناء لتنمية مواهبهم، بالاستعانة بالمكونات الموجودة فى المنزل مثل: الأوراق، والقماش، والخرز، وتشجيع الأبناء على صنع لوحات محببة لهم. ومن المهم أن تقوم الأم بممارسة الأنشطة مع أولادها دون عجلة أو عصبية، وألا تشعرهم أن الأنشطة المنزلية تضييع للوقت.

الإعلام الإثرائي

ويلفت الدكتور مختار يونس، أستاذ إعلام الطفل، بالمعهد العالى للسينما، إلى أهمية الدور الإرشادى للإعلام الخاص بالطفل، مشيرا إلى أن الخلايا العصبية لمخ الطفل مثل قطعة الإسفنج التى تمتص كل ما يقدم لها من معلومات، وهنا يأتى دور الإعلام «الإثرائي» بلغات وقوالب اقوى وأحب الفنون المختارة من الفنون التعبيرية السبعة باعتبار هذه الفنون هى التى تمتلك أكثر أدوات «الإثراء» والأكثر حبا وتأثيرا فى الطفل لتعديل السلوك وتغيير الاتجاه.

ويتابع د.مختار أن محنة كورونا تتطلب منا إعلاما تربويا إثرائيا مرتكزا ومنطلقا من فلسفة الضحك، التى تتناسب مع أزمات وآثار ما بعد النكبات إذ يكون للإعلام دور أساسى فى رسم الابتسامة باستمرار على وجه الاطفال، إذ يتوقف نجاح إعلام الطفل فى هذه المحنة التى نعيشها مع «كورونا» على قدر ما يحققه من مفارقات كوميدية لجميع أطفالنا، سواء كان الإعلام مدونا إلكترونيا أو مرئيا أو مسموعا أو مقروءا، وهو ما يقتضى أهمية وضرورة الإعداد الأكاديمى والتأهيل اللازم لفنان عليه كتابة وتقديم رسائل التربية الإثرائية لخصائص نمو الطفل (بما يحقق متعة التعليم ومتعة التربية) إلى جانب رسائل توجيه وإرشاد الأم بلغات وقوالب الفنون التعبيرية باعتبار أن الإعلام الإثرائى بمنزلة المدرسة الوجدانية الموازية والمترجمة للتعليم بالمدرسة الرسمية.

ويختتم بالقول إن التركيز على تربية «الوجدان» وتربية «العقل» هو السبيل لخطة التنمية الشاملة 2020 ـ 2030. لتصبح تربية الانفعالات والعواطف والمشاعر والأحاسيس سبيلا لتربية العقل، وهى التربية التى غابت عن مناهجنا المدرسية وأبحاثنا العلمية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق